شهادة نادرة من طرف مستقل
أكتـــب بيـــن حين وآخر عن إسرائيل وجــــرائمها، ودور لوبي إسرائيل والمحافظين الجـــدد في تمكينها من الاستمرار في الاحتلال والقتـــل وارتكاب جرائم جديدة ضد الفلسطينيين وحـــول العالم، وأتلقى تأييداً مستمراً من القراء.
المشكلة أنني وقرائي من الجانب الآخر لذلك شهادتنا بأنفسنا مجروحة، وعندي اليوم شهادة نادرة من طرف مستقل، أو محسوب على إسرائيل.
فالنائب الجمهوري رون بول، وهو طبيب يُطرح اسمه مرشحاً للرئاسة الأميركية، ألقى خطاباً في نادي الصحافة الوطني يستحق جزء منه الترجمة، فهو إدانة كاملة موّثقة لإسرائيل والتأييد الأميركي لها. كما أن اليسون وير نشرت مقالاً/وثيقة عن خلفية قيام إسرائيل. وليس لي فضل اليوم سوى الاختيار والترجمة.
قال رون بول:
إن التعديل الخامس للدستور الأميركي يمنع إطلاقاً حرمان المواطن الأميركي من الحياة والحرية إلا عبر القانون. والدستور لا يسمح باستثناءات حيث يناسب ذلك الدولة وإنما هو قانون البلاد.
الأسبوع الماضي (يقصد 30/9/2011) كان اغتيال المواطنَيْن الأميركيَيْن أنور العولقي وسمير خان فظاعة وعملاً إجرامياً نفذه الرئيس وإدارته. في المقابل تيموثي ماكفي ونضال حسن وجاريد لي لوفنر قتلوا اميركيين أمام شهود ومع ذلك مُنحوا حقهم في محاكمة. العولقي كان عالي الصوت ضد الولايات المتحدة وقيل لنا إنه شجع على العنف ضد الأميركيين. غير أننا لا نعرف معرفة اليقين أنه شخصياً مارس العنف، وإنما نعرف أن انتقاده السياسة الخارجية الأميركية زاد بعد الهجمات الأميركية على المسلمين في الشرق الأوسط ووسط آسيا.
كثيرون رحبوا بقتل العولقي لأنهم يعتقدون أن في زمن الحرب الالتزام بسلطة القانون غير ضروري. ولكن لا يوجد إعلان حرب رسمي ضد اليمن. العولقي كان على قائمة القتل التي جمعها سراً مجلس الأمن القومي للرئيس أوباما ووزارة العدل. كم من الأميركيين الآخرين على هذه القائمة؟ هم لا يقولون لنا.
والد العولقي حاول يائساً أن يجعل الإدارة تمنح ابنه حق الدفاع القانوني لتحدي وضعه على قائمة القتل. إلا أن طلبه رُفض وبدل أن يُعطى حقه القانوني فالإدارة وراء أبواب مغلقة لعبت دور المدعي العام والقاضي والمحلفين والجلاد. التاريخ يقول إنه إذا تخلّى المواطنون عن حقوقهم لا يستردونها بسهولة.
هذا بالنسبة إلى القتل خارج نطاق القانون الأميركي نفسه، أما بالنسبة إلى طلب السلطة الوطنية عضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة فالناشطة الأميركية والمؤلفة اليسون وير نشرت مقالاً يحسم أي جدال عن قيام إسرائيل، وأترجم عنها باختصار:
هنـــاك انطبــــاع عام عن قيام إسرائيل هو أن الأمـــــم المتحدة أوجــــدت إسرائيل، وأن الـــعالم كــــان إلى جانب قيامها، وأن الإدارة الأميركية أيّــــدت ذلك وكل هذه المعلومات خاطئ تماماً.
الحقيــــقة هي أن الجمعية العامة أوصت بقيام دولة يهودية في جزء من فلسطين، إلا أن التوصية كانت غير ملزمة ولم تنفذ، وإن الجمعية العامة أقرت التوصية بعد أن هدد أنصار إسرائيل دولاً أو رشوها لتأييد التصويت. أما الإدارة الأميركية فأيّدت قيام إسرائيل لاعتبارات داخلية ورغم معارضة شديدة من وزارة الخارجية، ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) ووزارة الدفاع.
وتنسب وير إلى هنري غرادي الذي وُصِف بأنه أبرز جندي ديبلوماسي أميركي في مرحلة حرجة من الحرب الباردة وكان رئيس لجنة عام 1946 لإيجاد حل في فلسطين، قوله إن ضغط اللوبي الصهيوني على الولايات المتحدة تسبب في سوء نظرة العرب إلى بلاده مع أن الدول العربية ذات أهمية استراتيجية في الحرب الباردة مع السوفيات. وهو قال: إن عمله جعله يعرف الكثير عن نشاط جماعات اللوبي إلا أن اللوبي الصهيوني بدأ حيث انتهت «اللوبيات» الأخرى.
المقال ليس رأياً وإنما معلومات موثقة مع شهادات الأشخاص أصحاب العلاقة من الإدارة الأميركية وأعضاء اللوبي الصهيوني وهي بنصها وتاريخها، وأجدها إدانة كاملة لقيام دولة غريبة على أساس خرافات دينية في أرض شعب آخر وتشريده وقتل أبنائه.
والكاتبة لا تنسى أن تسجل أن الصهيونيين ارتكبوا 33 مجزرة ضد المدنيين الفلسطينيين، نصفها قبل أن يدخل أي جيش عربي فلسطين.
قلنا ما سبق عن الإدارات الأميركية المتتالية، وانتهاكها قوانين أميركا عندما يكون المستهدف عرباً أو مسلمين وكتبنا كثيراً عن كذبة إسرائيل وقيامها، غير أن المهم في ما سبق أنه من أميركيَيْن أحدهما نائب جمهوري، والآخر رئيسة منظمة «لو عرفت أميركا» التي تهدف إلى كشف أكاذيب إسرائيل وعصابتها.
جهاد الخازن - الحياة