صحة الحسكة تُجري مسابقتها وسط سخط المستحقين وصمت القانون...!

مدينة الحسكة

على الرغم من العجز الواضح الذي تعاني منه الحكومة في تقليص عدد العاطلين عن العمل من حملة الشهادات العلمية، تبرز بين الحين والآخر محاولات خجولة للإحاطة بالأرقام المرعبة التي وصلت إليها نسبة البطالة مؤخراً، فتارةً يُطلق العنان للعقود السنوية لتفعل فعلها وطوراً يُحقن الشباب بفيتامين الأمل منتظرين تقاعد المتقاعدين أصلاً وأخيراً برنامج حمل اسمهم بعد أن أكل الزمان على قدراتهم حتى شاخت العقول، ليقعوا أي "الشباب" في براثن البيروقراطية المقيتة ويكونوا ضحيةً إما لقانون مجحف غض الطرف عن عمرهم الذي أفنوه في انتظار الوظيفة ليتجاوزوا مع فسحة الأمل الضيقة الثلاثين من عمرهم أو يكونوا من ضحايا الجهل بالقوانين.

السيد وزير الصحة المحترم

كان هذا العنوان الذي افتتح به مجموعة ممن تخلفوا عن المسابقة التي أجرتها مديرية صحة الحسكة، وفيه أيضاً أن المتخلفين عن المسابقة قالوا.. سبق أن تقدمنا في نهاية الشهر الثامن من العام الحالي إلى مسابقة مديرية الصحة بالحسكة لتعيين عدد من حملة الإجازة والمعاهد من اختصاصات مختلفة رغم أنه لم يتم الإعلان عنها في الصحف الرسمية، بل علمنا من بعض المتقدمين، وبعد استكمالنا للأوراق المطلوبة حضرنا إلى موعد الاختبار الذي كان من المزمع إجراؤه بتاريخ 20/9/2011، إلا أن المديرية أبلغتنا شخصياً بأن موعد الاختبار قد تم تأجيله، بانتظار إجابة الوزارة على استفسار المديرية حول الاختصاصات المطلوبة في شهادات بعض المعاهد، وقد قامت المديرية بأخذ أرقام هواتف المتقدمين لإبلاغهم بالموعد الجديد، إلا أننا فوجئنا من بعض المتقدمين أنه قد تم الاختبار دون علمنا ودون الإعلان عن الموعد في الصحف للمرة الثانية، الأمر الذي أثار شكوكنا في كيفية معرفة المتقدمين وبعضهم من مناطق بعيدة في حين لم يسمع بالاختبار جيران المديرية، لذا واستناداً للقوانين والأنظمة وتحديداً قانون العاملين الموحد رقم 50 في مادته التاسعة التي تنص على الإعلان عن المسابقات قبل 15 يوماً على الأقل في صحيفة رسمية وأخرى محلية لكون المسابقة غير مركزية، يرجى العمل على إلغاء نتائج المسابقة لأنها باطلة قانوناً بعد إغفالها شرطاً موجباً وهو الإعلان عنها، وإعادة الإعلان عن المسابقة بالتخصصات المطلوبة بعد أن تم توضيحها من قبل الوزارة خصوصاً ما تم الاستفسار عنه وهو المعاهد، ثم الإعلان عن تحديد موعد الاختبار ومكانه ومضمونه وفق الأنظمة النافذة.

صحة الحسكة تناصف اللوم بين الوقت والإعلان!

مديرية الصحة قالت وحسب ردها عن الاستفسار بكتابها الوارد ذي الرقم /بلا/ تاريخ /بلا/، أنهم راسلوا الوزارة عن حاجتهم إلى 12 موظفاً من الفئة الأولى و 42 من الفئة الثانية، وأن الوزارة وجهتهم للإعلان عن المسابقة عن طريق مديريات الصحة وليس عن طريق الوزارة / دون تزويدهم بكتاب خطي على الرغم من طلبهم ذلك /، وأن الوزارة أكدت على التقيد بالمدة الزمنية الواردة في قرار وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل رقم / 1385 / تاريخ 28/7/2011 والمتضمن إجراء المقابلات والاختبارات وإنهاء إجراءات التعاقد حتى غاية 29/9/2011، وقد تم الإعلان وتحديد الاختصاصات المطلوبة في إعلاننا رقم 4803/11/2 تاريخ 14/8/2011 وتحديد موعد تقديم الطلبات في إعلاننا المذكور من تاريخ 16/8/2011 ولغاية 25/8/2011.

