سيدتان من الوفد

هل هي مصادفة أن تجرى انتخابات مجلس الشعب في هذه الأيام.. بينما شهدت مصر يوم الأحد 25 نوفمبر 1866 افتتاح الخديو إسماعيل أول مجلس نيابي منتخب فى مصر هو مجلس شورى النواب!! ولكن مجلس 1866 ليس كمجلس الشعب الحالي.. الذي ننتخب نوابه الأحد 28 نوفمبر.. وإذا كان المجلس القديم قد عقد جلساته في مثل هذه الأيام بالقلعة برئاسة إسماعيل راغب باشا بحضور الخديو وأركان حكومته بتقديم شريف باشا رجل الدستور المصري وكان وقتها وزيراً للداخلية.. صدفة غريبة فعلاً ولكن مجلسنا الجديد قيد لأول مرة النص على حصة المرأة ليكون تمثيلها قادراً على حماية حقوق المرأة والأسرة.. ومادام الكلام عن المرأة النائبة عن الأمة فلماذا لانتحدث عن أبرز سيدات الوفد اللاتي يخضن الآن أعظم المعارك.. على هدي سيدات الوفد الكبار اللاتي قدن حركة نهضة المرأة وفي مقدمتهن أم المصريين صفية زغلول والمناضلة هدى شعراوي إلى عزيزة حسين لنصل إلى المناضلات الوفديات الآن.. فمن هن؟ **
في المقدمة تأتي الدكتورة منى مكرم عبيد التي تخوض المعركة ضمن كوتة المرأة بمحافظة القليوبية.. وهي مكرم عبيد مكرر أى مثنى وثلاث.. ومن هو مكرم عبيد.. هو واحد من أبرز المناضلين في تاريخ مصر السياسي الحديث.. تلميذ سعد زغلول ورفيق مصطفى النحاس. وقد اهتمت بنت العيلة منى مكرم عبيد جورج مكرم مكرم عبيد بجمع تراث كبير العائلة الزعيم مكرم عبيد باشا المسيحي المصري الذي حفظ القرآن وكان يتحدث بالقرآن في خطبه السياسية ومرافعاته أمام المحاكم.
وفي منزل الزعيم مكرم عبيد عايشت الحفيدة منى مكرم عبيد السياسة من خلال الاجتماعات التي لم تنقطع وعاشت بين صور الوفديين الكبار والمنفيين إلى سيشل.. **
وكما وهب مكرم عبيد الكبير حياته لقضية وطنه.. تهب الحفيدة منى مكرم عبيد حياتها للوطن وللعمل السياسي.. ومنى ـ ابنة قنا ـ هي أول سيدة تدخل الهيئة العليا لحزب الوفد.. بل أصر الزعيم الكبير فؤاد باشا سراج الدين ان يكتب بيده استمارة عضويتها بالحزب.. فقد كان يحبها كثيراً ويعتبرها واحدة من كريماته.. ولم يساندها أحد فى مسيرتها.. ولكنها نالت موقعها بنشاطها وجهدها.. ولم تكتف بأنها ابنة شقيق الزعيم الكبير مكرم عبيد.. ولقد عرفتها في بدايات عودة الوفد للعمل السياسي بعد انتهاء فترة التجميد عام 1984.. عرفتها وهي تشغل موقع مقررة لجنة الشئون الخارجية بحزب الوفد التي كان يرأسها الفقيه الدستوري الكبير الدكتور وحيد رأفت نائب رئىس الوفد وقتها.. ورأيتها والفقيه الكبير يعتمد عليها كثيراً بسبب علاقاتها الدولية وامكانياتها الكبيرة.. **
والمعركة الحالية التي تخوضها هذه الأيام ليست هي الأولى.. بل خاضت معركة شرسة في انتخابات 1987 وجاء ترتيبها الثالثة على قائمة الوفد.. وهي تخوض معركتها الآن على مقعد المرأة بمحافظة القليوبية ورمزها النخلة، على مقعد الفئات. وهي معروفة إقليمياً وعالمياً.. فهي السياسية التي لا تهدأ.. ومن هنا أتوقع أن تكون صوتاً عالياً تحت القبة.. من أجل بنات القليوبية.. ومن أجل المرأة المصرية.. من أجل الوطن كله.. كما كان عمها الزعيم مكرم عبيد باشا.. ابن الصعيد الجواني!! **
وسيدة صعيدية أخرى أتوقع لها مكاناً رائداً تحت القبة هى السيدة منى أحمد قرشي.. سياسية بنت سياسي.. حفيدة سياسي وهي تخوض الانتخابات على مقعد المرأة عمال بمحافظة أسيوط ورمزها النخلة.. وقد قام جدها بعمل رائع.. كان يحلم أن تصبح مدينته مقراً لمديرية أسيوط.. فأنشأ العديد من المباني العامة لتكون مقراً للمصالح والإدارات الحكومية هناك.. كل ذلك على حسابه الخاص.. ومازال أبناء دائرته يتذكرون له كل ذلك.. واليوم تقوم الحفيدة منى أحمد قرشي بنشاط سياسي وهي معروفة صعيدياً.. ومحلياً.. وإقليمياً وعربياً.. وهي من أنشط سيدات حزب الوفد..وليس فقط جاءت من صلب أسرة عريقة.. بل نراها من أول من يتحرك في الأزمات والمشاكل وجمع التبرعات وتوزيعها على المحتاجين.. ولن أنسى دورها الإنساني بعد الزلزال الذي ضرب مصر منذ سنوات قلائل.. فهى من أوائل سيدات العمل العام في مصر، ليس الآن فقط.. ولكن منذ سنوات طويلة.. وإذا كانت منى قرشي تشتهر بالعمل العام إلا أنها أكثر سيدات الوفد نشاطاً وعملاً، على المستوى الحزبي.. وكانت لها معارك شرسة في الانتخابات السابقة.. **
هما إذن.. منى مكرم عبيد.. ومنى أحمد قرشي وجهان وفديان يشرفان الحزب.. ونراهما في كل مكان: في الأزمات.. وفي النكبات وكم في مصر من نكبات.
عباس الطرابيلي - الوفد