"زهرة الخشخاش" تكشف بيروقراطية وزارة الثقافة المصرية

لوحة زهرة الخشخاش

كشفت ملابسات قضية سرقة لوحة "زهرة الخشخاش" من متحف محمود خليل حجم البيروقراطية التي تعاني منها وزارة الثقافة المصرية، حيث بدأت حرب شرسة على صفحات الجرائد بين وزير الثقافة المصري فارق حسني ومحسن شعلان مسؤول قطاع الفنون التشكيلية في الوزارة، تبادلا فيها الاتهامات حول المسؤولية في هذا الحادث الذي هز سمعة مصر الثقافية.

وأفادت تحريات الشرطة حول واقعة سرقة اللوحة بأن المسؤولين في وزارة الثقافة منعوا تسجيل الزوار بسبب شكوى بعض الأجانب من صعوبة الإجراءات.

كما أفادت تحريات الشرطة بأن أجهزة الأمن لم تتمكن من الوصول إلى ٥ أفراد زاروا المتحف السبت الماضي يوم السرقة، وأشارت مصادر أمنية إلى انه تم الحصول على بصمة ٣٠ من العاملين في المتحف لمضاهاتها بالبصمات التي استخلصتها مصلحة الأدلة الجنائية من البرواز والحائط والكنبة التي استخدمت في الصعود وانتزاع اللوحة .

وقال أمين عام ومدير أمن المتحف في التحقيقات التي تجريها نيابة شمال الجيزة الكلية-بعد أن ألقت أجهزة الأمن القبض عليهما تنفيذاً لقرار محمود الحفناوى رئيس النيابة- إن المتهم المجهول ارتكب جريمته باستخدام (كَتَر)، وصعد على كنبة ليتمكن من الوصول إليها واستخلاصها بحرفية من البرواز، بحسب صحيفة "المصري اليوم" الصادرة الخميس.

واستمعت النيابة لأقوال الدكتور على رأفت، الاستشاري المعروف، الذي أكد في التحقيقات تكليفه بعمل دراسة عن تطوير وترميم المتحف وتكلفة العملية، وأنه قدم الدراسة لشركة المقاولون العرب. وأضاف أن الشركة كانت ستخاطب وزارة الثقافة لتحديد موعد بدء أعمال الترميم. وأنه لا يعلم شيئاً عن التفاصيل المتعلقة بالميزانية..

وفحصت النيابة الأوراق التي قدمها محامى محسن شعلان، رئيس قطاع الفنون التشكيلية، وتبين أنها عبارة عن مخاطبات بين محسن شعلان ومسؤولين في وزارة الثقافة وأخرى بين شركة المقاولون العرب وفاروق حسنى، وزير الثقافة، وأن هذه المستندات غير مرتبطة بالدعوى محل التحقيق ولا توجد بها أدلة إدانة ضد أحد، واعتبرت النيابة شعلان المسؤول الأول عن الإهمال المتسبب في السرقة، لأنه لم يقم بواجبه الوظيفي في الحفاظ على لوحات لا تقدر بثمن في متاحف قومية وفنية.

يأتى ذلك في الوقت الذي كشفت فيه مستندات جديدة موافقة مجلس الوزراء على تخصيص ٢٩ مليون جنيه لتطوير متحف محمد محمود خليل وحرمه وقصر الفنون، حيث أوضحت المستندات أن مجلس الوزراء المصري وافق في نيسان/ أبريل ٢٠٠٩ على التعاقد بالأمر المباشر مع شركة المقاولون العرب لتنفيذ أعمال تطوير المتحف وإن فاروق عبد السلام، المشرف على قطاع مكتب الوزير، أرسل إخطارا إلى محسن شعلان، رئيس قطاع الفنون التشكيلية، بتاريخ ٢٨ أبريل ٢٠٠٩ يبلغه فيه بموافقة مجلس الوزراء على مشروع التطوير.

 

فاروق حسني يهاجم

 

وكشف فاروق حسني وزير الثقافة المصري عن مفاجأة مثيرة،‏ وهي أن تكلفة استبدال جميع كاميرات لم تكن تتعدي‏800‏ ألف جنيه فقط‏‏، رغم أنه كان لدى محسن شعلان وكيل أول الوزارة ورئيس قطاع المتاحف والفنون التشكيلية 8 ملايين جنيه للإنفاق منها علي التطوير والتجديد‏،‏ وتوفير الحماية من خلال نظام المراقبة‏.


