شركات خليجية وأردنية تسعى للاستحواذ على شركات دوائية سورية

كشف المدير العام للشركة العالمية الأولى للوساطة المالية سامر كسبار أنّ من أبرز معوقات عدم انضمام الشركات الدوائية السورية إلى البورصة وتحولها من عائلية إلى مساهمة، هو اهتمام العديد من شركات الصناعات الدوائية الخليجية وحتى الأردنية بالسوق الدوائي السوري حيث بينت شركات دوائية عربية عملاقة رغبتها في الاستحواذ على شركات دوائية سورية، وقد قامت بدفع مبالغ كبيرة للغاية من أجل عملية الاستحواذ هذه، الأمر الذي يصعب معه تقدير الأصول الثابتة للشركات الدوائية السورية بنفس المبالغ المدفوعة من قبل الشركات العربية والأجنبية وهذا ما شكل حاجزاً لعملية التحول لكون المبالغ المحصلة من عملية طرح الأسهم هي أقل من المبلغ المدفوع من الشريك الخارجي.
وبيّن كسبار لصحيفة الوطن أهم المعوقات التي تحول دون إتمام عملية تحوّل شركات الصناعات الدوائية السورية من شركات عائلية إلى شركات مساهمة عامة رغم شرح الفوائد والآثار الإيجابية لتحويلها وذلك من واقع متابعتها لهذا القطاع وعلى رأسها أن جميع الشركات الدوائية هي شركات عائلية بامتياز حتى إن الكثير من الشركات أطلق اسم العائلة على معمله أو شركته ومن ثم فإنه من الصعوبة إقناع المالك بالتخلي عن إدارة الشركة وإعادة هيكلتها وتعيين مدير عام أو مدير تنفيذي يقوم بالمهام التنفيذية المنصوص عليها بقانون الشركات ومن ثم تغيب العائلة هنا وتفقد زمام المبادرة أو أحقيتها بالإدارة أو سيطرتها التامة على الشركة.
وأضاف معوقاً آخر يؤخذ بالحسبان وهو ضياع السيطرة عندما تقوم الشركة بطرح أكثر من خمسين بالمئة من أسهمها للاكتتاب العام، وما قد يفضي إليه في بعض الحالات من فقدان العائلة للسيطرة على الشركة، ومن الصعب كثيراً على مؤسسي الشركات العائلية ووارثيهم الاقتناع بأنه يمكن عزلهم من إدارة الشركة لمجرد عدم اختيار حملة الأسهم لهم، علماً بأن نسبة ملكية العائلة من رأس المال قد تقل في حال زيادة رأس المال من خلال طرح ثانوي لأسهم جديدة.
وأشار أيضاً إلى تمتلك معظم الشركات الدوائية لعلامة فارقة، وخضوع الدواء كمادة فعالة واسم تجاري إلى فترة احتكار تمتد لخمس سنوات بعد طرحه في السوق السورية وبقاء الاسم التجاري ملكاً للشركة المصنعة إلى ما لا نهاية وبالطبع فإن هذه الملكية هي ملكيات معنوية (موجودات ثابتة معنوية) ومن الصعب تقديرها بحسب المرسوم 61 لعام 2007 حيث أعطى هذا المرسوم الحق بإعادة تقدير قيمة الموجودات الثابتة ووضع الكثير من الصعوبات للموجودات الثابتة المعنوية وذلك خوفاً من التلاعب والغش في إعادة تقدير هذه الموجودات (مثلما حدث مع شركات المنظفات) ولكن الشركات الدوائية تمتلك خصوصية في هذا المجال حيث إن قيمة الموجودات الثابتة المعنوية في الكثير من الشركات الدوائية تفوق قيمتها الموجودات الثابتة الأخرى، وهذا مبعث قلق لديها.
إضافة إلى ذلك يعتبر اسم الشركة العقبة الأساسية في وجه تحول الشركات العائلية إلى شركات مساهمة، إذ إن الاسم التجاري لأغلب الشركات العائلية مستمد من اسم العائلة أو اسم مؤسسها، فإذا رغبت الشركة في تغيير شكل الشركة العائلية إلى شركة مساهمة عامة، فلا بد أيضاً من تغيير اسم هذه الشركة، ذلك أن المادة 88 من قانون الشركات السوري الحديث قد نصت على أنه لا يجوز أن يكون اسم الشركة المساهمة اسماً لشخص طبيعي، علماً أن اسم الشركة العائلية المستمد من اسم العائلة هو أمرٌ شديد الأهمية وجوهري جداً بالنسبة للعائلة المالكة للشركة.