الإعلان يرفض استقبال طلب الإعلان؟

هي ليست متلازمة رياضية بل ما جرى على ارض الواقع، حيث أفاد رئيس شؤون العاملين في صحة الحسكة أنهم راسلوا فرع المؤسسة العربية للإعلان في الحسكة بالكتاب رقم 4903/11/2 تاريخ 14/8/2011لنشر الإعلان في إحدى الصحف المحلية إلا أنهم لم يستقبلوا الطلب معللين ذلك بعدم كفاية الوقت اللازم للإعلان /يومين/ قبل موعد المسابقة، وبعد أبلاغ وزارة الصحة هاتفياً عن اعتذار المؤسسة العربية للإعلان تم توجيهنا بالإعلان في لوحة المحافظة ومديرية الصحة وموافاة الهيئة العامة للتشغيل بنسخة عن الإعلان، وقد تم تحديد موعد إجراء المسابقة بتاريخ 20/9/2011 يوم الثلاثاء في مقر المديرية بالحسكة.

إعلان الحسكة يؤكد وينفي!

لم ينفِ فرع المؤسسة العربية للإعلان أن مديرية الصحة ممثلة برئيس دائرة شؤون العاملين قد راجعتهم للإعلان عن المسابقة يوم الأحد 23/8/2011 أي قبل موعد إجراء الاختبار، حيث قام الموظف المسؤول بإيضاح عدم جواز النشر لعدم كفاية المهل القانونية مستنداً للقانون رقم /50/ لعام 2004، وأن مدير شؤون العاملين أخبره بأنه سيعلم إدارته بما قدم له من حيثيات لاتخاذ الإجراء المناسب.

كما أضاف رئيس فرع الإعلان أن الفرع التزم حرفياً بما وردهم من قرارات وكتب صادرة عن الجهات الأعلى محلياً وعلى مستوى القطر وفي مقدمتها قرار رئاسة مجلس الوزراء رقم / 10197 / تاريخ 19/7/2011 الذي يستند في مقدمته على القانون رقم / 50 / المتضمن في مادته الثانية الإعلان عن الحاجة للتعاقد مع خريجي الجامعات والمعاهد وفق الأعداد المقررة لكل وزارة حسب التوزيع الجغرافي الوارد في خطة توزيع العمل في برنامج تشغيل الخريجين الشباب، مشيراً في الكتاب رقم / 2824 / تاريخ 1/1/2011 إلى أنهم قاموا بنشر كل ما وردهم من إعلانات مسابقات التشغيل في الجهات العامة سواءً كان الإعلان عن المسابقة ذاتها أو عن إعادة الامتحانات، مستندين إلى المادة التاسعة من القانون رقم / 50/ والتي تنص على وجوب الإعلان عن المسابقة قبل اليوم الأول المحدد لقبول الطلبات بخمسة عشر يوماً في إحدى صحف العاصمة أو في صحيفة محلية إن وجدت وألا تقل المدة المحددة لتقديم الطلبات عن 15 يوماً ليصبح مجموع الأيام بين الإعلان وانتهاء موعد استلام الطلبات 30 يوماً، وهذا ما لم تتقيد به مديرية صحة الحسكة وفق التواريخ الواردة في الكتاب رقم / بلا / تاريخ /بلا/ حيث يبدأ تقديم الطلبات بتاريخ 16/8/2011 وينتهي بتاريخ 25/8/2011، أي أن المدة الكلية لتقديم الطلبات لم تتجاوز 12 يوماً، أي أننا لو وردنا طلب مديرية الصحة لنشر الإعلان وتجاوبنا معهم لما تم النشر قبل 16/8/2011 أي يوم بدء تقديم الطلبات، الأمر الذي يضر بعملية التقديم ويسقطها قانوناً ويغبن حق جزء ممن تنطبق عليهم شروط المسابقة ويؤثر سلباً على مبدأ تكافؤ الفرص بين أبناء المحافظة، والمؤسسة لا تسمح لأحد أن يجعلها مسوغاً لتجاوز الأنظمة والقوانين النافذة.

يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض..!

