ركود إعلاني ما بعد رمضان ....و ثقافة " الدكنجي " مسيطرة على السوق الإعلاني

 

هاني موعد - شام نيوز

عاد الركود الإعلاني إلى سوق الإعلانات السورية بعد انتهاء شهر رمضان المبارك و الذي شهد كالعادة الإقبال الكثيف من المعلنين على الوسائل الاعلامية بمختلف أنواعها ، هذا و قد احتلت الوسائل الاعلامية المرئية الصدارة من ناحية الكم و المردود الإعلاني خلال شهر رمضان من بين الوسائل الاعلامية الأخرى ، و وفق الوكالات الإعلانية فان نسب الإعلانات التلفزيونية وصلت ل 50-60% من نسب الإعلانات كافة في سورية و جاءت بعدها الإعلانات الطرقية و من ثم الإذاعات و الصحف و المجلات أما الإعلانات على المواقع الالكترونية فجاءت في المرتبة الأخيرة و بنسبة ضئيلة جدا.

 

و قدرت بعض المصادر ان الإنفاق الكلي للإعلانات خلال شهر رمضان وصل الى ما يقارب 4 مليون دولار بينما يتراوح الإنفاق الإعلاني السنوي في سورية بين 150 – 160 مليون دولار أمريكي ، و لا تتجاوز نسبة الإنفاق الإعلاني للفرد الواحد خمسة دولار أمريكي بشكل عام.

 

إلا أن السوق الإعلاني خلال شهر رمضان شهد انخفاضا ما يقارب 10% مقارنة بالأعوام السابقة وفق بعض وكالات الإعلانات فصاحبة وكالة لمى للإعلان لمى قنوت أرجعت ذلك لعوامل اقتصادية و قالت لشام نيوز " بعض المعلنين الذين كانوا يضعون الإعلان الأعوام الماضية لم يحددوا مصاريف إعلانية لهذا العام و ذلك لارتباط منتجاتهم مثلا بفصل الشتاء و لا تناسب فصل الصيف و هناك معلنين لم يضعوا مصاريف إعلانية لأسباب اقتصادية ."

 

و يتفق معاون مدير الوكالة السورية للإعلان نوري خربوطلي مع قنوت بخصوص تراجع حجم الإنفاق الإعلاني خلال شهر رمضان لهذا العام و لكنه يرجعه إلى  التنافس الشديد بين القنوات الفضائية و يقول " نسبة الواردات الإعلانية للتلفزيون السوري لهذا العام كانت أقل من العام الماضي بسبب المنافسة الشديدة بين الفضائيات و خاصة مع تلفزيون الدنيا الذي قدم حسومات إعلانية مما يدفعنا للقول ان تلفزيون الدنيا احتل الصدارة من ناحية الكم الإعلاني و لكن من ناحية المردود الإعلاني فانه يتساوى مع التلفزيون السوري أو يقل عنه ."

 

و يضيف خربوطلي " النشرات الإعلانية في التلفزيون السوري خلال وقت الذروة كانت تتراوح بحدود 20 الف ليرة ل 30 ثانية بينما كانت و وفق ما قال لي بعض المعلنين 7 الاف ليرة ل 30 ثانية في تلفزيون الدنيا ". و تداركا للعروض التي قدمها تلفزيون الدنيا قامت المؤسسة العربية للإعلان بتقديم عرض أسعار جديد لقنوات التلفزيون السوري و لكن بعد منتصف رمضان حيث كانت المصاريف الإعلانية قد دفعت و تم تحجز المساحات الإعلانية وفق ما قالته قنوت لشام نيوز.

 

و بالنسبة لتصنيف الشركات المعلنة خلال شهر رمضان ، احتلت شركات الاتصالات الصدارة و بعدها جاءت وكالات السيارات ثم المنتجات المنزلية الكهربائية و المواد الغذائية وفق وكالات الإعلان و وصل إنفاق شركة لتصنيع مواد غذائية 8 ملايين ليرة و مليوني ليرة لشركة تصنيع المحارم و تعتبر هذه الأرقام بسيطة أمام إنفاق الشركات الكبرى للمصاريف الإعلانية في بلاد الجوار كلبنان أو الأردن.

