سينمائيون: مستقبل السينما العربية لا يزال غامضا بعد ربيع الثورات

 

كثير مما كانت تقدمه السينما العربية من أفلام قبل قيام الثورات كان مخيبا للآمال ومخجلا بل مسفا إلى درجة الانحطاط، صناعه أنفسهم كانوا يرونه كذلك متحججين بالمقولة الرائجة "الجمهور عاوز كده"، لكن الثورات العربية كشفت أن أمر وعي الجمهور العربي لم يكن بهذا الانحطاط، وأن ضغوط القهر والقمع والعوز والفقر التي كان يعيش تحت وطأتها جراء فساد ولصوصية حكامه، كانت تدفعه لتقبل السفه حتى تمضي الحياة ولا تنتهي بالانتحار يأسا، وتساؤلاتنا في هذا الجزء حول مستقبل المشهد السينمائي، تتواصل إجاباتها.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
   
  يسرا  
 

سينما ما بعد الثورة

 

الفنانة يسرا ترى أن الوعي الذي تفتح بعد الثورة سيؤدي حتما إلى تغيير في السينما العربية خاصة بالنسبة للموضوعات، وقالت "الأجيال الجديدة من المخرجين والفنانين والكتاب الشباب الذين شاركوا في الثورة هم من سيصنعون مستقبلها القادم، وأتوقع أن يقدموا أعمالا رائعة، لكن هذا المستقبل لن يكون بين يوم وليلة، سيأخذ زمنا حتى يتبلور ويأخذ شكلا نستطيع الإشارة إليه والقول بأنه سينما ما بعد الثورة".

وتشير يسرا إلى أن مستقبل السينما كان قد بدأ يأخذ مسارا مختلفا حتى قبل الثورات، وهناك أفلام ظهرت قبل الثورة حصد جوائز دولية لجديتها وموضوعاتها المهمة، لكن هذا الاتجاه سوف "يمثل قوة في المرحلة القادمة بفضل تفتح الوعي بين الناس بكل ما يجري سياسيا أو اقتصاديا أو غيره ".

سينما بلا رقابة

ويقول الفنان صلاح عبدالله إن السينما ستصبح مختلفة تماماً عن ذي قبل، وسترتقي بعقلية المشاهد وطريقة تفكيره, ويضيف "الرقابة التي كانت ترفض الكثير من الأعمال التي تتعرض للمشهد السياسي وتظهره على حقيقته، أصبحت مع الإسقاطات السياسية الواعية الآن، وفي ما يخص المخرجين والمنتجين فإنهم يعلمون جيداً أن كل شيء أصبح ملموسا وأن الشعب المصري يبحث عن التغيير في كل شيء، ويبحث عن الحقائق دون تزييف، والفن لابد أن يكون محايدا".

التغيير لن يكون سريعا

يؤكد الناقد السينمائي العراقي عدنان حسين أحمد أن التغييرات الجذرية التي يشهدها العالم العربي لا بد أن تنعكس سلباً أو إيجاباً على صناعة السينما العربية التي كانت أسيرةً للأنظمة القمعية العربية التي تهاوى أعتى رموزها حتى الآن فيما ينتظر طغاة آخرون مصائرهم المفجعة طالما أن مرجل الشارع العربي لا يزال يغلي وسيحرق في أتونه كل هؤلاء المتجبرين الذين تلاعبوا بمقدرات الشعوب العربية الممتدة من من المحيط إلى الخليج العربي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
   
  عدنان حسين أحمد  
 

ويقول: "لقد حطّم الشعب العربي في تونس ومصر وليبيا حتى الآن جدار الخوف، فيما يواصل أقرانهم في اليمن والبحرين وعُمان والعراق تحطيم هذا الجدار المرعب الذي سوف نتلمس نتائجه في القريب العاجل في بعض الأفلام الوثائقية التي ترصد على وجه السرعة هذه المتغيرات العظيمة التي لم نألفها من قبل. كما يمكن أن نتلمس بعض ملامح هذا التغيير في أفلام روائية آمل أن لا يهيمن عليها طابع العجالة والسرعة لمجرد خوض هذه التجربة اللافتة للانتباه".

