سبهان آدم في معرضه الجديد: جماليات البشاعة!

جدد الفنان السوري سبهان آدم قدرة تيمته الفنية الفريدة على ولوج عوالم نفسية إنسانية عميقة ومتنوعة من خلال معرضه الذي افتتح مساء اليوم في صالة كامل للفنون بدمشق عبر لوحاته المتنوعة من حيث الحجوم والخامات المستخدمة بعفوية فطرية.

وعلى الرغم من بساطة تكوين لوحات آدم إلا أن عمق الرؤية الفنية التي تتمتع بها يعطيها ألقها الخاص في الخلفية الممتدة على مساحة السطح ولعل تعقيدات الوجه الإنساني وما يشوبه من تشوه تخفي وراءها دفء وبساطة لها ما يميزها وسحر يلقي ألقه على هالة اللون المتحاور مع الأسود في الأغلب ومع الأحمر أحيانا وبعفوية فطرية كانت حاضرة بقوة.

حالات متنوعة اتخذتها تيمة الفنان بتعقيداتها العفوية فهي تحمل المتناقضات كما الحياة وتتسر بثوبها الطويل في إغفال متعمد لمعاناة الجسد أو تشوهه الذي تنحو التكهنات حوله باتجاهات مختلفة في خضم ما يعانيه الإنسان المعاصر من أزمات وضغوط وهذا ما ميز أسلوب آدم المنتمي حسب النقاد إلى ما بعد الحداثة في التشكيل العالمي.

 

وحول توجهاته الفنية منذ البداية قال الفنان آدم لـ"سانا" إن بدايتي مع الرسم كانت مختلفة عن المألوف لدينا فلم تكن موضوعاتي تخض بيئتي المحلية إنما توجهت نحو الطرح الإنساني العام الذي لا ينتمي إلى جغرافية معينة فقدمت ما يمس الإنسان أينما كان.

وأضاف أن حواريته مع العمل الفني تأخذ منه الزخم الموجود في العمل كلما تعامل مع سطح اللوحة كما أنه يزداد بمقدار ما ينقصه من هذه الطاقة السحرية الغريبة المسيطرة على علاقته بتيمته الفنية بما يشبه حالة التصوف على حد تعبيره.

وأوضح الفنان العالمي أن الطلب المتزايد على أعماله من بلدان عدة يشكل ضغطا متزايدا عليه مبينا أن طاقته الفنية الكبيرة التي بداخله قادرة على تقديم المزيد من الأعمال وبذات التيمة الفنية المتمكنة من تطوير ذاتها رغم الازدحام بالأفكار وتكرار الوجود معتمدة على جاذبيتها الخاصة في التعبير عن العالم المزدحم.

وقال آدم إن رهاني في الفن كان منذ البداية على العمل من اجل الوصول لجميع الناس فلوحتي ليس فيها تقليد وليست متأثرة بتجربة أخرى إنما هي تجربة معبرة عني حصرا وهذا ما يميزها مبينا أنه يعمل من خلال طرحه الفني على موضوع معاناة الكائن المعقد ومواجهته للمشاكل ما يعطي المشاهد طاقة للحياة والاستمرار وذلك عبر العنف والمحبة في اللوحة.

وأكد الفنان السوري أهمية وجود رعاية من المؤسسات الثقافية الرسمية والخاصة لأعمال الفنانين الشباب مشيرا في الوقت ذاته إلى ضرورة أن يهتم هؤلاء الفنانون بموهبتهم وبما يقدمونه للناس ليصلوا إلى ما يصبو إليه.

وأوضح آدم أن تجربته الفنية تمشي بخط تصاعدي لكونه يجدد فيها ويحاول التجريب في فروع أخرى غير التصوير الزيتي مثل الحفر الغرافيكي والنحت والخزف وغيرها مبينا أنه يعمل حالياً على مشروع فني متكامل يدخل في صميم الأشياء بالتصميم الفني وإعادة توظيفها بصرياً مع بعضها ما يتطلب الوقت لانجازه.

 

من جهته عبر الفنان التشكيلي علي الكفري عن إعجابه بتجربة الفنان آدم وقدرته على الوصول إلى العالمية وكسره الحواجز في وجه اللوحة السورية مبينا أن الفنان استطاع من خلال اجتهاده أن يوصل تجربته إلى الآخرين بطريقته الخاصة متجاوزا كل أشكال الدعم والرعاية.

وأضاف الكفري أن تميز أسلوب الفنان يحسب له بغض النظر عن الآراء المختلفة حول هذه التجربة لأن العمل الفني بالنهاية هو جزء من شخصية الفنان نفسه ويعبر عن ذاته.

فيما رأى الفنان التشكيلي عز الدين شموط أن الأعمال المقدمة في هذه المعرض جاءت بمستوى رفيع جدا إذ استطاع الفنان آدم أن يخلق من البشاعة التي جسدها في الوجه جمال له خصوصيته من جهة تعبيره عن العوالم الإنسانية الخفية.

وأوضح شموط أهمية وجود توجهات فنية مختلفة ومتنوعة في الحركة التشكيلية السورية للخروج من النمطية والتكرار والتقليد ولمحاكاة الآخر في العالم ولتنتقل هذه الحركة لمرحلة جديدة تتماشى مع التوجهات الفنية في العالم وهذا ما استطاع تقديمه الفنان آدم على حد تعبيره.

والفنان سبهان ادم من مواليد مدينة الحسكة 1972 ويعد من أهم فناني ما بعد الحداثة في العالم العربي وتتسم أعماله بحساسية فنية عالية وهو من التشكيليين الذين نجحوا في توظيف الرؤية الحديثة في العمل الفني ودخلت أْعماله التشكيلية في أشهر مزادات الفن العالمية وله الكثير من المعارض داخل سورية وخارجها.

 

سانا