في الكتاب رقم / 4903/11/2 تاريخ 14/8/2011 المتضمن إعلان مديرية الصحة عن حاجتها للتعاقد مع عاملين من حملة الشهادات والمؤهلات العلمية ومنم 12 مجازاً في التجارة والاقتصاد و 42 من حملة شهادة المعاهد المتوسطة باختصاصات / تجاري – إحصاء – حاسوب – سكرتاريا – هندسي اختصاصات مختلفة /، والذي جاء في مقدمته:

بناءً على أحكام القانون الأساسي للعاملين رقم / 50 / لعام 2004 وعلى قرار رئاسة مجلس الوزراء رقم / 6272 / تاريخ 9/5/2011 المتضمن إحداث برنامج تشغيل الخريجين للجهات العامة وقرار رئاسة مجلس الوزراء رقم / 10197/ تاريخ 19/7/2011 المتضمن توزيع فرص العمل لبرنامج الخريجين الشباب لدى الجهات العامة، والتزام مديرية الصحة بنصوص المواد الواردة في قانون العاملين الأساسي والتي تنص على وجوب التزام المتقدم بالعمل لدى الجهة التي سيتم التعاقد معها كما تشترط إخضاع المتقدم لأحكام المادة رقم / 146 / من القانون الأساسي للعاملين ومطابقته لشروط المادة رقم / 7/ من القانون نفسه، في حين تنسى أن تلتزم بالمادة رقم / 9 / من قانون العاملين والدي ينص في الفقرة / أ / تنشر شروط المسابقة في إحدى صحف العاصمة إذا كان التعيين سيتم في إحدى مراكز الجهات العامة في العاصمة أما إذا كان التعيين سيتم في مراكز الجهات العامة في المحافظات فتنشر شروط المسابقة في إحدى الصحف المحلية إن وجدت إضافةً إلى نشرة في إحدى صحف العاصمة.

وفي الفقرة / ب/ تعلن شروط المسابقة في المركز الرئيسي للجهة العامة ذات العلاقة وفروعها في مراكز المحافظات ويجوز نشرها في وسائل الإعلام الأخرى، إلا أن ما تم القيام به في مسابقة الصحة بالحسكة جافى قانون العاملين في مادته التاسعة بشكل صريح إذ لم يتم الإعلان عن المسابقة وهذا الأمر يجعلها تصب في خانة الأعمال غير القانونية.

الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور متشابهات.

فالحلال بيّن بحسب ما ورد في قانون العاملين الأساسي والذي يُلزم على الجهات العامة كافة أن تأخذ بكل مواده ولا تستثني منها أي مادة أو فقرة، والحرام بيّن لجهة التزام الجهات العامة حرفياً بالشروط الواجب انطباقها على المتقدم وغض الطرف عن الشروط المتعلقة بالجهة صاحبة العلاقة الأمر الذي يضعنا أمام ازدواجية في المعايير تصب في مصلحة من له مصلحة وتغفل من لا حول له ولا قوة، أما الأمور المتشابهة فهي في أن المتقدمين الـ 396 الذين حضروا والذين تخلفوا والبالغ عددهم 72 متخلفاً ومتخلفة من أصل 468 المقبولة طلباتهم، متساوون في الحقوق والواجبات، لكن الإعلان من عدمه الذي أخلَّ بقاعدة المساواة يجعل الشبهات تحوم على المسابقة، والسؤال المطروح هل هناك مستفيد من جراء المسابقة في مثل هذه الظروف؟.

تعقيب المحرر.

بين حانا مديرية الصحة ومانا المؤسسة العربية للإعلان والتوجيه الهاتفي عبر أحد موظفي الوزارة الذي نسمع به في آبائنا الأولين أصبحت المسابقة كلها في دائرة الشكوك إذ أصبح هناك مظلومون لم يتمكنوا من خوض غمار الاختبارات التي طالما انتظروها، ومع وجود حالات مماثلة وسابقة في بعض الوزارات والتي تم معالجتها بإلغاء المسابقة وإعادتها وفق القواعد والأنظمة النافذة لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، هل سيبقى القانون على الحياد دون أن نرى أو نسمع منه ما قد يضع النقاط على الحروف، ولأن الخطأ كان في القانون والتصويب سيكون عبر القانون نقول له أي "القانون" باسم المطالبين بحقوقهم " فيك الخصام وأنت الخصم والحكم".

البعث ميديا