شاب يسعى إلى تحقيق حلمه بعد تحرره من قضبان السجن

لم يفارقه الحلم أبداً بأنه سيعود يوماً إلى أخوته وإلى مقاعد الدراسة يوماً.. حسين الآن قابع في معهد سيف الدولة للأحداث والبالغ من العمر 17 عاماً مليء ومفعم بالحلم والحياة لكن نظرة الحزن والندم ما تزال معشعشة في أحداقه.. تصرخ وتفضح طموح هذا الحدث الذي يوصف في المعهد بالهادئ والرزين.
حسين الآن أمام التأهيل العلمي فهو طالب مقبل على نيل الشهادة الثانوية - الفرع الأدبي إلا أن الظروف الآن حالت دون تكملة دراسته.
حسين أكبر أخوته البالغ عددهم خمسة وهم مرميون فالأم متوفية منذ حوالي عشر سنوات أما الأب المقيم الدائم في السجن فكما يصفه حسين أنه منذ أكثر من عشر سنوات يقضي معظم وقته بين السجن والمنزل فبمجرد أن يخرج يدخل إليه ثانية وآخر جرم له هو السكر.
أما منزلهم فلا مأوى لهذه العائلة المشردة.. الأخوة الآخرون يعيشون في منزل الخال العازب الذي لا يستطيع أن يقدم لهم شيئاً غير المأوى والأمان..
الأخوة الخمسة كما يصفهم حسين يدرسون في المدرسة .
يقول: أنا مصر على متابعة تدريسهم لينالوا الشهادات العالية ولحسين أختان إنهما كما يقول قطعتا سكر يحبهما كثيراً لأنهما مجتهدتان في المدرسة وحنونتان الأولى في الصف الثاني والأخرى في الصف الرابع ورغم كل الظروف تصر هاتان الفتاتان على الذهاب للمدرسة والجلوس على مقاعد العلم متحديتين كل الظروف.
الجنح
ويتابع حسين قائلاً:
كنت أعمل في محل لأجهزة الكومبيوتر حتى أؤمن لأخوتي قوتهم اليومي فأحياناً كنت أقبض 150 ليرة أو 200 ليرة في اليوم وبذلك كنت أحضر لهم الغداء أو العشاء فقد تعودت منذ سنوات أن أعمل إلى جانب دراستي وفي أحد الأيام جاء بعض رفاقي وطلبوا مني أن يستأجروا المحل ليلاً مقابل مبلغ من المال فوافقت وفي الصباح جاءت الشرطة وألقت القبض علي لأن هؤلاء كانوا قد سرقوا مواداً غذائية ووضعوها في المحل فحكم علي بالتوقيف بجرم المشاركة في السرقة وحكمت بثلاثة أشهر, وأنا الآن أقضيها في هذا المعهد على أمل أن أعود إلى عملي ودراستي وأخوتي في القريب العاجل.
الندم ثم الندم
يقول حسين أنا نادم جداً على مصاحبتي لرفقاء السوء الذين أوقعوني في مصيدتهم وأعمالهم البشعة إلا أنني تعلمت من خطئي ولن أعود مهما حصل مرة أخرى إلى المعهد مهما كلفني الأمر فليس من السهل أن أعيش بعيداً عن أخوتي وأنا أكبرهم.
رغم الحاجة
ورغم الحاجة الكبيرة والفقر والعوز يضيف حسين إلا أنني كنت أعود ليلاً لأرى وجوه أخوتي إلا أنني ومنذ شهر لم أرهم وها هو العيد مقبل ترى ما الذي يفعله أخوتي ومن سيؤمن لهم شيئاً للعيد؟!.
مع دمعة مخفية
ومع دمعة مخفية في عيني هذا الحدث والشاب الصغير عمراً والكبير بطموحه وتفكيره يصف لي وجوه أخوته فيعطيهم أجمل الأوصاف والصفات.. حسين الشاب الأكبر بين أخوته يقطع على نفسه عهداً بأنه سيكون قدوة لهم مستقبلاً وما حصل لن يتكرر وسيمنعهم من الوقوع في الخطأ مهما حدث.
طموح مشروع
يطمح هذا الحدث إلى العودة قريباً إلى مقاعد الدراسة لنيل الشهادة الثانوية ودخول المعهد الرياضي ليكون أستاذاً لمادة الرياضة ويساعد أخوته لكي يكملوا دراستهم يقول ليس لهم أحد غيري فأنا الأم وأنا الأب ولا أعلم لماذا أنا هنا رغم أنني لم أفعل شيئاً؟ وهنا تعلمت المسؤولية الحقيقية وبدأت أشعر جيداً بوضع أسرتنا التي إن جاز أن نقول عنها أسرة بلا أب ولا أم فنحن ندير أنفسنا بأنفسنا..!
إنه التفكك الأسري
السيدة روعة معاز مديرة معهد سيف الدولة تقول:
حسين من الأحداث المميزين في المعهد إنه هادئ ولا مشاكل له ومسالم و يبدو واضحاً أن التفكك الأسري وسوء حال هذه الأسرة هي السبب الرئيسي في دخول هذا الحدث المعهد فلا أب يوجهه ولا أم تلملم الأولاد حولها فمن يمكن أن يقوم بأعبائهم ويدلهم على الطريق الصحيح والابتعاد عن رفاق السوء الذين كانوا وراء دخول حسين معهد الإصلاح.
ومن هنا نرى أن الكثير من الأحداث يقعون ضحية التفكك الأسري وليسوا مجرمين بل دفعتهم الظروف ليكونوا في مواطن المشاكل وحيث يتم استغلالهم في السوء والشر
شام نيوز- جريدة الجماهير