سوريات ريفيات يمتلكن مشاريعهن بفضل صندوق فردوس

تتحدث ام دريد على طريقة التاجر الخبير عن انواع الزبائن الذين يقصدونها لتلبية حاجاتهم من منتجاتها المنزلية مقسمة اياهم الى ثلاثة اصناف الاول يتردد كثيرا في الدفع اما الثاني فيشتري من اجل حاجة مؤونة البيت والثالث يدفع دون مساومة كنوع من المباهاة .. التعامل مع الزبون احد الامور الاساسية التي تعلمتها ام دريد من الدورات التي اقامها مركز ريادة الاعمال احد مشاريع فردوس في ريف حلب.
واضافت ام دريد من قرية مروني تحتاني منطقة عفرين في لقاء مع سانا انها تعلمت تسعير المنتجات الغذائية التي تعدها من لبنة دوبيركي وتخليل الزيتون والعيطون والزعتر الاخضر اضافة الى التعبئة والتغليف وهو ما انعكس على تسويق المنتجات التي اصنعها من تلبية طلبات الجيران والاقرباء الى التسويق في مختلف المحافظات وخاصة بعد مشاركتي بمعارض عدة في حلب وخارجها مشيرة الى ان هذا التطور في عملها انعكس ايجابا على افراد اسرتها من الناحية المادية وتحسين وضعها.
وام دريد واحدة من المستفيدات من الصندوق السوري لتنمية الريف (فردوس) أحد أقسام الأمانة السورية للتنمية وشاركت في معرض الصناعات التقليدية الذي عكس ما تتميز به مناطق ريفية في ثلاث محافظات من مشغولات يدوية وصناعات منزلية اعيد احياؤها بلمسات فنية وروح تمتلك الابتكار والابداع تمكنها من المنافسة.
وزخرت معروضات من عفرين في حلب وعين التينة في اللاذقية والمراح في ريف دمشق بغنى وتنوع الحرف والصناعات الغذائية المحلية التي توارثتها سيدات تلك المناطق عن جداتهن لينتقلن بهذه المنتجات من كونها تزيينية نمطية الى شكل العمل الفني وتصنيع منتجات معاصرة بقيم مضافة تحظى باهتمام وقبول المتسوقين.
وقالت دلال حسون من مشتى الجويز في منطقة عين التينة باللاذقية انها انتقلت من مساعدة اسرتها في الزراعة الى صاحبة مشروع من خلال تعلم صناعة الصابون من شجرة الغار و انواع مختلفة من النباتات العطرية التي تشتهر بها المنطقة مشيرة الى انها باتت تسوق جزءا مما تصنعه الى دمشق فضلا عن الطلبات الخاصة حيث تلقى هذه المنتجات رواجا بالنسبة للكثيرين منهم السائحون الاجانب. واضافت حسون انها تعلمت اشياء كثيرة عن طريق حاضنة اعمال المراة الريفية منها تدبر امورها بنفسها في كل ما يتعلق بالمنتج من تامين مواد المنتج من المحال التجارية وتسويق المنتج وادارة المشروع بنفسها لافتة الى ان المشاركة في المعارض اكسبتها الثقة بالنفس والاعتراف من المجتمع المحلي باهمية ما تقدمه.
ويعمل فردوس من خلال عدة مشاريع على تحسين دور المراة في سوق العمل حيث يقدم بالشراكة مع الجهات الداعمة والمهتمة سلسلة متكاملة من خدمات التدريب والاستشارة والدعم لقطاع الأعمال الصغيرة من خلال برامجه المختلفة كحاضنة أعمال المرأة الريفية في اللاذقية ومركز ريادة الأعمال في حلب ومن خلال تأسيسه لشبكة خبراء وطنيين لتقديم التدريب والاستشارة والمتابعة لتحسين جودة المنتج وتسهيل إيجاد قنوات تسويق جديدة بدعم من الوزارات والجهات المعنية والعمل على تطوير تصاميم المنتجات اليدوية لتواكب متطلبات السوق والعمل على ربط المستفيدين لتشكيل مجموعات مهنية متخصصة لإغناء و تطوير منتجاتهم اليدوية بهدف خلق تغيير إيجابي في المجتمع وتحسين الظروف المعيشية من خلال تضافر جهود المنظمات المجتمعية.
