زيادة كفاءة التحصيل الضريبي والإصلاح الجمركي.. للتخفيف من عجز الموازنة

توقعت وزارة المالية في البيان الحكومي أن يبلغ عجز الموازنة في 2011 مع إضافة الموارد النفطية حوالي 167 مليار ليرة سورية من دون الموارد الخارجية، أو ما نسبته حوالى 5.78% إلى الناتج المحلي الإجمالي بسعر السوق لعام 2011 والبالغ 2890 مليار ليرة سورية (حسب تقديرات المكتب المركزي للإحصاء) أما العجز المقدر من دون إضافة الموارد النفطية فيبلغ (356.8) مليار ليرة سورية أو ما نسبته (12.35%)..
وتم تقدير نسبة عجز الموازنة إلى إجمالي الموازنة العامة للدولة في عام 2011 بنسبة 20% فقط.. بينما كانت النسبة ذاتها في موازنة عام 2010 مقدرة بـ22%. والسؤال الذي يطرح نفسه - حسب جريدة تشرين - ما الإجراءات التي يمكن أن تتخذها وزارة المالية من أجل التخفيف من العجز في موازنتها, هل يمكن أن تزيد الإيرادات من خلال الضرائب والرسوم أم أن الطريقة المثلى هي في تخفيض الإنفاق؟ زيادة كفاءة تحصيل الضرائب.. الدكتور هشام خياط خبير السياسات في مركز الأعمال والمؤسسات السوري عَرَّف عجز الموازنة بأنه الفرق بين الإنفاق وبين مبلغ الإيرادات.. وتساءل خياط عن كيفية تأمين الإيرادات والتي تعتبر الضرائب واحدة منها مضيفاً أن الإيرادات لا تأتي كلها من الضرائب وفقط نسبة 60 إلى 65% من تمويل الموازنة يكون من الضرائب. ورأى أن الحل لا يمكن أن يكون بفرض ضرائب جديدة وإنما عن طريق زيادة كفاءة التحصيل الضريبي أو فرض مطارح ضريبية جديدة لا تؤثر على حياة المواطن السوري.. وركز خياط على موضوع العدالة الضريبية مشيراً إلى وجود مصادر أخرى لتمويل الموازنة والتي منها دخل الأرباح وإيرادات المؤسسات الاقتصادية العامة وأهميتها في الوصول إلى توازن بالموازنة العامة للدولة.. وأشار إلى أهمية ضبط الإنفاق من خلال التخفيف من النفقات التي ليست بمكانها أو التي ليست لها جدوى أو فعالية أو مُبالغ بها وهذا أسلوب آخر لخلق التوازن.. وأشار إلى أن الإيرادات والنفقات والتحويلات هي كل متكامل ينضوي تحت إطار السياسة المالية للحكومة وهذا يعود إلى الهدف الذي تتبناه الحكومة من خلال سياستها المالية. العجز أمر طبيعي.. الخبير الاقتصادي عبد القادر حصرية رأى أنه يمكن تخفيض العجز في الموازنة العامة للدولة إما بتخفيض نفقات هذه الموازنة وإما بزيادة الإيرادات. هذا وتنقسم نفقات الموازنة العامة للدولة إلى نفقات جارية وهي المرتبطة بالرواتب والأجور وغيرها من النفقات المتعلقة بالقطاع العام الإداري ونفقات استثمارية مشيراً إلى أن الحكومة أقرت سياسة مالية توسعية لمساعدة الاقتصاد السوري على التغلب على آثار الأزمة المالية العالمية ولتحقيق جزء من الخطط الحكومية للاستثمار في مشروعات البنى التحتية. وبالتالي فإننا سنرى عجزاً في الموازنة العامة للدولة في المستقبل القريب وهذا أمر طبيعي في مرحلة التحول نحو اقتصاد السوق، لكن يجب مراقبة هذا العجز والسيطرة عليه ليبقى ضمن الحدود الاقتصادية المقبولة. وقال حصرية: إن من المهم الإشارة إلى أن الجزء المتعلق بالإنفاق الجاري لا يمكن تخفيضه إلا عبر عملية إصلاح إداري ومؤسساتي شامل يزيد من كفاءة الإنفاق العام والإدارة العامة بشكل عام مع إصلاح للقطاع العام الاقتصادي يؤدي إلى وقف خسائره وهو ما يحقق وفراً في هذا الإنفاق. أما زيادة إيرادات الموازنة فهو عن طريق زيادة تحصيل الضرائب والرسوم وليس زيادتها لأن في هذه الزيادة عبئاً على المؤسسات الاقتصادية وما نحن بحاجة إليه هو توسيع المطارح الضريبية لا إثقالها بالمزيد من الضرائب وهو ينسجم مع الإصلاح الضريبي الذي بدأت به وزارة المالية بجرأة خلال السنوات الماضية وأثمر تخفيضاَ في المعدلات الضريبية من 63% إلى 28% وحتى 14% في بعض الحالات. القيمة المضافة والرسوم الجمركية.. وفي هذا المجال, وجد عبد القادر حصرية أنه لابد من الحديث عن ضريبة القيمة المضافة التي ستحقق في حال تطبيقها عدداً من الميزات للاقتصاد السوري ويجب أن تكون بديلاً من عدد من الضرائب والرسوم ورأى أن تترافق مع تخفيض آخر في المعدلات الضريبية على الأرباح وضريبة الرواتب والأجور وهو ما يؤدي إلى زيادة الحصيلة الضريبية التي مازالت منخفضة. كما لا تزال هناك حاجة لإصلاح جمركي يشجع على الالتزام بدفع الرسوم الجمركية ويزيد في حصيلة هذه الرسوم لمصلحة الخزينة العامة. كلمة أخيرة.. تذخر خطة الحكومة في مجال الإنفاق الاستثماري بالكثير من المشروعات في جميع المجالات الخدمية والصحية التي ستنفذ في عام 2011.. وكما رأى الخبراء الاقتصاديون فإن ضبط الإنفاق بشكل يكون ذي جدوى وزيادة كفاءة التحصيل الضريبي الذي ستتولاه هيئة الضرائب والرسوم الوليدة سوف يكون له عظيم الأثر في التخفيف من العجز المتوقع في الموازنة..