رسالة من بين الأحزاب

ديانا جبور.بلدنا
مع كلّ مطلع شمسٍ تزداد شراسة الحرب على، وفي، سورية ويرتفع منسوب الدم، يقابله جزْر يجرف معه بقايا العقل والعمل السياسي والسلمي..
أجواء كابوسية أخاف أن تلفّ نهاراتنا، بعد أن عمّقت حلكة ليالينا، إذا ما انطفأ الشعور بأهميّة العمل الحزبي كشكل من أشكال الحياة المدنيّة المنشودة، وهنا أعوّل، أكثر ما أعوّل، على حزب البعث، لأنّه الأكبر والأكثر تمتعاً بهامش العلنيّة وحرية العمل والتحرك، وأخاف، بالتالي، أن يكون التأجيل المعلن للمؤتمر القطري ترحيلاً مضمراً للمسؤوليات والاستحقاقات.
لست حزبية، وأعني بالكلمة أنّني لست بعثيّة، فقد استأثر حزب البعث بالحياة الحزبيّة إلى درجة أنّ السؤال عمّا إذا كنت حزبياً، كان، ولا يزال، يعني ضمناً السؤال عمّا إذا كنت بعثياً.. أقول إنني لست حزبية بالمعنيين البعثي والحزبي العام، فأنا لم أنتسب في حياتي إلى حزب أو تنظيم، لكنّ هذا لا يلغي حقّي في توجيه رسالة إلى أعضائه بضرورة الإسراع في عقد مؤتمرهم، وإنجاز مهامهم، وتطويق محاولات التلطي وراء الذريعة الأمنية لترحيل لحظة الحساب إلى زمان يستحيل معه التمييز بين الصح والخطأ، بين الظلمة والنور..
ما تقدّم ليس طلباً؛ بل مطالبة؛ لأنّ حزب البعث شكّل أهم المحطات المفوّتة في حياة أيّ واحد آثرَ الاستقلالية على الانضواء تحت لواء حزب، فقد جوبه في حياته العملية إمّا بالاستغراب والازدراء وإمّا بالإدانة والإقصاء، وربما التخوين، ممّن هم أضعف مهنياً، وأعلى وظيفياً، ما يستلّ منهم عناصر القوة ويزوّدهم بأدوات عنيفة.
لا يزال هناك أمل في فكّ حالة الاستعصاء والاستقطاب الحاد. لا تزال هناك سانحة للعودة عن الهمجية، إذا ما انخرط الناس في حياة سياسية حقيقية، وهذه لن تبدأ بزخم يزيل ما لحق بنا من آثام قبل أن يعقد "البعث" مؤتمره، فعلى مقرراته يعلّق عشرات الألوف مشاركاتهم في الحياة السياسية القادمة في سورية، والانخراط في أحزابها الجديدة، فمنها سيأتيهم الردّ الحاسم عن سؤال الوجود من عدمه: هل سيكونون وقود جبهة تقدّمية جديدة أم قادة أحزاب متنافسة ومتساوية؟