صحف عالمية: اسرائيل و أمريكا تخاطر بإبعاد المصريين المرشحين لتشكيل حكومة ديمقراطية

تردد أوباما في مطالبة مبارك بـ"التنحي الآن" ربما كان مرجعه جزئيا إلى تأثره من خشية إسرائيل فقدانها المعاهدة الأمنية التي أبرمتها مع مصر عام 1979. لكن معاهدات السلام مع الحكام الطغاة ليست ركنا شديدا تأوي إليه إسرائيل.

فقد بدت معاهدة السلام الإسرائيلية مع مصر ذات مرة في صلابة حجارة الأهرامات، وقدمت "سلاما باردا" لأكثر من ثلاثة عقود بين العدوين السابقين.

لكن المعاهدة -كما قالت كريستيان ساينس مونيتور في افتتاحيتها- بُنيت على شفا جرف هار، على فرض أن حاكما مستبدا صديقا مثل حسني مبارك سيحكم مصر للأبد.

والآن مع وجود شباب مصريين مثل مدير تسويق غوغل في الشرق الأوسط وائل غنيم، يشنون ثورة مؤيدة للديمقراطية في ميدان التحرير، يمكن أن يغرق مستقبل المعاهدة الأمنية كدبابة في رمال سيناء.

ومع عدم الوقوف إلى جانب مطالبة المحتجين بتنحي مبارك الآن، تخاطر إسرائيل -وأيضا الولايات المتحدة- بإبعاد المصريين الذين من المرجح أن يقودوا حكومة ديمقراطية.

حتى إن إسرائيل أمرت مبعوثيها في عواصم غربية مثل واشنطن بأن تطلب منها التساهل مع مبارك، محذرة من "إيران ثانية" إذا ما هيمنت جماعة الإخوان المسلمين على أي انتخابات حرة في مصر.

مع عدم الوقوف إلى جانب مطالبة المحتجين بتنحي مبارك الآن، تخاطر إسرائيل -وأيضا الولايات المتحدة- بإبعاد المصريين الذين من المرجح أن يقودوا حكومة ديمقراطية

ويبدو أن الرئيس أوباما يذعن لطلب إسرائيل بمطالبته بتحول منتظم يبدأ في مصر الآن، بينما يدعم أيضا رئيس جهاز المخابرات المصرية عمر سليمان كمفاوض رئيس مع عدد قليل من قادة المعارضة. وقد كان توجه معظم كبار قادة الكونغرس أيضا في دعم نهج أوباما اللين هذا.

لكن هذا الموقف المتردد من جانب أميركا وإسرائيل يثير الخوف وليس الأمل. فالمصالح الطويلة الأجل لإسرائيل تكمن في الديمقراطية القادمة من الأراضي العربية، مهما كانت مشوشة أو استغرقت وقتا طويلا كي تنمو. والشعب الحر الذي له حكومة منتخبة بحرية يكون أقرب إلى قاعدة صلبة لاتفاق سلام من الصورة المميزة لحاكم مستبد.

وأشارت الصحيفة إلى أن سليمان -الذي طالما صور جماعة الإخوان المسلمين كتهديد شديد- أجرى مباحثات مع قادتها الأسبوع الماضي. والجماعة التي أدانت استخدام العنف منذ عقود بدت في الأسبوعين الماضيين أكثر تأييدا للديمقراطية من الجيش المصري الذي تربطه علاقات قوية مع وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون). وفي انتخابات حرة قد تظهر جماعة الإخوان في الواقع أقرب إلى الحزب الإسلامي التركي المتمثل في حزب العدالة والتنمية منها إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة.

وحتى إذا رفضت حكومة مصرية قادمة معاهدة السلام المبرمة عام 1979 فإن جيش إسرائيل سيكون أكثر تفوقا بكثير من جيش مصر، إذا جازفت الدول العربية بشن حرب مرة أخرى.

كما أن هناك فئة قليلة من المحتجين في القاهرة يستخدمون شعارات معادية لإسرائيل. ورغم رغبتهم في وطن للفلسطينيين فإن المصريين تمتعوا بالسلام مع إسرائيل، واستفاد جيشهم من مليارات الدولارات من المعونة الأميركية. ومن غير المرجح أن تتخلى مصر عن هذه الفوائد إذا كانت لديها حكومة ديمقراطية. ويمكن أيضا أن ينتهي الأمر ليخدم المصالح المحددة لإسرائيل وأميركا بطريقة أفضل مما فعل مبارك، فقد كانت نجاحاته قليلة.

وإلى أن تتخلى إسرائيل والولايات المتحدة عن خوفهما من فقدان هذه المعاهدة، يظل الأمر مشكوكا فيه بأن المفاوضات بين سليمان والمعارضة يمكن أن تأتي بالديمقراطية إلى مصر قريبا. ويمكن لنظام مبارك أن يلعب دائما على ورقة المعاهدة.

كذلك يزعم سليمان أن المصريين يفتقرون إلى "ثقافة الديمقراطية"، وأن مطالب المحتجين في الواقع "تأتي من الخارج". ومثل هذه التصريحات لا تعكس تحولا خطيرا إلى انتخابات حرة ونزيهة.

وختمت الصحيفة افتتاحيتها بأن القادة في إسرائيل والولايات المتحدة بحاجة إلى التفكر مليا في دور الديمقراطية في تهدئة الشرق الأوسط، وأنهما إذا فعلا ذلك فإنهما لن يتحملا التحركات المراوغة لنظام مبارك.

شام نيوز- وكالات