سوق سوداء للإجهاض في سورية!

سوق سوداء للإجهاض في سورية
شام نيوز- وجيه موسى
لا أحد يريد الحديث عنه ولا حتى الاعتراف به، وكأن غض الطرف عنه يعني عدم وجوده.
إنه الإجهاض الذي لا يزال سراً غامضاً في سورية على الرغم من انتشاره وشيوعه.
متى يحق للمرأة أن تجهض جنينها؟
ما موقف القانون والدين من الإجهاض عمداً؟
وكيف ينظر المجتمع إلى الإجهاض؟
شام نيوز تناقش هذه الأسئلة مع أصحاب الشأن والرأي من خلال التحقيق التالي:
يقول أحد الصيادلة: " جاءني رجل يبلغ عمره 50 عاما مع زوجته. وهما ربا عائلة تتألف من 10 أشخاص مع أوضاع اقتصادية غاية في السوء. طلب مني حبوب إجهاض قائلاً إن زوجته حامل – بالصدفة – وأنهما لا يريدان المزيد من الأطفال. أخبرته أنني – وكصيدلاني – لا أستطيع إعطاء هذه الحبوب دون وصفة طبية، فتوسل إلي قائلاً إن ظروفه المالية سيئة، فوعدته بالمساعدة مخابرا صديقا لي يعمل طبيبا. سيتكلفان 400 ليرة سورية للتخلص من الجنين، رغم أنها ما كانت لتدفع أقل من 5000 ليرة سورية في عيادة طبيب.
وفقا لدراسات طبية حديثة، هناك 64 مليون حالة إجهاض في العالم العربي سنويا، بمعدل 126000 حالة فيه يوميا، 60 % منها تجرى لفتيات مراهقات. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، تقضي 78000 امرأة نحبها سنويا بسبب حالات إجهاض غير آمنة ومضاعفاتها، حيث تجرى 20 مليون حالة إجهاض غير آمنة سنويا.
وكون عملية الإجهاض منبوذة من قبل المجتمع، و محرمة في بعض الأديان، وصعبة التبرير قانونيا، تجرى عمليات الإجهاض وراء أبواب مغلقة وبسرية تامة.
وأغلب المشافي العامة والخاصة في سورية لديها جواب واحد " نجري عملية الإجهاض فقط في حال كانت حياة المرأة أو الجنين في خطر". والعديد منهم ألمحوا رغم ذلك إلى سوق الإجهاض السوداء في سورية مشيرين إلى أنه بإمكاننا البحث عن أجوبة هناك.
امرأة "ناضجة ومثقفة" كان ذلك قراري
شيرين امرأة تعتبر نفسها "ناضجة ومثقفة" خضعت لعملية إجهاض غير آمنة. " كان ذلك قراري". " كان عمر ابنتي سنتين فقط بحيث لم يكن بإمكاني إنجاب طفل آخر في مرحلة رضاعة ابنتي". الطبيب الأول رفض إجراء العملية، مضيفة، أنها أجبرت للذهاب إلى طبيب إجهاض "من تحت الطاولة"، "لم يسألني أية أسئلة، ولكنه فقط حدد موعد العملية". ويوم موعد العملية " ذهبت للعيادة مع زوجي وجاءنا رجل على دراجة هوائية قائلاً إنه من سيجري العملية ". وتشرح شيرين: " لم يطلب مني اختبارات دم، ولم يكن هناك إمداد بالأكسجين للعيادة. لم أكن أعلم مدى تعقيم المعدات. لو كنت في حالة عقلية أخرى لما أكملت".
قتل أم فضيحة أم حقوق المرأة؟
معظم الدول في المنطقة ومن ضمنها سورية تحظر الإجهاض. " سورية تقف بصرامة مع القوانين التي تردع المواطنين من الإجهاض وتحدد عقوبات صارمة لمن يسهل أو يجري الإجهاض". حسب المحامي محمد العلي يقول: " القانون يعاقب المرأة التي تجري الإجهاض بالحبس لفترة تتراوح بين ستة أشهر وثلاث سنوات، وأي شخص يقوم بالعملية يعاقب بالسجن لفترة تتراوح بين سنة لثلاثة سنوات. وإذا ما تسبب الإجهاض بوفاة الأم تصبح العقوبة أعمالا شاقة لمدة سبع سنوات".
