رحيل هائل اليوسفي مبدع «حكم العدالة»

شيعت دمشق مبدع المسلسل الإذاعي الأشهر في دمشق "حكم العدالة" المحامي الكاتب هائل اليوسفي، عن عمر بلغ ثمانين عاماً، وذلك بهدوء لا يشبه الصخب الذي كان يحدثه برنامجه في شوارع دمشق عند الواحدة والنصف ظهر كل ثلاثاء.
البرنامج الذي بلغ عمره خمسة وثلاثين عاماً، اشتهر فيه ثلاثة أسماء هما رجلا الأمن الرائد هشام والمساعد جميل، وثالثهما الراحل اليوسفي. والأسماء الثلاثة ظلت الثابت الوحيد في المسلسل الإذاعي، في وقت تغيرت فيه أسماء مخرجيه والممثلين فيه. وخلال هذه الفترة قدم اليوسفي خلاصة تجربته القانونية والإعلامية، معتمداً على ملفات القضاء السوري، في صياغة تمثيليات إذاعية، بلغ عددها آلاف الحلقات، تناول المحامي الراحل في كل حلقة منها حكاية قضية جنائية واقعية، مستعرضاً دوافع الجريمة وطرق تنفيذها وأسلوب كشفها، ضمن سياق درامي ممتع ومسل، وبعيد عن التنظير.
ولعل امتياز حلقات "حكم العدالة" يكمن في تلك الوصفة المتوزانة التي جمعت بين التسلية والتشويق والرسالة التوجيهية في آن. حتى صار المسلسل الإذاعي حديث الناس، وصارت كل قضية تشغل بال الرأي العام، موضوعاً لحلقة يترقبونها من اليوسفي، ولعل ثقة الناس به عززت مكانة البرنامج واسم صاحبه بين الناس، وهي ثقة استحوذ عليها اليوسفي بصياغته للجرائم المتناولة بأسلوب أقرب للناس وأكثر احتراما لعقولهم. وبالإضافة إلى تقديمه الحلقات باللهجة المحكية، قدّم شخوصه ولا سيما رجال الأمن بواقعية شديدة. فكما كان الرائد هشام والطبيب الشرعي يجسدان الجانب العقلاني والعلمي في كشف الجريمة، كانت شخصية المساعد جميل، تجسيدا لرجل الأمن القاسي الذي يؤمن بالعصا وحدها كأسلوب لانتزاع الاعترافات من المتهمين.
وعلى هذا النحو لم ينجح فقط الراحل اليوسفي في كسب ثقة المستمعين، بل استطاع أن يتجاوز الصياغات الأجنبية للبرامج والمسلسلات الشبيهة عبر نسخة ناجحة، كانت كفيلة بعد 28 سنة من تقديم البرنامج الإذاعي، بإغراء الدراما التلفزيونية لاستعارة العمل بكامل تفاصيله، وشخوصه، لتجسيده في مسلسل تلفزيوني من تأليف اليوسفي نفسه، وكتب السيناريو والحوار له "نور الشيشكلي ورانيا البيطار"، تحت عنوان "وجه العدالة". وقد جسد فيها شخصية الرائد هشام الفنان سامر المصري، وشخصية المساعد جميل الفنان جرجس جبارة.
عمل الراحل اليوسفي في الإذاعة من خلال برامج قانونية، كما رصد حكايات "حكم العدالة" في كتاب من ثلاثة أجزاء حملت اسم البرنامج ذاته، فضلاً عن مشاركته في كتابة زوايا صحافية في الصحافة السورية.
شام نيوز - السفير