سورية والسعودية تسعيان لتسوية بشأن التحقيق في مقتل الحريري

نحت السعودية وسورية خلافاتهما جانبا وبدأتا سباقا مع الزمن لنزع فتيل التوتر السياسي في لبنان والحيلولة دون تفجر أعمال العنف إذا وجهت اتهامات لأعضاء حزب الله بالضلوع في مقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005.
ويمكن أن تؤدي لائحة اتهام من المتوقع أن تقدم لمحكمة تدعمها الأمم المتحدة هذا الشهر الى مواجهة بين حزب الله الشيعي الذي ينفي أي صلة له بمقتل الحريري وبين حلفاء رئيس الوزراء السني سعد الحريري نجل رفيق الحريري.
ويسعى كل من الرئيس السوري بشار الأسد والعاهل السعودي الملك عبد الله اللذان يخشيان اندلاع العنف الطائفي في لبنان إلى التوصل لاتفاق يحقق الاستقرار في البلاد.
ولم تفصح سورية أو السعودية عن تفاصيل المبادرة لكن عقاب صقر النائب اللبناني الشيعي المقرب من الحريري قال ان المبادرة تتركز حول تعهد من حزب الله بعدم اللجوء إلى العنف إذا ما وجه الاتهام إلى أي من أعضائه بينما يتعهد الحريري بعدم استغلال اتهام أعضاء حزب الله المحتمل لأغراض سياسية.
وقال صقر ان الأطراف توصلت إلى خارطة طريق تتضمن عدم استهداف حزب الله داخليا مهما كانت الاتهامات وألا يستخدم حزب الله الاتهام لاستهداف الأمن الداخلي اللبناني.
وما زالت المبادرة تواجه عقبات رئيسية تتعلق بتوقيت تنفيذها. ويطالب حزب الله الحريري برفض لائحة الاتهامات حتى قبل صدورها بينما يقول أنصار رئيس الوزراء اللبناني انهم يجب أن يروا الاتهامات أولا.
كما تسببت الجراحة التي أجراها الملك عبد الله في الولايات المتحدة الى ابتعاده مؤقتا عن الجهود الدبلوماسية المبذولة بهذا الشأن.
ويتوقع دبلوماسيون أن يقدم مدعي المحكمة الخاصة بلبنان ومقرها هولندا مسودة لائحة الاتهامات ربما هذا الأسبوع.
وقال كريسبين ثورولد المتحدث باسم المحكمة ان مضمون لائحة الاتهامات لن يعلن وسوف يستغرق قاضي المعارضات نحو شهرين كي يقرر ما اذا كان سيعتمد اللائحة. كما يقرر القاضي توقيت نشرها إذا ما كانت ستنشر.
وإذا صدرت لائحة اتهامات تشمل أعضاء من حزب الله فهناك احتمال ضعيف أن يتم القبض عليهم مع الأخذ في الاعتبار قوة حزب الله العسكرية وما سبق أن هدد به الأمين العام للحزب حسن نصر الله عندما قال 'يخطئ من يتصور أننا سنسمح بتوقيف أي من مجاهدينا واليد التي ستمتد إلى أي واحد منهم ستقطع'.
وحتى مع افتراض وجود المشتبه بهم في لبنان وافتراض أن أماكنهم معروفة فلا يوجد من يستطيع اجبار حزب الله على تسليم عضو من أعضائه. وقال صقر ان من المستحيل شن حرب على حزب الله لإجباره على إحضار أو تسليم شخص ما.
لكن عدم تسليم المشتبه بهم لن يعطل المحاكمة التي يمكن أن تواصل إجراءاتها غيابيا. ويقول صقر ان المحاكمة يمكن ان تستمر أيضا حتى لو سحب لبنان حصته من تمويل المحكمة التي تمثل نصف حجم تمويلها.
لكن لا يبدو انها ستحقق ما يريده منها مؤيدوها من أهداف طموحة مثل تحقيق العدالة وانهاء حالة الافلات من العقاب في الاغتيالات السياسية وتأكيد سيادة لبنان.
وقالت المجموعة الدولية لإدارة الأزمات في تقرير أصدرته الأسبوع الماضي 'العديد من الأهداف الأسمى التي ارتبطت في البداية بالعملية القضائية... لا يمكن تحقيقها عمليا أو ستتحقق بتكلفة باهظة اذا جرى السعي إليها جديا'.
وضغط نصر الله على الحريري لنبذ المحكمة قائلا انها تلوثت بشهادات الزور واعتمدت على تسجيلات هاتفية ربما تلاعبت بها اسرائيل.
كما أثارت التقارير الاعلامية عن البرقيات الدبلوماسية الأمريكية المسربة على الإنترنت شكوك اللبنانيين في حياد المحكمة.
ونقلت صحيفة 'ديلي ستار' الاثنين عن محقق بالأمم المتحدة تشكيكه في القواعد القانونية التي ارتكن إليها احتجاز أربعة جنرالات احتجزوا لأربع سنوات دون اتهام.
وكشفت المراسلات التي نقلتها 'ديلي ستار' وصحيفة 'الأخبار' عن لجوء المحققين المتكرر إلى مساعدة الولايات المتحدة بما في ذلك طلبات بمعلومات مخابرات وامكانيات تنصت على مكالمات هاتفية وتصوير بالأقمار الصناعية وتحليل جنائي.
وقال صقر ان العرض السعودي السوري يطالب الحريري برفض أي 'استهداف سياسي' لحزب الله في لائحة الاتهام.
وأدى التوتر بسبب التحقيق إلى إصابة حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الحريري بالشلل وهي الحكومة التي تضم حزب الله أيضا بينما يقول المصرفيون ان هذا التوتر أجبر البنك المركزي على بيع متكرر لمبالغ متوسطة من مخزوناته من الدولار الأمريكي لدعم العملة المحلية.
وأدت الأزمة السياسية في عام 2008 إلى اشتباكات بين حزب الله وحلفائه وبين أنصار الحريري الذي يدعمه الغرب والسعودية. وكانت هذه الاشتباكات أشد الصراعات الداخلية عنفا منذ الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت بين عامي 1975 و1990.
ويقول محللون ان حزب الله من الممكن أن يرد على اتهام أعضائه بردود قاسية وان لم تكن عنيفة كالإضراب والعصيان المدني أو إجبار مطار بيروت على الإغلاق.
وقال صقر ان احدا لا يرغب في تصرف قد يتحول إلى عمل عنيف في حين أيدت ايران التي لها تأثير قوي على حزب الله المبادرة السورية السعودية.
رويترز