معظم عمليات الإجهاض السوداء تجرى فيما يسمى " عيادات النساء" أو ضمن "القابلة" ومن يقومون بهذه الأعمال غير المشروعة يبررون فعلتهم أنهم يحمون المرأة الشرقية من فضيحة اجتماعية قد تودي بحياتها.
مديرة جمعية حماية الأسرة، كانت أكثر اهتماما بالمخاطر الصحية والاقتصادية والنفسية للإجهاض في مناخات غير آمنة ، تقول " تخضع المرأة لضغط نفسي رهيب وستعزى كل المشاكل المستقبلية التي ستواجهها للإجهاض. وإذا ما اكتشف المجتمع ذلك فسينظر إليها على أنها شخص خرق قواعد المجتمع. اقتصاديا تقوم ببيع مقتنياتها لتدفع للإجهاض، أو تستدين المال لذلك.
إن استنكار الإجهاض رغم ذلك يؤدي إلى نتائج أخرى غير مرغوبة. " فالقضية أصعب في حال كانت المرأة قد تعرضت للاغتصاب وتريد التخلص من الجنين مباشرة وتخفي الأمر عن الجميع بمن فيهم زوجها، وتلجأ لوسائل بدائية للتخلص من الطفل". وتضيف" تستهلك كميات كبيرة من الحبوب، الشاي الأسود أو الماء المغلي مع الاسبيرين. قد تلجأ للصوديوم المحترق أو الماساج العنيف للبطن أو الوسيلة الأخيرة وهي التخلص من الوزن خلال الحمل لتقضي على الجنين بالقوة".
ومع إجراءات قاسية كهذه، ومن وجهة نظر علم الاجتماع الذي يرى أن "الإجهاض حق من حقوق الإنسان، خصيصا فيما لو اعتبر الطفل من خارج الزواج".
المخاطر الصحية الكثيرة التي تضع المرأة نفسها فيها لتفادي عقاب المجتمع تزداد طبعا عند التحدث عن منعه تماما.
الاسلام: الشرع يبيح ولكن ....
يعتبر د. (محمد حبش) رئيس مركز الدراسات الإسلامية: (إن الإجهاض قبل 40 يوماً لا غبار عليه لأي سبب كان، أما في حال كان عمر الجنين 4 أشهر فهو محل خلاف بين الفقهاء، وفي هذه الحالة فنحن نفتي بالإجهاض درءاً للتداعيات الاجتماعية ولحقن الدماء كالإجهاض الجنائي، أما إذا كان عمر الجنين أكثر من أربعة أشهر فيكون الإجهاض بمثابة جريمة إلا في حال كان الإجهاض لسبب يشكل خطورة على حياة الأم).
و أفتى الأزهر بمصر بالسماح بالإجهاض للحمل الناتج عن عملية اغتصاب في حال كان عمر الجنين أقل من أربعة أشهر.
المسيحية: "يجب ألا تقتل "
بالنسبة للعديد من المسيحيين، النص الخامس واضح وصريح. " يجب ألا تقتل". ويذكرنا الإنجيل في كل مناسبة أن الله هو واهب الحياة وفيما يعتقد البعض أن الحياة تبدأ بالولادة، يرى البعض أنها تبدأ مع بدء التكوين ولذا الإجهاض.. جرم مباشر متعمد ممنوع.
زوج لا يكلم زوجته وشبح الطفل
"المشكلة هي أنه عندما ترغب امرأة في الإجهاض لا تفكر في المستقبل ولكن فقط بالظرف الحالي". سها، التي أجرت عمليتي إجهاض عندما كانت شابة تقول. " أردت أن أدرس. أمي شجعتني وساعدتني على الإجهاض. قالوا لي إن الإجهاض آمن وأن الطبيب كان مشهورا كفاية". لاحقا ورغم ذلك، تدخل في صدمة نفسية شديدة، ترى نفسها ملاحقة من قبل الأشباح لبعض الوقت، وتعيش مع زوج لا يكلمها بسبب غضبه لقتلها الجنين.