‏وثبت من المستندات الرسمية قيام محسن شعلان بإدراج المتحف ضمن المتاحف التي يشملها التطوير‏،‏ وجري اعتماد ‏40‏ مليون جنيه من رئيس مجلس الوزراء قبل عامين‏،‏ بناء علي طلب وزير الثقافة لتطوير قطاع المتاحف‏، بما فيها متحف محمود خليل‏،‏ إلا أنه تبين عدم تخصيص أي مبالغ للإنفاق علي هذا المتحف وفقا للمكاتبات والمذكرات المتبادلة‏، بحسب صحيفة الأهرام.
‏وأكد حسني‏‏ إن المتحف به غرفة تحكم مركزي لتتابع عمل كاميرات المراقبة‏، وتظهر الحركة علي الشاشات‏، والغريب أن أحدا لم ينتبه إلي أن الكاميرات معطلة ولا تعمل، ‏وقال‏ إن شعلان لم يرسل في أي مرة أي مكاتبات عن تعطل الكاميرات‏.‏

وكان فاروق حسنى وزير الثقافة قد أدلى للنيابة خلال التحقيقات أنه على استعداد لإغلاق متحف "محمد محمود" خليل إذا طلب منه شعلان ذلك، إلا أن هذا لم يحدث، مضيفاً انه أعطى تفويضا كاملا باختصاصاته المالية والإدارية لرئيس قطاع الفنون التشكيلية‏.

 

وشعلان يرد

 

من جانبه كشف محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية والمحبوس على ذمة تحقيقات سرقة لوحة زهرة الخشخاش فى رسالة خطية إلى مستشاره القانونى الدكتور سمير صبرى، أن ما أنفقه فاروق حسنى وزير الثقافة يكفى لإنقاذ متحف محمود خليل وعدد من المتاحف الأخرى، كما طلب شهادة المهندس محمود بسيونى مدير عام الإدارة الهندسية على أن ألفت الجندى كانت تنسق معه على وضع الخطة الميزانية للتطوير فى إطار اللوائح المالية وتوجهات الخطة الاستثمارية بالموازنة العامة وتعرض الاعتماد النهائى وهو أمر يتضاد تماما مع أقوالها بالنيابة.
وأوضح شعلان لصحيفة اليوم السابع  أن وزير الثقافة انشغل فقط بتوفير ملايين الجنيهات لمشروع المتحف المصرى الكبير ومتحف الحضارة الجديد بالفسطاط، وهو مشروع عملاق مرصود له مئات الملايين من الجنيهات ولم يبذل أدنى اهتمام بتوفير أو استقطاع 40 مليون جنيه والذى تقدم شعلان بعشرات المخاطبات بشأنه إلى مدير مكتب وزير الثقافة بضرورة ترميمه.

وطالب محسن شعلان مواجهته بألفت الجندى رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والإدارية، وذلك لمناقشتها فيم صرحت به فى النيابة من أنها غير مسئولة على تحديد الصرف على المشروعات وأن متحف محمود خليل لم يدرج فى خطة الترميم.

وأضاف شعلان أن الأعوام السابقة كانت الخطة موجهة لتطوير متحف الفنون الجميلة بالإسكندرية "متحف حسين صبحى"، وكذلك مكتبة البلدية لأنها كانت فى حالة متردية للغاية وتم بشأنها طلب إحاطة من مجلس الشعب لخطورة حالتها وحالة مجموعة أمهات الكتب بداخلها وكان لزاما إنقاذ الموقف، وتم توجيه الميزانيات والجهود لذلك وهى على الاستعداد التام للافتتاح، يضاف إلى أن متحف حسين صبحى له أهمية مثل متحف محمود خليل لأنه يحتوى على بعض الأعمال العالمية وهى أيضا ظلت مخزنة ومهدرة فى قبو تحت السلم وعرضه للرطوبة والعوامل السيئة وأيضا للسرقة وكان توجيه الميزانيات أيضا لإنهاء مخازن متحف الجزيرة العالمى بأرض الأوبرا، وهو أهم كثيرا من متحف محمود خليل الذى يحتوى على 260 قطعة فنية، بينما الجزيرة يحتوى على 4 آلاف قطعة فنية نادرة لأهم الأسماء فى الفن العالمى وهذا المتحف أيضا أهمله وزير الثقافة.