ردود فعل ساخرة بعد منح نوبل للسلام للاتحاد الأوروبي وبريطانيا تعلن امتعاضها

أشارت مجلة التايم الأميركية الى أنه وبمجرد تسريب الخبر من جانب محطة إن آر كي النرويجية قبل الإعلان الرسمي بـ 30 دقيقة، اكتظ موقع تويتر للتدوين المصغر بكثير من التعليقات الساخرة، حيث ذهب البعض إلى القول إن اللجنة ربما أرادت تكريم الاتحاد الأوروبي في الجانب الاقتصادي، فيما تكهن آخرون بأن تقوم ألمانيا بتجميع القيمة المالية الخاصة بالجائزة، والتي تزيد على مليون دولار، وأن ترفض تقاسمها مع اليونان».

مع هذا، فقد أشارت المجلة إلى أن مهمة اختيار الفائز بجائزة نوبل للسلام ليست بالمهمة السهلة، خاصة أن اللجنة كان عليها هذا العام أن تختار من بين 188 فردا و43 منظمة. وقد مالوا إلى اختيار الاتحاد الأوروبي، كما أوضحوا، بسبب مساهماته على مدار 6 عقود في دفع السلام والمصالحة والديموقراطية وحقوق الإنسان داخل القارة العجوز.

غير أن الانتقادات قد تركزت في الأساس على عنصر التوقيت، حيث حصل الاتحاد على تلك الجائزة في وقت يشهد سجالا بين كريستين لاغارد، وزيرة المالية الفرنسية السابقة والرئيس الحالي لصندوق النقد الدولي، وبين وزير المالية الألماني، فولفغانغ شويبله، بشأن طرق معالجة المشكلات الخاصة بمنطقة اليورو.

هذا إلى جانب النتيجة التي أظهرتها استطلاعات للرأي أجريت في دول الاتحاد الأوروبي، البالغ عددها 27 دولة، وهي أن الدعم الذي يحظى به الاتحاد ماض إلى تراجع.

على صعيد متصل، أشار تقرير نشرته صحيفة النيويورك تايمز الأميركية بهذا الخصوص إلى أن منح الجائزة للاتحاد الأوروبي قد تسبب في فتح خطوط صدع في المشهد السياسي الداخلي في النرويج، وطرح تساؤلا حساسا متعلقا بالسبب الذي يقف وراء رفض البلاد مرتين الانضمام إلى ذلك الاتحاد الذي يضم في عضويته 27 دولة.

وأضافت الصحيفة أن ثوربيورن ياغلاند، رئيس وزراء النرويج السابق، الذي يترأس لجنة نوبل، سبق له أن خاض آخر محاولة لإلحاق بلاده بالاتحاد الأوروبي في العام 1994، لكن الناخبين النرويجيين رفضوا تلك الفكرة آنذاك. وقد واجه انتقادات يوم الجمعة بأنه ينخرط في عالم السياسة من خلال تكريمه الاتحاد الأوروبي.

ونقلت النيويورك تايمز في هذا الصدد عن أودون ليسباكين، زعيم الحزب الاشتراكي اليساري، قوله: «أعتقد أن الجائزة قد تم توجيهها وفقا لدوافع سياسية داخلية». وعلى الصعيد نفسه، فإن الحقيقة التي لا تخفى على أحد هي أن بريطانيا ـ سواء الرسمية أو غيرها ـ على درجة عالية من الامتعاض إزاء فوز الاتحاد الأوروبي بجائزة «نوبل» للسلام. ليس هذا وحسب، بل من الواضح أنها تسعى بشتى السبل إلى أن يكون هذا الامتعاض واضحا لا مراء فيه لكل من يهمه الأمر. وأجمعت وسائل الإعلام والمحللون في بريطانيا تقريبا على أن الجائزة التي قصد منها أيضا تسليط الضوء على نوع السلام الذي تتمتع به أوروبا، إنما فعلت العكس، لأنها أبرزت خلافاتها الآنية الحادة، ولهذا وصفت في الأروقة السياسية هنا بأنها «هزلية ومدعاة للسخرية». وكان مما قاله رئيس لجنة الجائزة، ثوربيورن ياغلاند، وهو يعلن قرارها إشادته بترقية الاتحاد الأوروبي للسلام في القارة «عبر أكثر من 60 عاما، بحيث صار من المستحيل مثلا الخوف الآن من حرب بين ألمانيا وفرنسا ـ الشريكتين الآن ـ بعدما خاضتا 3 حروب في 70 عاما».

وأشاد ياغلاند بتوسع الاتحاد التدريجي، خاصة بعد سقوط حائط برلين، فقال إنه صار العامل الأساسي في ردم الهوة العميقة بين شرق القارة وغربها، وتسوية الصراعات الوطنية الناشئة عن اختلاف الأعراق.

وقال في هذا الصدد إن فتح باب عضويته لكرواتيا في العام المقبل، ثم صربيا والجبل الأسود في السنوات القليلة المقبلة، سيعزز أيضا ساعده القوية أصلا.

لكن كل هذا لم يمنع المجاهرة بأن تبرير لجنة نوبل للسلام تنسفه على الأقل أحداث الأيام القليلة الماضية، التي شهدت مظاهرات صاخبة في أثينا، خلال زيارة المستشارة الألمانية، فخرجوا في الزي النازي (سخرية)، وأحرقوا علم ألمانيا النازية للاحتجاج على مآل وطنهم في ظل أزمة اليورو والديون والتقشف القاتل. وبينما قالت لجنة نوبل النرويجية إن أزمة اليورو «ساعدت على تسليط الضوء على دور الاتحاد التاريخي»، اتجه المتهكمون في بريطانيا إلى السخرية، قائلين إنهم مندهشون، لأن الاتحاد لم يحصل على «نوبل الاقتصادية». ويذكر أن الاتحاد الأوروبي فاز بالجائزة دون 230 مرشحا آخرين، بمن فيهم معارضون وزعماء دينيون روس يعملون من أجل تصالح المسيحيين والمسلمين. لكن رد الفعل البريطاني كان هو النشاز في هذا الكورال السعيد.

فقال اللورد لامونت ـ وزير الخزانة في عهد مارغريت تاتشر: «فوز الاتحاد الأوروبي بجائزة نوبل للسلام في وقت يخرج فيه اليونانيون بالزي النازي لاستقبال المستشارة الألمانية يحيل المسألة برمتها الى مهزلة عبثية. وكما قال أوسكار وايلد، وهو يصف موت ليتيل نيل: «يلزم للمرء قلب من حجر حتى يتفادى الوفاة من شدة الضحك». ومضى يقول: «هذا هو القرار الأكثر عبثية منذ منح الجائزة نفسها لباراك أوباما وعهده في الرئاسة لم يتجاوز دقيقتين. إن لم تجد اللجنة من تقدم إليه هذه الجائزة، فحري بها أن تحجبها.. هذا أكرم لها وللجميع».