 

ركود بعد رمضان ...و المواقع الالكترونية خارج السرب

 

حل الركود الإعلاني بعد انتهاء شهر رمضان في الوسائل الاعلامية و خاصة المرئي منها حيث هبطت قيمة الإنفاق الإعلاني إلى ما يقارب 70 % مما كان عليه في شهر رمضان و تربط قنوت ذلك بضعف ثقافة المعلن بشكل عام و الذي يربط نسب المشاهدة العالية فقط برمضان و بنفس الوقت تقول أن المعلن يكون لديه حق و ذلك لعدم وجود برامج قوية و جاذبة كبرامج talk shows الجريئة و التي ينتظرها المشاهد بالإضافة إلى ضعف البرامج الترفيهية و التي تكون دائما جاذب مهم للمعلنين و تقول " ضعف البرامج التلفزيونية و تكرار المسلسلات على القنوات السورية ان كانت حكومية او خاصة يضعف من رغبة المعلن بوضع إعلانه على تلك القنوات و خاصة بعدم وجود إحصاءات واضحة و صحيحة حول نسب المشاهدة خارج أو داخل رمضان". و تضيف أن ثقافة " الدكنجي  " عند المعلن السوري و الذي يضع مصاريف إعلانية او لا يضعها وفق مزاجه مسيطرة على السوق العلانية و هي سبب رئيسي من أسباب ضعف الإنفاق الإعلاني في سورية مقارنة مثلا بمصر.

 

أما خربوطلي فأنه يرجع ضعف الإنفاق الإعلاني الى ضعف ثقافة الإعلان بشكل عام في السوق السورية و يرى أنه على كل مؤسسة أن تضع ميزانية إعلانية تقدر ب 20% من ميزانيتها لأهمية صناعة الإعلان بالنسبة لأي منتج مهما كان نوعه ، و يضيف أن السوق الإعلانية السورية بحاجة إلى ضبط أكثر من ناحية تنظيم الشركات الإعلانية و الأسعار و عدم كسرها بين المؤسسات الإعلامية و المضاربة على الغير لأن ذلك سيؤثر على العمولة التي ستحصل عليها الوكالة الإعلانية و جودة الإنتاج الإعلاني.

 

و تأتي الإعلانات الطرقية في مقدمة الوسائل التي يختارها المعلن خارج شهر رمضان الكريم  و من ثم إعلانات الصحف و المجلات و بعدها الإذاعات و بالمرتبة الأخيرة التلفزيون أما المواقع الالكترونية فأنها لا تدخل في حسابات المعلن السوري لان الأرقام التي يحققها الإنفاق الإعلاني فيها بسيطة جدا مقارنة بغيرها من الوسائل و مقارنة بالإنفاق الإعلاني للدول العربية فيها ان لم نبتعد كثرا ، و يرجع وكلاء الإعلان ذلك الضعف الى أسباب تتعلق بضعف شبكة الانترنت بشكل عام في سورية و ضعف ثقافة الإطلاع و متابعة الأخبار على المواقع الالكترونية السورية على الرغم من أن المواقع الالكترونية من أكثر الوسائل الإعلامية التي يستطيع من خلالها المعلن أن يحصل على رجع الصدى من الإعلان الذي وضعه في أي موقع من خلال سهولة الحصول على عدد زوار ذلك الموقع.

 

و يقول رجل الأعمال نوري الحبال و هو مالك لمعمل آيس كريم ومعمل لصناعة شماخ انه يملك ثقة كبيرة تجاه الإعلان التلفزيوني أكثر من غيره إلا انه لا يضع إعلانات تلفزيونية إلا بشهر رمضان و ذلك لتأكده من أن النسب المشاهدة تكون كبيرة خلال الشهر الفضيل و يضيف " هذا العام طلب التلفزيون السوري تسعيرة مرتفعة للإعلان عبره على الرغم من الأزمة الاقتصادية التي يمر بها الكثير من الصناعيين و رجال الأعمال حيث أن الكثير قلل من النفقات بشكل عام و المنافسة الجديدة التي تشهدها الأسواق السورية ، هذه الأسعار غير مبررة لان التلفزيون يستطيع تعويض أرباحه إذا قام بتخفيض أسعار إعلاناته من خلال زيادة عددها."