وقالت روزا جرري منسقة مشروع فردوس في ريف دمشق والقنيطرة ومسؤولة برنامج الوردة الدمشقية ان كل منطقة لها خصوصية في منتجاتها الحرفية ففي المراح بريف دمشق نعمل مع النساء على تطوير منتجات ريفية مستوحاة من تراث المنطقة مثل شغل التريكو والكروشيه واعمال يدوية متنوعة اضافة الى تصنيع منتجات الوردة الشامية من ماء الورد والزهر ومستحضرات تجميلية وطبية وهناك 50 مستفيدة يعملن في حرف يدوية تقليدية كما استفاد من برنامج الوردة الدمشقية في المراح 150 مزارعا هم اعضاء بجمعية المراح التي انشئت بهدف احياء وتطوير الوردة الدمشقية وتثبيت المزارع بارضه وزيادة دخله وتحسين وضعه الاجتماعي وتمكين الجمعية من ان تقود عملية التنمية وتلعب هذا الدور في المستقبل باستدامة البرنامج.
واشارت جرري الى ان منطقة عين التينة بريف اللاذقية تتميز بمنتجات صابون الغار ومستحضرات دوائية وتجميلية من النباتات التي تشتهر بها المنطقة اضافة الى منتجات غذائية كالالبان والاجبان الى جانب حرف يدوية تقليدية مثل التطريز والحياكة بينما منطقة عفرين بريف حلب تتميز بالاشاربات والصناعات المنزلية من مؤونة اللبنة والزيتون والعطون والزعتر لافتة الى ان مركز ريادة الاعمال في عفرين يقوم بتدريب المستفيدات وبناء قدرات المجتمع المحلي لتمكينه من انشاء اعماله الخاصة وتطوير الاعمال القائمة لديه والهام السيدات على ايجاد تصاميم والوان جديدة تجمع بين التراث والمعاصرة ما يعطيها ميزة القدرة على تخطي حدود السوق المحلي في المحافظة والانتشار في كل المحافظات وكذلك اعمال المؤونة المنزلية كونها تشتهر بزراعة الزيتون من تخليل الزيتون وتعليبه والالبان والاجبان ومنتجات مستخرجة من النباتات الطبية والعطرية.
وحول التطور الذي طرا على المستفيدات قالت جرري في بعض المناطق لم يكن لدى السيدات فيها اي امل ان تتحول هذه الصناعات اليدوية التقليدية التي تمارس من باب الهواية في اوقات الفراغ الى مصدر دخل يتطور الى نوع من الاستقلال الاقتصادي حيث تم نقل المستفيدات من مرحلة الهاوية الى الاحتراف عبر تقديم التقنية التي تساعد في القيام بالعمل بنوعية وجودة عالية يتيح لها المشاركة في المعارض وزيادة الانتاج من حيث الكمية وبالتالي اعادة النظر بقيمة هذه الصناعات من مجرد قطعة للزينة الى منتج اقتصادي.
واشار جرري الى ان في منطقة المراح كان هناك حرفة تقليدية بصناعة نمط واحد من الطاقية او القلنسوة بينما اليوم انطلقت المستفيدات بعد فترة قصيرة من الدورات التدريبية الى ابتكار اشكال متعددة وبالوان مختلفة تتناسب مع خطوط الموضة و حاضنة الاعمال الريفية في محافظة اللاذقية لها السبق في هذا المجال وتمتد التجربة الى قبل اربع سنوات وتمكن المركز بالانتقال بالمتدريبات عبر سلسلة من الدورات على الادارة والاعمال والتعبأة والتغليف الى مرحلة الحرفية وهناك العديد من المستفيدات اصبح لديهن دخل ثابت ومستمر من هذه الاعمال يشكل عامل اساسي في تحسين المستوى الاجتماعي للاسرة.
