سوق الحجر الأسود للسيارات .. غموض بنّاء!
شام نيوز- وجيه موسى
تبدو قصة سوق السيارات في الحجر الأسود، جنوبي دمشق، أشبه بأحجية عصية على الحل، فهذا (البازار) الذي حول حياة أهالي مخيم اليرموك والحجر الأسود إلى جحيم متواصل، تتوزع (الولاية القانونية) عليه بين بلديتي الحجر الأسود التابعة لريف دمشق، وبلدية اليرموك التابعة لمدينة دمشق، ومن هنا يبدأ (الغموض البنّاء) الذي ميز قصة هذا السوق منذ تأسيسه وحتى الآن، مما جعله عصياً على الحل لدى أهل الحل والعقد، ومكاناً للازدحام، وممارسة العادات السيئة من تلطيش للمارين، ولعب بالقمار، ومدخنة لـ"الأراغيل".
السيارات المزدحمة على جانبي الطريق، أشبه بأسطول كبير، منها القديم ومنها الحديث أما مكاتب السيارات فيزيد عددها على (400) مكتب في شارع لا يتجاوز طوله 200 متر يتواجد فيه في فترة الذروة أكثر من (2000) سيارة في هذا المكان والذي لم يعد أساساً لهذا الغرض، إذ أقيمت بعض المكاتب في غرف منزلية تطل على الشارع، ثم دخلت بعض الشركات لتعرض سياراتها الحديثة ,فازدادت الحركة وفرضت وجود أشياء أخرى مثل المقاهي الليلية الأشد إزعاجاً للسكان، وأخيراً فرضت وجود جوالين لا تعرف ماهية عملهم بالأساس، أطلق عليهم أصحاب المكاتب اسم "الوشيشة".
بين سلطتين!
يقع سوق الحجر الأسود للسيارات بين مخيم اليرموك ومدينة الحجر الأسود، فشمال الطريق يتبع لبلدية اليرموك وفيه أكثر من \240\ مكتباً. أما جنوب الطريق فهو يتبع لبلدية الحجر الأسود وفيه حوالي /160/ مكتباً، والشرطي المفرز من تلك البلدية لا يتدخل في أي حادث يخص البلدية الأخرى. فهناك استقلالية تامة لكلا البلديتين فواحدة تتبع محافظة دمشق والأخرى لريف دمشق ... ناهيك عن أن بعض المكاتب تتحول في آخر الليل إلى أماكن للعب القمار وشرب الخمور وهذا ما ذكره لنا أحد عناصر الشرطة في الناحية، وطلب عدم ذكر اسمه. وعندما توجهنا إلى مدير الناحية للسؤال والاستفسار عن هذا السوق، لم نجده ولم نجد نائبه، فتحدثنا إلى بعض العناصر الذين تأففوا من وجود هذا السوق الذي يجلب لهم المشاكل دائما من سرقة ونصب واحتيال.
الوشيشة
ويرى المحامي نادر الخطيب الذي يقع مكتبه قرب السوق أن "حالة الازدحام لا تطاق فحتى تقطع مسافة لاتتجاوز /500م/ من أمام الناحية عند مكتبي إلى نهاية شارع الـ /30/ يلزمك أكثر من/20/ دقيقة في السيارة وهذا أمر فظيع، لذلك أحيانا أضطر لقطع عدة كيلو مترات آخذا طريق القدم كي أتخلص من الازدحام". وتمنى الخطيب من الجهات المسؤولة أن تفكر بهذا السوق وتجد له حلاً فليس من المعقول أن يكون سوق بهذا الحجم في منطقة سكنية.
أما المواطن محمد الحريري من سكان المنطقة ويعمل معلماً فقال "إن مكان السوق غير مناسب أبدا لأنه يقع وسط حي سكني مكتظ بالسكان وهو يعيق حركة السير بشكل عام وخاصة سيارات الإسعاف،لأن السوق يتوسط عدة مشاف في المنطقة مثل مستشفى فلسطين ومستشفى يونس ومستشفى البراء، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يشكل هاجسا لدى المواطنين لما يفرزه من حالات مسيئة للمجتمع، فعلى سبيل المثال إذا كنت مع أسرتك في سيارتك الخاصة ومررت من السوق يتهافت عليك أكثر من شخص، أقل ما يمكن أن يقال عنهم إنهم غير مهذبين ويبادرونك بالسؤال : للبيع ...للبيع؟؟ ..وإذا قلت لا! ردوا عليك بعبارات لم تسمع مثلها من قبل.
ويلفت صاحب محل البغا للتجارة النظر إلى أن "السوق يشكل حالة ازدحام وإزعاج وخاصة لأهالي الحي، فنجد عند مدخل كل عمارة يتجمع مجموعة من الأشخاص الذين يعملون في السوق ويتبادلون الشتائم والسباب التي تخدش الحياء" ويضيف: "تخيل ذلك وأنت مع ابنتك أو زوجتك أثناء دخولك أو خروجك من منزلك، إنها عبارات ومناظر مسيئة ومخلة بالآداب العامة، ناهيك عن المشاجرات التي تحصل كل يوم بسبب "الكمسيون" وغيره.. ويختم حديثه بأسى: "الحقيقة الحالة بتبكي يا ريت ينقلوا من هون ويخلصونا".
