"شبه" عيد يعيشه السوريون

("شبه" عيد يعيشه السوريون)

بخبر لم يكن مفاجئاً بقدر ما كان متعباً، أعلن القاضي الشرعي أن الأربعاء هو أول أيام عيد الفطر.. إذاً اليوم هو يوم "الوقفة" كما شاعت دائماً تسميته.

الأسواق ما قبل الإفطار شبه خالية من الحركة، بسبب الارتفاع الكبير بدرجات الحرارة، ما عدا أصحاب المحال والعاملين فيها، ينتظر الناس الغروب والإفطار استعداداً لتكملة ما تبقى من أغراض العيد التي تختلف بين عائلة وأخرى.

تقول "لينا" إن أحد طقوس العيد التي لا تتغير أبداً هي الذهاب إلى السوق في منتصف الليل للإحساس ببهجة الأجواء في الشارع وبين الناس، واستكمال ما تبقى من حاجيات للعيد، وعند سؤالها عن طبيعة هذه الحاجيات أجابت ضاحكة: "نحنا ما منطلع من البيت بالعيد لهيك منجيب شبه مونة.. حواضر، غراض كم طبخة، التسالي والحلويات لانو ما عملنا معمول، الوضع المادي ما كتير بيساعد.."

أما "غزل" التي ستعيش أول عيد في حياتها بعيداً عن عائلتها، بحكم زواجها وسفرها إلى خارج البلاد، تقول إن العيد في المكان الذي ولدت فيه يختلف كليا عن أي مكان آخر.. الأصحاب، الأقارب، الجيران، هؤلاء هم العيد.. والابتعاد عنهم يجعل أيام الفرح أيام لا تختلف عن الروتين في أي شيء.

"أم مهند" لن يختلف عيدها هذا عن باقي الأعياد.. فهي كانت وستبقى قيد الانتظار.. ككل الأمهات المنتظرات عودة أحد أبنائهن الذين رحلوا، ولا تعرف إن كان الموت يُعيد من يأخذهم لكنها تحاول رؤيتهم في الأحلام وهذا شبه كافٍ لها.. تتحدث بنبرة أقل ألماً مقارنة بالأعياد الفائتة، أن الحزن هو ذاته لكن الإنسان لديه قدرة على التكيف وهي تعودت على وحدتها.. كما تعودت على كون الحزن رفيق دربها.

إحدى طالبات الشهادة الإعدادية "حنين" تشتكي من أن امتحاناتها تبدأ بعد العيد فورا، فلا يوجد مجال للاحتفال بالعيد ولا حتى الخروج من المنزل.. تتذمر قائلة: "ماما طلعت تعميم انو ممنوع حدا يجي لعنا بالعيد لانو عندي شهادة.. يعني الزيارات ممنوعة.. وحتى تياب للعيد ما جبت!" واقع يعيشه آلاف من طلبة الشهادات في البلاد.. لا بد منه.

يقول "فادي" صاحب أحد محلات الملابس أن الناس تشتري لكن بقلّة، فالوضع المادي لأغلب السوريين بات سيئا.. وشراء ملابس للعيد أصبح ترفاً يستغني الغالبية عنه.

أما "آدم" فهو يحاول الاستعداد بكل ما لديه من طاقة للعيد، باعتباره حسب رأيه مناسبة رسمية لخلق السعادة، والتواصل مع من نحبهم، وتبادل المعايدات التي قد تكون مملة في بعض الأحيان، لكن لها نكهتها الخاصة.. مصراً على اعتبار العيد يوماً لنسيان كل الهموم والفرح.

يعتبر هذا ثاني عيد خارج توقيت الحرب بالنسبة لبعض المناطق، ثاني عيد دون أن نفكر بأن قذيفة قد تسقط عند خروجك من المنزل.. ثاني عيد والناس بدأت في العودة لحياتها الشبه طبيعية، "شبه" لأن أعيادنا الآن لا تشبه أعيادنا ما قبل الحرب، فحتى العيد بات "شبه عيد".. على أمل أن نعود للفرح الحقيقي الخالي من أي شوائب وأن نبتسم.. من قلوبنا.