ساركوزي سيضع خطة تحرك تشمل زعماء لبنانيين وسوريا والسعودية للجم الأزمة

قال مصدر ديبلوماسي وصف بـ"المطلع" على خلفيات مهمة وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير إنَّ "الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي طلب من وزير خارجية بلاده وضع تقرير عن حقيقة الحال التي يجتازها لبنان، في محاولة لإجراء اتصالات مع الدول التي يمكن أن تحصن الوضع اللبناني سياسياً وأمنياً مع اقتراب صدور القرار الاتهامي في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري وصدور تهديدات عن وزراء ونواب وشخصيات حزبية اخرى تنتمي الى قوى الثامن من آذار عن اجراءات ستتخذها هذه القوى رداً على القرار الإتهامي، تشل الدولة وعمل الحكومة وتهدد الأمن".
المصدر نفسه، أشار في حديث لصحيفة النهار اللبنانية إلى أنَّ "دافع الاستعجال لايفاد كوشنير إلى بيروت يعود إلى أنَّ باريس غير مرتاحة إلى نتائج التحرك السوري – السعودي – الإيراني في لبنان والذي لم يؤد حتى الساعة إلى إقناع فريقي النزاع في وقف الحملات الإعلامية التي تؤجج التشنجات السياسية التي بدورها تمهد إلى إحتكاكات أمنية"، متوقعاً في ضوءالتقرير الذي سيرفعه كوشنير خلال ساعات إلى ساركوزي أن "يرسم الأخير خطة تحرك تشمل زعماء لبنانيين من مختلف الاتجاهات، ومع سوريا والسعودية، من أجل لجم الأزمة حكومياً وسياسياً وربما أمنياً واستيعاب اي موقف سلبي في اعقاب صدور القرار الإتهامي".
هذا، ولفت المصدر إلى أنَّ "كوشنير جسّ نبض من التقاهم حول ما اذا كانوا يؤيدون دوراً توفيقياً يمكن باريس أن تضطلع به لوقف المفاعيل السلبية للأزمة السياسية المتفاقمة وانقسام القيادات السياسية والحكومية الى معسكرين، الأول يؤيد المحكمة والثاني يرفضها ويعتبر انها تستهدفه وان وراءها الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل لإنهاء سلاح "حزب الله" وتهيئة المناخات لفتنة مذهبية"، داعياً إلى "عدم التقليل من أهمية مهمة كوشنير الذي طرح أسئلة محددة وأفاض في شرح أهمية المحكمة الخاصة بلبنان، وأنه يجب تقبل القرارات التي تصدر عنها ايا كانت قساوتها، لأنها، في رأيه، ستعود بالفائدة على لبنان".
وأكد أنه "ليس في وسع فرنسا أن تسحب غطاءها عن المحكمة كما يطالبها بذلك اصدقاء سياسيون لبنانيون بارزون لها من فريق الثامن من آذار، يبرّرون دعوتهم الى ابطال المحكمة بحرصهم على مصلحة لبنان العليا وحفاظا على وحدته وامنه القومي وشرح مخاطر هذه المحكمة على الاستقرار السياسي وربما الامني في البلاد"، مقراً في الوقت نفسه بأن "كوشنير لم يتمكن من اقناع الذين التقاهم من قوى الثامن من آذار بالفوائد التي يمكن ان يجنيها لبنان على غرار ما حصل بالنسبة إلى الانعكاسات الايجابية التي ظهرت في المحاكم التي انشئت في كوسوفو والبوسنة وافريقيا".
ولاحظ المصدر الدبلوماسي أنَّ "العامل الإيجابي الوحيد الذي لمسه أنَّ "عدداً كبيراً من القادة الذين التقاهم يؤيدون دوراً فرنسياً جديداً لحل الأزمة يحصّن الوضع سياسياً وأمنياً ويجعل الحكومة تعمل مجدداً"، وأوضح أنَّ "باريس لا ترى حاجة الى دور سياسي جديد لها في لبنان، لان للبلاد رئيس جمهورية وحكومة وحدة وطنية وتتمتع بوضع امني مستقر وليس كما كان عليه الوضع بعد شغور سدة الرئاسة وعدم اعتراف قوى الثامن من آذار بشرعية حكومة الرئيس فؤاد السنيوره"، مشيراً إلى أنَّه "يبدو أنَّ فكرة استضافة ساركوزي لاطراف النزاع اللبناني في باريس من اجل التحاور هي قيد الدرس لكن تشترط على جميع المتنازعين القبول بهذا المبدأ من اجل وضع جدول اعمال يمكن ان يؤدي الى نتائج ايجابية تنهي هذه الازمة المستعصية التي تعصف بالبلاد".
من جهتها ذكرت صحيفة "الحياة" أن دعوة رئيس "تكتل التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون لزيارة باريس ولقاء الرئيس نيكولا ساركوزي في 15 تشرين الثاني الحالي، تندرج في إطار علاقة فرنسيّة - سوريّة جيدة، وتمثل ترضية لتحالف سوري - لبناني نافذ لدى الرئاسة الفرنسيّة كثيراً ما أصرّ على ترتيب هذه الزيارة، كما تعكس تحولاً في علاقة فرنسا مع مسيحيي لبنان، وتندرج كذلك في إطار تأكيد ساركوزي أن باريس تتحدث الى الجميع في لبنان".
ونقلت الصحيفة تساؤلات عدد من الديبلوماسيين في باريس والمراقبين حول نتائج هذه السياسة، بالنسبة إلى لبنان أو العلاقة السورية - الإيرانية أو حتى بالنسبة الى العراق، مشيرة إلى أن "هناك شكوكاً لدى عدد من هؤلاء الديبلوماسيين حول ما جناه ساركوزي حتى الآن، وهل إقامة العلاقات الديبلوماسية بين لبنان وسوريا ووقف الاغتيالات كافيان بالنسبة إلى فرنسا".
ولفت هؤلاء إلى أن "سوريا استعادت دورها في لبنان فيما عزز "حزب الله" قدرته في الحكومة التي تدعمها باريس، وليست هناك أي محاسبة فرنسية سوى لهجة متشددة إثر ما حصل في تموز من تعرّض للجنود الفرنسيين العاملين ضمن قوات "يونيفيل" الأمر الذي أبلغه ساركوزي لرئيس البرلمان اللبناني نبيه بري".
ونقلت الصحيفة عن مصادر فرنسيّة "ألا توافق على وضع العلاقة مع دمشق في إطار محور أميركي - فرنسي – مصري"، مشيرة إلى أنه "على الرغم من وحدة موقف فرنسا والولايات المتحدة ومصر من ضرورة إنجاز المحكمة الدولية مهمتها من دون أي تدخل، لا يمكن الإدارة الأميركية أن تضغط على سوريا وأن تغيّر نهجها، طالما لا تُقدِم إسرائيل على أي خطوة لدفع مسيرة السلام مع الفلسطينيين، في غياب أي ضغط أميركي على الدولة العبرية، فالغياب ذاته يضعف شرعية موقف إدارة أوباما إزاء سوريا ولبنان".
ورأت المصادر أن "سياسة القاهرة في لبنان واهتمامها به ينبعان من خلافها مع دمشق، ليس إلا"، مشيرة إلى أن "العلاقة بين باريس ودمشق مفيدة للملف اللبناني، وأن بإمكان فرنسا مساعدة لبنان عندما تكون علاقتها بسوريا جيدة".
شام نيوز