السينما المستقبلية متحررة

ولا يتوقع عدنان حسين أحمد أن تمتد انعكاسات التغيير في السينما العربية إلى كل المحاور صناعة وتأليفا وأداء تمثيلا وجدية، و"لكننا نطمح حقيقة إلى أن ينعكس بعض هذه المتغيرات مثل الرؤى الفنية والفكرية لكتّاب السيناريو والمخرجين بحيث يستطيع السيناريست أو كاتب القصة السينمائية أن يتناول أي موضوع يشاء من دون الخشية من الرقيب سواء أكان هذا الرقيب شخصاً أو مؤسسة أو نظام حكم، وعندها فقط نستطيع أن نقول بأننا كسرنا هذا الحاجز المرعب الذي ظل قائماً في أذهاننا على مدى عقود طويلة. أما التمثيل أو أداء الممثلين على وجه التحديد فلا أظن أنه سيتغير كثيراً في القريب العاجل، ولكنه سيتطور تدريجيا، وسوف يتغير لاحقاً حينما تكتمل دائرة المتغيرات في ذهنه تماماً، وعندها سوف يكون أداؤه متحرراً بالكامل من عقد الخوف من الرقابة أو النظام القمعي الذي سوف يكون جزءاً من الماضي التعيس أو الذاكرة غير المستحبة".

ويرى "أن السينما العربية المستقبلية سوف تكون متميزة بتحررها الفكري أولاً وهذا هو جوهر القضية أو لبّها، كما يقال، وأن هذا التحرر سوف ينعكس على كل المعطيات الأخرى التي تبدأ بكتابة السيناريو أو تدبيج القصة السينمائية وينتهي بأداء الممثل أو إضفاء اللمسات الفنية لأي مؤثر تقني يترك أثره الواضح على الفلم السينمائي".

ويشير إلى أن هذا الحديث عن مستقبل السينما سابق لأوانه بعض الشيء "لأننا لم نتمثل هذه التجربة الجديدة لحد الآن وربما ستتولى بعض المهرجانات العربية عرض نماذج لهذه الأفلام الجديدة التي ترصد المتغيرات الفكرية والاجتماعية والنفسية التي طرأت على المواطن العربي الذي يعيش ربيعه الفكري وهو يدحر قامعيه ويطاردهم في مخائبهم السرية دامسة الظلام".

 

 

 

 

 

 

 

 
   
  فوزي صالح  
 

فلتنجح الثورات أولا

ويرى المخرج فوزي صالح أن الثورات بشكل عام تدفع المجتمع لتغييرات جذرية في كثير من نواحيه، وبالطبع ستسهم الثورات العربية في تغيير لمحتوى الفنون وشكلها ومن ضمن هذه الفنون السينما، لكن إلى أى مدي سيكون هذا التغيير والتغير، هذا ما ستجيبه استمرارية الثورات العربية، هل ستنجح هذه الثورات أم سيتم إجهاضها من قبل قوى مناوئة، المستقبل يحمل الإجابة .

ويقول: "أنا شديد التفاؤل بمستقبل أفضل للجماهير، تمتلك فيه مصيرها خالقة لمجتمع أكثر عدلا وحرية، ومن ثم ستعبر الفنون ومنها السينما عن هذا التوق للعدل والحرية .

بالنسبة للسينما المصرية فنحن بحاجة لقيام منظومة شاملة لهذه الصناعة تبدأ من التعليم، مرورا بالتدريب والتطوير وصولا إلى إيجاد منتجين لأنواع السينما المختلفة، وإيجاد منافذ توزيع للفيلم المصري في العالم، ولا ننسي القوانين المقيدة لصناعة السينما كما في مصر مثلا، وخلق آليات لإنتاج أنواع مختلفة من الأفلام أيضا .

 

 

 

 

 

 

 

 
   
  عيد الخميسي  
 

حالة انتظار

ويؤكد الناقد السعودي عيد الخميسي أن السينما العربية ستمر بحالة من الهدوء في الفترات القادمة، فالأحداث تجاوزت كل ما هو سائد ومتداول لدى النخب المسيطرة على هذا القطاع. "الشارع العربي يتجاوز وبقوة وعي مصدري الفن بكافة أشكاله. والثورات العربية الهائلة ستبني فنها الخاص بالتأكيد وسيضطر جميع المشتغلين للقراءة المطولة تمهيداً للفعل والمغامرة بتقديم مشروع فني جديد. مازالت الأغلبية في حالة انتظار كما يبدو لي، فارتباط الفن بقوى المؤسسات المسيطرة واضح وجلي، وحالة الفراغ التي سنعيشها مبعثها غياب الفن المستقل الذي يؤمن بشروطه ورؤاه وإمكاناته (عدا استثناءات قليلة نادرة). سننتظر أن تدفع لنا هذه الثورات بأبطالها وفنها ونتاجها، وحتى لو طال انتظارنا، فإن النتائج ستكون مبهجة بكل تأكيد. القطيعة التي أحدثتها الثورات العربية هي خط نهائي غير قابل للتفاوض".

 

  

ميدل ايست اونلاين