سانا: "ولولات" فابيوس لن تخرج باريس من الفخ ولن تنقذ مرتزقته

يخيل لمن يسمع "ولولات" لوران فابيوس ودعواته للتصدي إلى الجيش العربي السوري و"منعه من التقدم" أن هذا الجيش يتقدم نحو باريس وبقية المدن الفرنسية وليس نحو مدن سورية خرج منها أجداد فابيوس مدحورين قبل أكثر من 60 عاما وبات لها جيش وطني يحميها لا علاقة لفرنسا ان تقدم نحو مدنه او تقدمت هي نحوه.
وتعيش باريس اليوم هاجس دفع ثمن تبنيها للإرهاب في سورية ودعمه بلا حدود ولذلك تتخوف من انكسار مرتزقتها وتنظر بذعر لتقدم الجيش العربي السوري على الأرض الامر الذي كشفته تصريحات وزير الخارجية الفرنسي اليوم حول "ضرورة منع تقدم الجيش السوري باتجاه حلب" وحرصه على وقف ما سماه "التقدم الهائل للجيش في الأسابيع الأخيرة".
ويعيد خوف باريس من تقدم الجيش العربي السوري إلى الأذهان تجربتها الفاشلة ضد سورية عام 2005 فها هي الدبلوماسية الفرنسية توقع نفسها مجددا في الفخ السوري اذ لم تكتف بالرهان على حصان المعارضة الخاسر بل جعلت من نفسها حصانا رديفا ليختلط الرهان الفرنسي برهانات رواد الفنادق ودعاة التدخل الخارجي تحصد خيباتهم وتخاطر بموقعها كدولة كانت تسمى عظمى إلى وقت قريب.
كما تكشف تصريحات فابيوس مدى ذعر الدبلوماسية الفرنسية التي تجد نفسها اليوم محاصرة بوعود وشعارات رفعتها لم يتحقق منها شيء لتعود لعبة الرهانات الخاسرة وتضرب بورصة السياسة الخارجية الفرنسية مذكرة بتهديدات جاك شيراك ووعيده وصراخه عام 2005 وكيف انتهى كل ذلك بخروجه من الاليزيه وهو يشهد انتصار المقاومة اللبنانية ومن يدعمها على إسرائيل ويجللها بالعار وكيف تكرر ذات المشهد مع نيكولا ساركوزي وآلان جوبيه اللذين غادرا الحياة السياسية واحترقا بنار التدخل الأرعن بشؤون سورية.
"يجب أن نتمكن من وقف هذا التقدم قبل حلب وتحقيق اعادة توازن بين الجيش السوري وقوات المعارضة" هذا ما قاله الدبلوماسي الفرنسي لشبكة التلفزيون الفرنسية الثانية الأمر الذي يشير بوضوح تام إلى مدى التورط الفرنسي بدعم الإرهابيين والتعويل عليهم لكسر شوكة المقاومة والممانعة في سورية وادراك الساسة الفرنسيين ان انكسار هؤلاء الإرهابيين ستدفع ثمنه عواصم القرار الكبرى التي تبنتهم لأن هؤلاء المرتزقة ليس لديهم ما يدفعونه سوى أرواحهم اما الثمن السياسي فعلى داعمي المعارضة وعلى رأسهم باريس دفعه.
وبدا فابيوس مكشوفا وبسيطا جدا وهو يرسم طريق رجعة أثناء صياغة الموقف الفرنسي الجديد المتجدد حول دعم "المعارضة" اذ برر ذلك بالقول "يجب وقف تقدم الجيش السوري لانه ان لم تحصل اعادة توازن للقوى على الأرض لن يكون هناك مؤتمر سلام في جنيف فالمعارضة لن توافق على الحضور" والسؤال هنا لماذا يصر فابيوس على تقوية موقع المعارضة ان كان يريد حلا سلميا ولماذا لا يدعوها لقبول الحوار والسير نحو عملية ديمقراطية نزيهة مضمونة دوليا بدل ان يسعى إلى تقويتها بالسلاح ودعم الإرهاب والتطرف.
وحسب متابعين فان باريس تتعامل مع المعارضة كموظف لديها يعمل براتب محدد وعليه ان يؤدي المهام المكلف بها وان باريس حصلت على تعهدات من قادة المسلحين بتغيير موقع سورية على الخارطة السياسية في حال تمكنوا من الوصول ولذلك فان باريس تنظر لعلاقتها بالمعارضة كاستثمار مرتبط بالربح والخسارة فهي تريد شراء سورية من المعارضة وقد دفعت مقدم العقد واليوم تجد نفسها تخسر كل شيء وليس لدى من راهنت عليهم ما تصادره مقابل ما دفعت الامر الذي اربكها ودفها باتجاه محاولة تغيير الحسابات عسكريا.
الشيء الوحيد الذي كان فابيوس صريحا حياله هو أن الدبلوماسية الغربية لا تتعامل مع سورية بشكل مستقل بل انها تنظر اليها كجزء من محور تشكل في المنطقة خلال عقود بقوله "خلف المسالة السورية هناك المسالة الإيرانية.. كل شيء مترابط اذا".
ولكن أكثر ما يثير السخرية في كلام الدبلوماسي الفرنسي انه يعترف بوجود مقاومة في سورية فصلها على مقاس اطماعه الاستعمارية قوامها الإرهابيين الذين قدم بعضهم من مالي وأفغانستان حيث تدعي فرنسا محاربة الإرهاب فالمقاومة الفرنسية لا علاقة لها بالاحتلال الإسرائيلي بل هدفها تدمير المنطقة ولذلك طالب فابيوس بتمكين مقاومته الإرهابية من الدفاع عن نفسها وامتلاك أسلحة.
ومما يدل حسب مراقبين على ان تصريحات فابيوس مجرد استغاثة يجس بها نبض حلفائه في أوروبا وأمريكا وليست موقفا فرنسيا مستقلا يمكن البناء عليه قوله بخصوص توريد الأسلحة لما يسمى المعارضة "لم نقرر شيئا بعد في الوقت الحاضر.. الأميركيون يراجعون مواقفهم" ولم يجد ما يعطي به المصداقية لنفسه سوى القول إنه "تباحث هاتفيا مع نظيره الأميركي جون كيري أمس" لكنه لم يصرح بأي مضمون حول مضمون التباحث.
ومما يعزز ارتباك باريس ويؤكد أن فشلها كان ماركة مسجلة باسمها اعتراف فابيوس الصريح بأن "هناك في الإدارة الأميركية مواقف مختلفة وأن الأميركيين يودون البقاء جانبا" الا انه اصر على تحريض واشنطن لانقاذه بقوله "إن النزاع لم يعد محليا.. انه نزاع اقليمي.. بل دولي" ولا يخفى ذلك على واشنطن حسب متابعين وخاصة انها تعقد جولات مكوكية من المباحثات مع القطب الروسي وتعترف ان الصراع على سورية صراع دولي منذ اللحظة الأولى.
ومع كل مناورات فابيوس واختبائه خلف تردد الاخرين يظهر جليا ان من وصفهم دونالد رامسفيلد يوما بالقارة العجوز يشعرون اليوم بعجزهم أكثر من أي وقت مضى على وقع انتصارات الجيش العربي السوري وتماسك جبهة اصدقاء سورية وواقعية واشنطن التي لا تريد أن تسقط عن عرش العالم بقوة وبدل ذلك قد تقبل بان تشاركها هذا العرش قوى دولية لها وزنها وعلى رأسها روسيا والصين.