ولفتت الى ان احد اهم المؤشرات الايجابية لهذه الاعمال هو التواصل الاجتماعي مع المجتمع المحلي للمنطقة ذاتها على مستوى لفعاليات الاجتماعية مع المواطن والمستهلك باعتبارهم يقدمون منتجا مطلوبا وبنوعية جيدة وايضا التواصل مع المجتمع على مستوى المحافظات من خلال المشاركة في المعارض التي تقام في العاصمة والمحافظات الاخرى والتفاعل مع مشاركات اخريات بما يسهم بتبادل التجارب والخبرات وبالتالي تطوير هذه الاعمال.
وتقدم حاضنة الاعمال الريفية كمشروع تنموي خدماتها للنساء الريفيات في 13 قرية في منطقة عين التينة في اللاذقية حيث توفر الحاضنة الدعم للنساء اللواتي ينحدرن من اسر محدودة الدخل وتتراوح اعمارهن بين 20 و25 عاما ويبدين روحا ريادية ورغبة في اخذ المبادرات وتاسيس مشاريع جديدة كما يعمل المركز على المساهمة في دعم الاعمال الريادية القائمة والتي ترغب صاحباتها في تحويلها الى مشاريع تتجه نحو النمو.
وتتبنى الحاضنة استراتيجية مبتكرة اذ تقدم مقاربة لتطوير المشاريع من خلال توفير مجموعة مرنة من الخدمات تشمل ادارة الاعمال والتدريب الفني والمتابعة اللاحقة للتدريب والمساعدة في تخطيط الاعمال التجارية الصغيرة او توسيع الاعمال القائمة وذلك عبر برنامج فردوس للقروض الصغيرة ونجحت الحاضنة في الوصول الى اكثر من 580 امراة ريفية من خلال حملات التوعية العامة وتدريب 200 امراة ريفية من تسع قرى في منطقة عين التينة على الادارة البسيطة والمتقدمة للاعمال التجارية وتقديم برنامج تدريب تقني لتسعين امراة في مجالات مختلفة وتوفير الدعم المالي والفني الى 65 عملا تجاريا صغيرا في قطاعات الانتاج والخدمات واجراء نحو 400 استشارة اقتصادية وجلسات تخطيط للمستفيدات من النساء والمشاركة في اكثر من عشرين سوقا ومعرضا تجاريا من تنظيم مؤسسات محلية وعالمية عاملة في سورية وتامين نقاط بيع لمنتجات النساء في قلعة صلاح الدين في اللاذقية والمعبد الكبير في تدمر وفندق الشيراتون في حلب.
وتتميز تجربة الأمانة السورية للتنمية فردوس في تطوير الصناعات التقليدية في الخدمات التي تقدمها لمساعدة المستفيدين في تجاوز التحديات التي تواجههم و المتمثلة في تقديم خدمات متكاملة لتطوير المشاريع متناهية الصغر ودعم ريادة الأعمال و تطوير وتسويق والترويج للمنتجات والتمويل والإقراض والتحفيز اضافة الى تأسيس شبكة من الخبراء الداعمين المتخصصين لتقديم الدعم و التدريب والاستشارة.
ويتميز الريف السوري بغنى وتنوع الحرف التقليدية التي تشكل عاملا اقتصاديا مهما داعما لقطاع السياحة الثقافية ما يستدعي تضافر الجهود للحفاظ على هذا التراث من الاندثار والزوال وتطويره بما يتلاءم والمتطلبات الحديثة من خلال تمكين المجتمع المحلي ولاسيما المرأة التي لعبت دورا في الحفاظ على التراث الحرفي وتطوير عملها في أكثر الأعمال الحرفية.
سانا