سوق الفيسبوك: أرباح بالجملة دون رقابة.. والصبايا بائعات ومشتريات

شام إف إم - رنيم خلوف
منذ ثلاثة أعوام بدأت "ريم" بعرض بضائعها على إحدى مجموعات «الفيسبوك» المغلقة والخاصة بالفتيات، تبيع يومياً ما تيسر من ثياب وتعرضها بأسلوب تجاري على حد تعبيرها، وعند سؤالها عن الربح قالت: "الثقة بي كتاجرة هي الأهم بالنسبة لي من الربح".
انتشرت التجارة على مجموعات الفيسبوك بعد عامين تقريباً من فك حجب الموقع في سوريا، عندها بدأ الشباب والشابات العاطلون عن العمل في البلد بالتوجه لخلق فرص عمل لهم، فأسسوا مجموعات "فيسبوكية" أو ما يسمى بالعامية "الغروبات"، شملت كل مايخص الحياة من "نكات +18، ومجموعات علمية، اجتماعية، ثقافية"، وجميعها أصبحت وسائل إعلانية لتجار الفيسبوك.
ثقة ونصب
عشر دقائق فقط كانت كفيلة بالحصول على 300 رد من صبية على إحدى "مجموعات الفيسبوك" بعد سؤالهن عن موضوع "تجارة مجموعات الفيسبوك" "الغروبات"، أتت الردود مناصفة بين مباركاتٍ للفكرة، ورافضاتٍ لها وكل منهن تحدث عن أسبابه، حيث تشير دنيا أن كل مشترياتها من الفيسبوك وهي تثق بالبضائع التي تعرض، وتوفر عليها هذه " الغروبات" الوقت والجهد من متاعب التسوق، في حين أشارت نور أن هذا النوع من التجارة إيجابي للطرفين البائع والمشتري في حال كان هناك ثقة بين الطرفين، و تكون التجارة خاسرة بالكامل عندما يكون أحد الطرفين غير صادق وخصوصاً إذا كانت القطع التي تباع تُشحن إلى المحافظات السورية، بينما حكمت هناء بردها قاطعةً أنهم "كلهم كذابين" على حد تعبيرها.
لا تقتصر البضائع على الثياب والأحذية بل تشمل كل ما يخص الحياة من عطورات، وصلات شعر، إكسسوار نسائي، وغيرها، في حين أشارت بيان إلى مساوئ تجارة الفيسبوك، من خلال التزوير لصور بعض القطع واستخدام عارضات أجنبيات لجذب الانتباه، بينما تصل القطع مختلفة عن الصورة وخصوصاً وبأقمشة رديئة وصناعة محلية بينما يكون العرض أنها أجنبية المنشأ أو تركية، و تستخدم التاجرات فلاتر التصوير للتحسين من شكل المنتج.
أتت فكرة التجارة عبر الفيسبوك والمجموعات الكبيرة لتنافس المحال التجارية والأسواق بالأسعار كونها لا تخضع لأي نوع من أنواع الضرائب من قبل الجهات الحكومية، فالمحل هو صفحة فيسبوكية والوسيلة إما لقاء في مكان يتفق عليه التاجر والمشتري أو وسائل شحن إلى المحافظات.
لكن 185 تعليقاً من أصل 300 رد على رأي الصبايا بالبضائع والتجارة الالكترونية تحدثت عن غلاء كبير بالأسعار مقارنة بأسعار الأسواق بحجة أن البضائع أجنبية.
كان الهجوم متبادلاً بين المشتريات والبائعات، حيث اتهمت الأخيرات بالمقابل المشتريات بالنصب أيضاً، وعدم النظر إلى هذه المهنة أنها لقمة عيش لكثير من الفتيات وليست مضيعة للوقت، وخصوصاً أن البائعة تتحمل قسماً من تكاليف الشحن إن كان لمحافظة أخرى.
