سانا: ممالك النفط تستخدم المال الأسود لتنفيذ أجندة غربية ضد سورية

يدعو التزامن والارتباط بين اجتماعات الجامعة العربية وتلك التي تعقدها ممالك مجلس التعاون الخليجي بخصوص الأزمة السورية وتطابق قراراتهما في كل مرة إلى التساؤل عن الفصل الجديد الذي يتم التحضير له خلال اجتماع دول النفط يوم السبت القادم قبل يوم واحد من اجتماع المجلس الوزاري العربي وخاصة أن الخطوات التي اتخذها هذا المجلس منذ بداية الازمة السورية تحولت إلى قرارات خلال اجتماعات الجامعة.
وشكل استدعاء سفراء السعودية وقطر والكويت والبحرين من سورية مدخلا للذهاب بالأزمة السورية إلى مجلس الامن في المرة الاولى حيث اجتمع المجلس وأصدر بيانا رئاسيا دون ان يتمكن من اتخاذ قرار ليعود ويلتقي في تشرين الاول ويفشل مجددا في تدويل الأزمة السورية بسبب الفيتو المزدوج الروسي الصيني وهنا كان لابد من العودة إلى الجامعة العربية التي تداعت بشكل مفاجئ لإطلاق مبادرة قادتها قطر بدأت بتعليق مشاركة سورية في اجتماعات الجامعة وفرض عقوبات اقتصادية بحق الشعب السوري.
ويرى مراقبون ان دمشق احرجت العرب بموافقتها على خطة العمل العربية وتوقيع البرتوكول الخاص ببعثة المراقبين والسماح لها بالقيام بعملها على الاراضي السورية اذ تبين لاحقا ان هذه البعثة لم تكن سوى ورقة ضغط على سورية الامر الذي كشفه تجاهل الجامعة العربية للنتائج التي خرجت بها البعثة وقطعت الشك باليقين بان هناك مجموعات مسلحة تعتدي على المواطنين السوريين ومؤسسات الدولة وكل ذلك لم يلق اي صدى لدى الجامعة التي عادت مجددا للاجتماع وطلب نقل الازمة السورية إلى مجلس الأمن ليتبين ان جل ما قامت به الجامعة من دور هو اعادة الازمة الى المجلس الذي فشل مجددا في شرعنة التدخل الخارجي بشؤون سورية.
وبالعودة إلى الدور الخليجي وأثره في الجامعة فإن إعلان مجلس التعاون الخليجي والأردن والمغرب سحب مراقبيهم من البعثة وتنصلهم من تقريرها انعكس مباشرة في قرار الجامعة العربية الذي علقت فيه عمل البعثة وعطلت دورها بتهدئة الاوضاع في سورية بشكل نسبي حسب قول رئيس البعثة.
ويرى مراقبون ان الحملة المسعورة التي تقودها ممالك النفط تحت غطاء عربي ضد سورية اتخذت اكثر من منحى منذ بدء موجة الاحتجاجات الشعبية في المنطقة العربية اذ ان المجلس بادر لدعوة الاردن والمغرب للانضمام إليه في خطوة أقل ما يقال عنها انها رد فعل مذعور من الحالة الشعبية العربية حيث ان هذه الممالك والامارات الخليجية الخالية من اي شكل من اشكال التمثيل الديمقراطي الحر والمجالس الشعبية المنتخبة ارادت توسيع دوائر نفوذها عبر البذخ في صرف الاموال داخليا وبناء تحالفات اقليمية ودولية حاولت من خلالها اضفاء اي نوع الشرعية على وجودها واستمرارها نظرا لإدراكها بأن المد الشعبي الطامح للديمقراطية سيصل إليها مهما حاولت تأخير ذلك.
ويتخذ المراقبون من الاعلام الخليجي ودوره فيما يسمى ربيع الثورات العربية دليلا اضافيا على نوعية المهمة التي تقوم بها مجالس النفط عبر الجامعة العربية اذ ان المبالغ الفلكية التي انفقتها دول الخليج على الاعلام التابع لها مكنتها من التحكم بشكل أو بآخر في المضمون الاعلامي العربي ليتماهى مع الاعلام الدولي المتآمر على سورية وقدمت نفسها في صورة افتراضية تدعي من خلالها انها تدعم الشعوب وتتبنى قضاياها وكل ذلك لستر وجهها البشع في هذا المجال بالتحديد.
وكان واضحا منذ بدء الازمة في سورية ان الاعلام الخليجي حريص على اخفاء الحقيقة والتلاعب بالمعلومات ليتلاعب من خلالها بالمزاج الشعبي العربي ويدعوه بشكل ضمني للتعاطف مع الدور الخليجي الا ان اخطر ما قام بها هذا الاعلام هو مخاطبة الغرائز الدينية وتحريك المزاج العقائدي ودعم الحركات الاسلامية الاصولية والتسويق لبرامجها السياسية لتقول بذلك ان الانظمة الخليجية اسلامية وتنسجم مع الحالة الشعبية.
وحسب مختصين بالشأن السياسي فإن ممالك النفط استخدمت المال الاسود والاعلام لخدمة وظيفتين الاولى تتمثل باستلاب القرار السياسي للجامعة العربية الامر الذي ظهر في شراء رئاسة الجامعة من فلسطين والتحكم بقراراتها لاحقا وشراء قرار الانظمة الناشئة عن موجة الاضطرابات التي اجتاحت اكثر من دولة عربية والتي لا تمتلك القدرة والخبرة الكافيتين لإدارة المرحلة ومن جهة اخرى شراء الاقلام والاصوات التي تحاول خلق المسوغ الاخلاقي لكل ما تقوم به وعندما اصطدمت بالجدار السوري الصلب اجبرت على اعتماد تكتيكات رسمتها لها دوائر القرار الغربي للتعامل مع الخصوصية السورية التي فوجئ الجميع بمدى تمايزها عن الحالات الاخرى.
وبالمحصلة يمكن النظر إلى مجمل السلوك السياسي والاعلامي الخليجي تجاه الازمة السورية على أنه ينسجم مع الدور المنوط به من الغرب الاستعماري الطامح للسيطرة على سورية والمنطقة من جهة ويتخذ من دعم المسلحين في سورية بالسلاح والمال وتوفير الغطاء الإعلامي لهم خط دفاع يعتمد على اقناع شعوبها ان البديل هو الفوضى والارهاب دون ان تقول ذلك صراحة ليبقى من المهم ختاما ان ننتظر خطوة تصعيدية جديدة تتخذها ممالك النفط يوم السبت القادم وتتبناها الجامعة العربية الأحد هدفها الاول والاخير الالتفاف على المأزق الذي وصل إليه المتآمرون على سورية في مجلس الأمن.
سانا