ستة أشهر مرت من ٢٠٢٠ في سورية.. "اكسروا جرة"

ستة أشهر مرت من ٢٠٢٠ في سورية.. "اكسروا جرة"

شام إف إم - عبير ديبة وشام درويش

تهيمن أخبار الواقع المعيشي على أي خبر آخر، هكذا أثقل غلاء الأسعار الوحشي كاهل المواطن السوري وجيبته ووقته الذي يمضي انتظاراً في الطوابير، ستة أشهر مرت من عام 2020 كأنها ست سنوات حقاً، تركت ملايين السوريين عرضة لـ "جوع" لم يكن في الحسبان.

مع فجر العام الجديد "السّعيد" كما يفترض الجميع راح العالم يسمع بخجل أخبار فيروس صغير بدأ ينتشر في بلاد الصين البعيدة اسمه "كورونا".. لكن السّوريين "الصامدين" آنذاك كانوا مشغولين بهمومهم اليوميّة وبخبر "أثار حفيظتهم" عن آلية جديدة لاستخدام الإنترنت الثابت.. في هذا الوقت كان "كورونا" يقترب أكثر فأكثر.. فها هو يتسلل إلى أخبارهم مع آخر أيام شهر شباط.. ليصل "الصامدون المتعبون" إلى شهر آذار بقراراتٍ اضطرارية ستوقف لفترة من الزمن سباقهم المحموم نحو لقمة العيش التي أصبحت بطعم "العلقم".. قرارات تقضي بتعليق الدوام في المدارس والجامعات وأخرى تغلق المطاعم والأسواق وجميع الأنشطة التجارية والخدمية والثقافية والاجتماعية، لتظهر أول حالة إصابة بالفيروس يوم 22 من الشهر ذاته، ثلاثة أيام فقط تفصله عن قرار سريع من الحكومة السورية بفرض حظر تجول جزئي لم يشهده السوريون منذ عشرات السنين.. ولتسجّل أول حالة وفاة في التاسع والعشرين من الشهر ذاك ذاك.

وحينما كان السوريون "الصامدون المتعبون المحجورون " يراقبون بقلق شبح الوباء من بيوتهم.. راحت هزات أرضية خفيفة تضرب بلادهم منتصف شهر نيسان، فيما أنباء متداولة عن "زلزال قادم" هددت بقلب الواقع الأليم على رؤوسهم.

في هذا الشهر الشهير بأكاذيبه أحكم الباعة والتجار قبضتهم على أعناق السوريين فكتب على سحّارة البندورة في أسواق دمشق "الكيلو بألف وتلاتمية".. وصار حديث "الجوع" مسموعاً في الشارع على الملأ وأصبح اشتهاء الفاكهة واللحمة أمراً لا يخجل أحد من الإفصاح عنه!

وعلى وقع "غلاء أسعار جنوني" تمت إقالة في الحادي عشر من شهر أيار وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عاطف النداف وتم تعيين محافظ حمص طلال البرازي بدلاً عنه، ولتفرض وزارة المالية السورية الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة لرجل الأعمال السوري رامي مخلوف وزوجته وأولاده.

وفيما كان سعر الدولار في السوق السوداء يحلّق إلى أعلى مستوياته.. صدر مرسوم رئاسي بإعفاء رئيس مجلس الوزراء عماد خميس من منصبه وتكليف حسين عرنوس بمهام رئيس المجلس.
كل ما حدث حتى الآن لا يهم العالم بأكمله، فها هو يكمل ظلمه بتطبيق قانون قيصر يوم الثامن عشر من حزيران، يعقبه تحذير لبرنامج الأغذية العالمي من "أزمة جوع" لم يسبق لها مثيل، يكمله إعلان من اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن أكثر من 9 ملايين سوري لا يعرفون من أين ستأتي وجبتهم القادمة!

ينتهي هذا "النصف عام" بدولار ارتفع حوالي خمسة أضعاف وأسعار ارتفعت عشرة على إثره... ويختتم هذا التقرير بمواطن سوري كان صامداً وأمسى جائعاً.. يفكر بأن يصعد إلى السطح منتصف ليلة 30 من حزيران ليكسر جرة في وداع "نصف العام" هذا كما تقول تقاليد بعض الشعوب!