سأخون وطني

عدنان عبد الرزاق - سيريا أوول
كل ما يجتاح البلد يدعو للاستغراب والدهشة والتشكيك بما علمونا ونحن في المدارس الابتدائية، وقت كنا متلقين عفويين لا علم لنا بمن كتب التاريخ ومن رسم الجغرافيا، الآن وفي هذا الذي يعصف بسورية ولا كلمة في معجمي لوصفه، أقف كالكثيرين من أبناء جيلي حائراً..أأنا حقاً أنتمي لهؤاء، وهل فعلاً هؤلاء انحدروا من سورية التي قالوا لنا عنها أساتذة التاريخ والعلوم ومن ثم أساتذة التربية الدينية ....
وصل القيح إلى الحنجرة ولم يعد من وريقات تستر العري الذي كشفته الأحداث...وكي لا أفهم على نحو ما في من غيظ وألم سأهرب إلى حكاية بطالة الشباب نظراً لعلاقتها البعيدة وربما المباشرة فيما جرى ويجري..وإن عبر التسلسل ..لعورة في جسد واقعنا المنهك ،نغض الطرف عن تفاصيل ونمني النفس بالآمال ونبرر فعائلنا أوبعض بعضها ،ونضع رأسنا بين الروس لأننا "بدنا نعيش ".
نقارب بين وفي حياتنا وحيوات العاطلين – من عطالة العمل وغيرها –ونقنع بعضنا أن الوقوف في وجه التيار حماقة وضعف قراءة للتاريخ والجغرافيا ...ونؤمل " بكرا أحلى " .
متشائم فقط هذه المرة بعد أن أوجعتني سياط التفاؤل ،إذ ليست المدن وحدها من يرمينا بالحقائب ...بل ومن في المدن أيضاً .
ليس الهم الذاتي وراء تشاؤمي اليوم ،بل إراقة مياه الجسد كلها وليس ماء الوجه فقط التي يمارسها شبابنا في طلب عمل للحصول على معاش .
سأروي لقطة من حكايا يومية كنت فيها الشاهد ،وإن ليس الوحيد وإن كان في الرواية شيئ من الذاتية .
شاءت الأقدر أن أعنا في موقع " سيريا أوول " عن مسابقة لانتقاء صحافيين ومندوبي إعلان وتسويق ،ما وضعني مضطراً في موقع كم كرهت واستحقرت معظم من جلس فيه ،لأن الأستذة وفحص المتقدمين لعمل أكره من استجداء اللئيم على نفسي .
مختصر القول ، أُقابل يومياً من استعصى على الذل إذلالهم ومن أُرهقت أعباء الحياة من إرهاقهم وتعبت الحاجة من تدجينهم .....لكنهم أصحاب مواهب وحاجات .
مختلفون عن بعضهم ،وفي اختلافهم الجمال والتكامل .ومختلفون أيضاً في فهمهم للحياة وطرق الأبواب وإعتماد الطرائق ،لكنهم متشابهون في الآمال والحاجة .
أكذب مضطراً ،أُواجه حيناً ...وأُؤمل في غالب الآحايين ، وفي كل الأوقات تسكنني غصة لضياع هكذا مواهب لا ينقصهم سوى التدريب والأخذ باليد لأن الوطن ضاق بمواهبهم واتساعهم .
القصة ليست قصة أزمة إقتصادية كما لا أعتقدها إدمان عمل رسمي جاهز فضحه تخلي الدولة عن أبويتها ،بل أعتقدها – إذا الله ما كذبني – قصة نوارس تقتل نفسها إن حُبست وقصة شباب ترفض بيع ما يباع لمرة واحدة وأبت أن تكون أحذية ينتعلها من ومتى شاء