"رمان السوسة" حلاوة في الشكل واللون والطعم

"رمان السوسة" حلاوة في الشكل واللون والطعم

مالك الجاسم - شام إف إم

عندما تدخل أسواق الخضار والفواكه بدير الزور يشدك صوت الباعة "رمان السوسة" ويصبح لأي شخص فضول لمعرفة هذا النوع من الرمان، وحتى عندما سألنا كبار السن وأهل المنطقة كانت الإجابة "من سمع ليس كمن ذاق". وفي هذه المادة نكشف أسرار "رمان السوسة" والذي كان حاضراً في الأغاني التراثية الديرية القديمة وفي مطلع الأغنية "خذك رمان السوسة وتمر الحلة" وفي هذا تعبير حقيقي عن حلاوة الشكل والمضمون.

وبلدة "السوسة" قريبة من مدينة البوكمال على الجهة الشرقية لمحافظة دير الزور، وهذه البلدة باتت مشهورة ولها حضورها المحلي والعربي وحتى العالمي بفضل رمانها والذي يتميز بطعمه الحلو.

وبحسب المعلومات التي حصلنا عليها من خلال البحث والتقصي فإن هذا النوع من الرمان لا تنجح زراعته إلا في بلدة "السوسة"، وحاول عدد من المزارعين نقل زراعته إلى مناطق أخرى، ولكنهم لم ينجحوا في ذلك لأن هناك علاقة بنوعية التربة في هذه البلدة، إضافة إلى الجو الذي يناسب نجاح زراعته، ومنها: الجو الحار، والتربة الطينية التي تتمتع بها بلدة "السوسة"، وفي وقت من الأوقات وصل إنتاج البلدة إلى ما يقارب عشرة آلاف طن من الرمان سنوياً حيث تنتشر أشجار الرمان على مساحة تقدر بثلاثة آلاف دونم يزرع فيها حوالي 150 ألف شجرة رمان، ويبلغ متوسط إنتاج الشجرة الواحدة بين 50 – 75 كيلو غرام في الموسم الواحد، ونتيجة الأحداث التي مرت بها محافظة دير الزور وريفها فقد تضرر الشق الزراعي حاله حال كل القطاعات وانخفض إنتاج بلدة "السوسة" من الرمان، ولكن برغم الكميات القليلة التي ينتجها بقي صيت هذا الرمان حاضراً يستفيد منه أهالي المنطقة في الريف والمدينة.

ورمان السوسة مميز بنوع الحبة الواحدة، والحلاوة التي يتميز هذا النوع عن غيره باعتبار له ميزات خاصة، فهو يتحمل الجفاف والعطش، وكذلك الطريقة المستخدمة في التكاثر فهي التكاثر بالعُقـل، وهو جزء من ساق أو جذر النبات أو فرع ناضج من النبات، وحتى أن هذا النوع من الرمان مذكور في المراجع والكتب التاريخية وهناك دراسات كثيرة أجريت عليه، وفي أحد الكتب التاريخية والتي تتحدث عن حضارات منطقة الفرات الأوسط ذكر "رمان السوسة"، كما أن النصوص والرقم والرسومات الجدارية التي وجدت في مملكة ماري كانت تتحدث عن "رمان السوسة"، والتنقيبات التي أجريت في موقع تل الحريري بمملكة ماري أظهرت رسوماً جدارية في قصر أحد الملوك تعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد تصور شجرة الرمان.

وبلدة "السوسة" تشهد بشكل سنوي مهرجاناً للرمان ويتسابق أهالي البلدة للمشاركة به وطرح أنواع عدة من حبات من هذه الثمرة بطرق تجذب الزائر.

 الحديث عن "رمان السوسة" يطول ولكن أن تحظى بحبة من حبات الرمان وتتذوقها فذلك يختصر كثير من الكلام ومن شاهد وذاق ليس كمن سمع.