سجال حول جرائم الشرف في سوريا

 

أكدت مصادر قانونية سورية أنه من الصعب إلغاء المادة 192 من قانون العقوبات العام السوري المخفِفة لعقوبة القتل تحت ذريعة ما يسمى 'الدافع الشريف' في جرائم الشرف التي تُرتكب في سورية، بسبب معارضة تيارات دينية وغير دينية لهذه الخطوة والتي تطالب بها مؤسسات أهلية عديدة لا سيما منها المعنية بشؤون المرأة.

 


فبعد تزايد حالات جرائم الشرف في عدد من المدن السورية،  تبذل جهات قانونية وأهلية حالياً جهودا حثيثة للسير في تطبيق المادة 192 بما نصت عليه بالحد الأدنى إذا لم يكن إلغاؤها ممكناً، وأن هذه الجهود تصطدم بجهود مضادة وعنيفة من مسؤولين وشخصيات وجهات نافذة في السلطة متمسكة بحق الرجل في 'الدفاع عن شرفه' بعضها في وزارة العدل وبعضها في البرلمان السوري مضافة إليهم شخصيات دينية واسعة النفوذ ومسؤولون لديهم تأثير في هذا الاتجاه، هذا ويقول القانونيون انه لم يرد في قانون العقوبات السوري ما يسمى بجرائم الشرف بل سمّى القانون هذه الجرائم بجرائم الاعتداء على العرض.

 


وتقول المادة 192 انه إذا تبين للقاضي أن الدافع في ارتكاب جريمة القتل كان شريفاً قضى بالاعتقال المؤبد بدلاً من الإعدام، أو الاعتقال المؤبد أو لخمس عشرة سنة بدلاً من الأشغال المؤبدة، الاعتقال المؤقت بدلاً من الأشغال الشاقة المؤقتة، حتى تصل العقوبة إلى الحبس البسيط بدلاً من الحبس مع التشغيل، وفي ذلك يرى المعترضون أن القضاء السوري اعتاد على تطبيق مفعول الدافع الشريف وبالتالي تخفيف العقوبة إلى حدودها الدنيا فقط في الجرائم الواقعة على الأشخاص وتحديداً جرائم القتل أو الإيذاء المرتكبة بحق النساء من قبل ذكور العائلة تحت شعار غسل العار.

 


واعتبر الخبير القانوني د.عبود السراج أن المشكلة في المادة 192 هي في تطبيق القضاء لها بطريقة تختلف عن إرادة المشرع، وقال السراج ان القضاء السوري متحمس لتخفيف العقوبة في جرائم الشرف أكثر من المشرع ذاته عندما يصل في حكمه إلى سنتي سجن للقاتل وأحياناً إلى أقل من ذلك كاشفاً عن أنه يجري تطبيق الأسباب المخففة التقديرية وفق المادة 243 على مرتكب الجريمة إضافة لما تنص عليه المادة 192 من أحكام تخفيفية، وأن الجهد هو لإضافة فقرة للمادة 192 تقول بعدم تطبيق الأسباب المخففة التقديرية عند تطبيق العذر المخفف. ولفت إلى أنه من غير المقبول الاختباء وراء عنصر المفاجأة لارتكاب الجريمة لأن اصطناع هذا العنصر ممكن.

 


مواقف السراج بدت متناقضة مع موقف الداعية د. محمد توفيق البوطي نائب عميد كلية الشريعة بجامعة دمشق الذي تساءل عن حالة إنسان وصل إلى بيته ووجد جريمة الزنا على فراش الزوجية كيف ستكون حالته، معتبراً أن القانون لا يبحث في المقاصد بل في العذر المحل أو غير المحل، مضيفاً أن جريمة الشرف ناتجة عن جريمة، لكنه استدرك بأنه ليس من حق الزوج أو الأب أو الأخ أن يعاقب المرأة على فعل مارسته، معتبراً أن المعالجة تكون في الأسباب لا في النتائج، وأن معالجة ما يسمى بجريمة الشرف تكون في حماية المجتمع من أسباب الجريمة بنشر الفضائل ومنع ترويج الرذيلة ومعاقبة من يشجع عليها في جميع المجالات، ورأى البوطي أن القانون والقضاء إذا وضعا الروادع الفعالة للجرائم التي تنتهك الحرمات وتروج للفواحش فإن من شأن ذلك أن يحد من وقوع ما يسمى بجرائم الشرف. '

 

شام نيوز - القدس العربي