من جانبه يدعو المواطن إبراهيم الزغلول، من سكان المنطقة ويعمل موجهاً تربوياً إلى: "تخصيص قطعة من الأرض بعيدة عن السكن بحيث يصبح السوق مقصداً لكل من يريد شراء أو بيع سيارة، وبشكل نظامي تضبطه القوانين والقواعد السارية لمثل هذه الأسواق وتعم الفائدة على الوطن والمواطن".
رأي أصحاب المكاتب
غير أن لأصحاب المكاتب رأي آخر، فهم يميزون بين مكاتب تأجير السيارات وبين مكاتب البيع.
بقول إياد محمد صاحب معرض لبيع وشراء السيارات: "لاشك أن الازدحام الحاصل أمر عادي فكل الأسواق تشكل ازدحامات مرورية.. انظر الازدحام في شارع لوبية القريب من هنا". ويتابع قائلاً: "يجب أن نفرق هنا بين مكاتب التأجير التي طالما يحدث فيها المشاكل من نصب واحتيال إلى غير ذلك , و مكاتب البيع فهذه معروفة ومرخصة من قبل البلدية، وتدفع ضريبة تصل إلى (50) ألف ليرة سورية بين المالية والدخل عن مساحة 80 متراً".
ويؤكد إياد محمد أن "أغلب المشاكل التي تواجهها في هذا السوق غير الازدحام هي بسبب الوشيشه . والوشيشة كما يقول: "هم مجموعة من الأشخاص غير المنضبطين الذين يتهافتون على كل سيارة تمر في السوق بغية سؤال راكبها للبيع, وهؤلاء عبارة عن جوالين لا نعرف من أين يأتون فلا مكاتب لهم ويستخدمون عبارات نابية ومسيئة للحشمة والآداب العامة مما ينعكس سلبا على أصحاب المكاتب النظامية والمرخصة, فهؤلاء هم من يلعبون القمار ويشربون الخمور ويسيئون لنا وللأهالي، ناهيك عن بعض المقاهي الليلية التي فتحت في الحارات المؤدية إلى السوق والتي يحدث فيها ما يؤذي الأهالي".
ويؤكد أن "عملية البيع عندنا هي عبارة عن عرض وطلب ليس هناك أسعار محددة فكل سيارة سعرها وراغبها.. ونحن نتمنى فيما إذا تم نقل هذا السوق أن نعوض بمكان بديل وبنفس المواصفات على الأقل ولمن له الحق في أن يكون صاحب محل أي من لديه الرخصة في ذلك ونحن على استعداد لتحمل كافة المسؤوليات المرتبة علينا".
رأي بلدية الحجر
لا ينكر رئيس بلدية الحجر أياً من الشكاوى التي تحدث بها المواطنون، غير أن توزع تبعية السوق بين بلديتين ومحافظتين يجعل السيطرة عليه صعبة، ولذلك فإن الحل هو بخروج هذا السوق من المنطقة السكنية والبحث له عن مكان مناسب.
يقول رئيس بلدية الحجر الأسود : "إن وجود السوق هنا بالأساس غير قانوني لأن المحال في الأساس غير معدة لمثل هذا العمل وإن الرخص هي رخص على الحال الواقع، وقد أوقفنا الآن منح التراخيص".
ويضيف: "نحن كبلدية نقوم بقدر الإمكان بتنظيم وضبط العمل بهذا السوق من خلال مراقبة عملية الفتح والإغلاق وخاصة ساعة الإغلاق من أجل تأمين راحة المواطن, وقد رفعنا غرامة المخالفة لعدم التقيد بالساعة المحددة للإغلاق من300 إلى500 ليرة سوري ولكن يتواجد في هذا السوق أكثر من 400 مكتب يتبع منها 160 مكتبا لبلدية الحجر الأسود والباقي لبلدية اليرموك".
ويؤكد رئيس البلدية أن لا سلطة له على المكاتب التابعة لبلدية اليرموك التي تبقى إلى ساعات متأخرة من الليل".
والحل.. كما يرى رئيس بلدية الحجر هو في خروج السوق خارج المخطط التنظيمي بمنطقة القدم العقارية حيث تقد بمشروع سوق بديل بمساحة 25 دونماً ,مؤكداً أنهم في بلدية الحجر وفي محافظة ريف دمشق يبحثون عن حل جذري لهذا السوق من خلال التنسيق مع محافظة مدينة دمشق لأنه يشكل حالة إشكالية في مدينتنا من كثرة ما نتلقاه من شكاوى المواطنين.