وبيّن كسبار أن من العقبات أيضاً أن أغلب حسابات الشركات الدوائية في سورية لا تعكس النشاط الفعلي لها والميزانيات الختامية لا تعبر بالضرورة عن المركز المالي الصحيح لها.
وأضاف: إنه من أجل الحصول على إعفاءات ضريبية يجب على الشركات أن تطرح للاكتتاب العام ما لا يقل عن 51% من إجمالي رأسمالها من أجل الحصول على ضريبة دخل ثابتة تقدر بـ14% من صافي الأرباح، الأمر الذي يفقدهم حتماً السيطرة على الشركة التي بذلوا الغالي والثمين من أجل إنجاحها.
وإن تحويل هذه الشركات إلى مساهمة عامة سوف يعرّضها للرقابة من جهات مختلفة منها داخلية ومنها خارجية وكذلك تنوّع الجهات الرقابية الخاضع لإشرافها مثل هيئة الأوراق والأسواق المالية ورقابة سوق دمشق للأوراق المالية والدوائر المالية ووزارة الصحة ووزارة الصناعة ووزارة الإدارة المحلية... إلخ من الجهات الوصائية.
وفضلاً عن ذلك، فإن تحول الشركة إلى شركة مساهمة عامة يعرّضها إلى مخاطر إضافية كان يمكن تجنبها لو اتخذت الشركة أحد الأشكال القانونية الأخرى، فطرح أسهم الشركة للاكتتاب العام يعني إدراج هذه الأسهم في سوق دمشق للأوراق المالية، ويعني من ثم إمكانية تعرض هذه الأسهم للمضاربات التي قد تخفض من قيمتها، وما قد ينتج عن ذلك من آثار سلبية تضر بالشركة كلها، وتضرّ من ثم بثروة أفراد العائلة، على الرغم من إمكانية كونهم مالكين لنسبة مهمة من أسهم الشركة.
يضاف إلى ما سبق: إن لأفراد العائلة رغبة في الاحتفاظ بالملكية المطلقة للشركة العائلية، التي بذلوا الجهد الكبير في تأسيسها وإنشائها، وصعوبة إقناعهم بإدخال شركاء جدد في ملكية الشركة. وحتى لو نجحنا في إقناعهم بذلك، فسنواجه عقبة جديدة تتمثل في أن مالكي هذه الشركات العائلية لن يقبلوا بطرح الأغلبية من أسهمها على الاكتتاب العام، بل سيحتفظون بالأغلبية لهم، ليكون بإمكانهم الاستمرار في السيطرة على الشركة ونشاطاتها. كما أن قلة المساهمين وعدم اهتمامهم بحضور اجتماعات الهيئة العامة لا يجنب الشركات المساهمة استئثار أفراد العائلة بالرأي واتخاذ القرار، إذ ستبقى عملية انتخاب مجلس الإدارة والمدير العام للشركة بيد أفراد العائلة المالكين لأغلبية أسهم الشركة، والذين يحرصون على حضور جميع اجتماعات هيئتها العامة.
ولا يخفى أيضاً التكاليف الكبيرة فعملية طرح الأسهم للاكتتاب العام تكلف مبالغ مالية طائلة، كأجور المحامين والمحاسبين القانونيين ومدير الإصدار ومصارف الاكتتاب، وستذهب جميع هذه التكاليف هباءً في حال فشلت عملية الاكتتاب.
وأخيراً ضياع الخصوصية عندما تصبح الشركة شركة مساهمة عامة فليس هنالك من أسرار فيها، إذ يتطلب القانون من القائمين عليها الإفصاح عن وضعها المالي وعن مبيعاتها وأرباحها ونفقاتها وأعمالها ومشروعاتها ومصادر تمويلها، وسيصبح كل ما ذكر متاحاً أمام العامة، وأمام المنافسين أيضاً.
الصناعة الدوائية السورية تمتلك 60 معملاً وتنتج أكثر من 7 آلاف مستحضر دوائي، وسر بقائها تحت الملكية والإدارة العائلية بعد سنتين ونصف السنة من انطلاق البورصة السورية، وغدت سورية من الدول العربية القليلة التي تؤمن أكثر من 90٪ من حاجتها من الدواء عدا تصديرها كميات كبيرة تتراوح قيمتها بين 150- 200 مليون دولار سنوياً.
شام نيوز - الوطن