 

 

اذاعات " البسطة " تكسر الأسعار

 

منافسة شديدة باتت تشهدها الإذاعات السورية الخاصة وكسر للأسعار فيما بينها و كانت شام نيوز في تحقيق سابق قد التقت ببعض القائمين على تلك الإذاعات الذين عبروا عن استيائهم من تصرف بعض الإذاعات الصغيرة تجاه كسر الأسعار و المضاربة على الآخرين ، لينا شواف مديرة برامج ارابيسك و خالد اسماعيل مدير برامج اذاعة سورية الغد طالبوا حينها المؤسسة العربية للإعلان بالتدخل بوضع تعريفة معينة للإعلان الإذاعي الا ان سامر يوسف مدير و صاحب اذاعة شام اف ام اعتبر أن المعلن الجيد هو الذي يأتي الى الإذاعة الجيدة و السوق عرض و طلب ، أما قنوت فوصفت تلك الإذاعات التي تقوم بكسر الأسعار " بالبسطة التي تقوم آخر النهار ببيع ما تبقى عندها من بضاعة للتخلص منها " و تقول " هناك فوضى شديدة بالسوق الإعلاني الإذاعي ، فمثلا هناك إذاعات تبث من غرفة صغيرة و لا يوجد فيها كادر و ما هي إلا عبارة عن playlist  تقوم بتقديم عروض متدنية جدا و هذا يضر الجميع وليس من واجب المؤسسة العربية للإعلان أن تضع تسعيرة للإعلانات و هذا أصلا ليس موجود في دول العالم أن يكون هناك تسعيرة للإعلان و لكن على الإذاعات الخاصة أن تجتمع و أن تضع اتفاق أدبي بينها بالنسبة للأسعار و السوق عرض و طلب و لكن يجب إيقاف تلك الفوضى ".

 

و من جانبه يقول خربوطلي أن الإعلانات في الإذاعات تكثر صيفا و تقل شتاءا و ذلك بسبب قصر النهار باعتبار أنه لدى المعلن فكرة أن السوري لا يستمع للإذاعة إلا في السيارة أو في الطريق و هذه فكرة خاطئة و يذكر خربوطلي الإذاعات المتصدرة من ناحية الإعلانات دون ترتيب : صوت الشباب – شام اف ام – المدينة – و ارابيسك .

 

المؤسسة العربية للإعلان ناظمة لإعلانات مؤسسات الدولة فقط

 

نشير الى أن أن المؤسسة العربية للإعلان تحصل على عمولة من الإعلانات المنشورة في وسائل الإعلام والإعلان في القطاعين العام والخاص بمقدار 20 % من أجور النشر و عملا بقانون المطبوعات رقم 50 عام 2001 ودعما للمطبوعات الحديثة لتتمكن من دخول السوق والمنافسة خفضت نسبة العمولة على هذه المطبوعات واعتمدت نظام الشرائح بحيث تتراوح قيمة العمولة بين 5 إلى15 بالمئة من أجور النشر التي تتراوح بين 200 وأكثر من 400 الف ليرة.

 

و يتراوح أجر نشر الإعلان في الصحف المحلية بين 300 الى 600 ليرة سورية ل سم/ عمود وحسب موقعه في الصحيفة في حين سعر حيز البث الفضائي في القنوات التلفزيونية الرسمية وفي أوقات الذروة لكل 30 ثانية 20 ألف ليرة في قناتي الفضائية و دراما و 15 ألفا في الأولى .

 

أما في الأوقات العادية خارج الذروة فتبلغ 12 ألفا في الفضائية ودراما و 9 آلاف في الأولى أما في الإذاعة فان أجر البث الإعلاني ل 30 ثانية هو 600 ليرة وفيما يتعلق بالمطبوعات الخاصة والإعلانات الطرقية لها الحرية في وضع التعريفات وبناء عليها يتم احتساب عمولة المؤسسة.

 

و يبقى السوق الاعلاني السوري تحكمه ثقافة المعلن و نظرته الى الأمور دون وجود دراسات حقيقية عن واقع سوق الإعلان في سورية و الذي بدوره يتأثر سلبا وفق بعض المحللين الاقتصاديين بانخفاض دخل الفرد وضعف القدرة الشرائية في البلاد.