هنا لابد من الإشارة إلى أن أكثر البضائع المباعة تكون للإناث، في حين " أم زيد" كسرت القاعدة واختصت ببيع الأحذية الرياضية للرجال، وعند سؤالها عن السبب أجابت أن التعامل مع الذكور أسهل وأكثر ليونة من الإناث، وفي ذات السياق أجاب عمار أنه يفضل الشراء عن طريق الفيسبوك لأنه بدون سماسرة، بينما أشار رواد أنه لا يثق بهم أبداً.
منافسة وهمية
تشير السيدة "أمل جيلو" صاحبة محل تجاري في سوق القصاع شرق العاصمة أن منافسة صفحات الفيسبوك للأسواق وهمية، فالخيارات بالمحال التجارية أوسع، والبيع والشراء محكوم بضوابط أخلاقية مع الزبائن، إضافة إلى سمعة المحل وفواتيير رسمية وقانونية، وصفحة الفيسبوك هي وسيلة إعلانية لوصول المنتجات وعرض الجديد فقط، فيما يؤكد السيد أحمد علي صاحب أحد المحال التجارية في عشوائيات حي المزة، كلام السيدة أمل ويتابع أن ثقة الناس بالمحال التجارية أكبر، إضافة إلى التعامل بأسلوب التقسيط الذي لا يمكن أن يتوفر في التجارة الالكترونية، ولا يملك صفحة للترويج لمنتجاته لأن زبائنه محددين.
رأي رسمي
تحدث جمال شعيب نائب وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك لـ «شام إف إم»، أن قانون التسويق الالكتروني صدر عام 2013، وهو مرتبط أيضاً بعدد من الجهات الحكومية إضافة لوزارة التجارة الداخلية، التي انتهت مؤخراً من وضع التعليمات التنفيذية والضوابط الخاصة بالقانون، وهذه الضوابط ستشمل الشركات التجارية التي تسوق لمنتجاتها عبر الفيسبوك بحيث تتم محاسبتها في حال مخالفتها للمواصفات المذكورة على وسيلة التواصل الاجتماعي، ويجب أن يكون للشركة سجل تجاري لتستطيع أن تستخدم ميزة التسويق الالكتروني، ورداً على سؤال حول التجارة عبر مجموعات الفيسبوك أشار أيضاً أنه سيتم تنظيمها وفقاً للقانون الجديد.
رأي قانوني
تحدثت الدكتورة المحامية آلاء شاهين لـ «شام إف إم» حول موضوع القوانين الناظمة للتجارة الالكترونية، وأشارت أنه في الجمهورية العربية السورية يوجد ثلاثة قوانين ناظمة للتجارة الالكترونية، هو القانون رقم 3 للعام 2014 المتعلق بالمعاملات الالكترونية، والقانون رقم 4 التوقيع الالكتروني وخدمات الشبكة لعام 2009، والمرسوم 17 لعام 2012 المتعلق بتنظيم التواصل على الشبكة ومكافحة الجريمة المعلوماتية، وكل عمليات البيع والشراء أو تبادل للإيجاب والقبول، التي تجري عبر الفيسبوك أو الواتسآب ، أو المواقع الالكترونية التي تندرج تحت مسمى العقد الإلكتروني، حيث اعتبر المشرع السوري أن العقد الالكتروني مقبول قانونياً للتعبير عن الإدارة.
وفيما يتعلق بالبيع والشراء عن طريق الفيسبوك وفي حال الخلل بالسلعة أو الغش فيها، لم ينظم المشرع السوري التزاماً بمطابقة المبيع لا بالقواعد العامة أو حتى الخاصة، وفي حال الخلل بالالتزام بمطابقة السلعة، بهذه الحالات ترفع دعوى يتم المطالبة من خلالها، بـ "التنفيذ العيني" ويتم إما عن طريق إصلاح السلعة المبيعة أو استبدالها وتحمل المواصفات المتفق عليها، أو رد المبيع واسترداد الثمن وهذه الحالة الأخيرة نظمها المشرع السوري على أن تتم خلال عشرة أيام.
ويبقى السؤال المطروح اليوم هو "كم عدد الناس الذين يعرفون بهذه القوانين؟؟" في ظل التنامي المستمر لسوق الفيسبوك الجديد.