صحيفة الاخبار: فيلتمان غير معجب بسلوك الحريري و14 آذار

 

استكمل جيفري فيلتمان سلسلة لقاءاته في بيروت، أمس، بصمت، وأنهاها مساءً على مأدبة عشاء مع ممثلين عن قوى 14 آذار. لم يطرأ جديد على مواقف فيلتمان من حزب الله والملف السوري، إلا أن بعض من التقاهم نقلوا عنه إعجابه بالرئيس نجيب ميقاتي، وانتقاده للرئيس سعد الحريري وأداء فريق 14 آذار

أنهى نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان زيارته لبيروت، أمس، بحسب ما أفاد بيان صادر عن السفارة الأميركية في عوكر. أثار فيلتمان جلبة في بيروت على رغم أنه حافظ على صمته ولم يدل بأي موقف، فيما تعدّدت لقاءاته بين 8 و14 آذار، رسميين وغير رسميين. وفيما كان الموقف الأبرز للرئيس ميشال سليمان الذي غادر في زيارة رسمية إلى أرمينيا من دون أن يحدد موعداً للضيف الثقيل، احتجاجاً على سوء معاملة الإدارة الأميركية لسليمان في زيارته الأخيرة للولايات المتحدة، تركت لقاءات فيلتمان الكثير من الحيرة في أوساط المتابعين أمس، إذ إنّ الرئيس نبيه بري استقبله في عين التينة بعدما كان قد رفض لقاءه في زيارته السابقة بحجة وجود رئيس المجلس في المصيلح.

كذلك فإنّ البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي أسيئت معاملته في واشنطن أيضاً، شرّع أبواب بكركي أمام فيلتمان والسفيرة مورا كونيللي.
مصادر قريبة من عين التينة لفتت إلى أنّ بري لم يلتق موفدين أميركيين إلى لبنان منذ أشهر، احتجاجاً على رفض الخارجية الأميركية طلبه، عبر عوكر، تسليمه المحاضر الأصلية للاجتماعات المشتركة التي سرّبت عبر ويكيليكس، وقد ردّت الخارجية حينها بأنها لا تعلّق أهمية على هذه الوثائق «التي لا تستوجب الردّ». وقالت المصادر إن رئيس المجلس قرّر، إثر هذا الردّ، إعلان ما يشبه المقاطعة للموفدين الأميركيين. وكان هذا الأمر موضع نقاش بينه وبين كونيللي التي استقبلها أخيراً وطلبت منه تجاوز الأزمة.
وأوضحت المصادر أن الملف السوري احتل الحيّز الأكبر من النقاش في لقاء بري ــــ فيلتمان، وأن رئيس المجلس شدّد أمام ضيفه على أنه «لا شيء سيتغيّر في سوريا إلا عبر الحوار بين الحكومة والشعب»، وأنه «لن يكون للضغوط الخارجية أي تأثير على سوريا والنظام فيها». وأضافت أن بري قال لضيوفه: «في تاريخكم وحاضركم تتعاملون وفق معايير مزدوجة، وهو أمر ليس غريباً عليكم».
فيلتمان التقى أيضاً النائب وليد جنبلاط الذي «تلاعب» بالمواعيد لإطالة الوقت بهدف «مدّ الوليمة» في كليمنصو للضيف وفريقه. وأعلنت مفوضية الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي أنّ جنبلاط أكد «أهمية الحوار الداخلي اللبناني كسبيل وحيد لمعالجة المسائل الخلافية والخروج من المأزق الراهن»، مشدداً على «ضرورة الحفاظ على الاستقرار والسلم الأهلي بعيداً من التوتر والتشنج». وقد رفض جنبلاط إضافة أي جديد على ما ورد في بيان المفوّضية.
وكانت لفريق 14 آذار حصّة، كالعادة، من زيارة «العزيز جيف» الذي التقى في منزل الرئيس سعد الحريري في وادي أبو جميل، شخصيات غير حزبية من «ثورة الأرز»، في مقدمها الوزيران السابقان بطرس حرب ونائلة معوّض، والنائبان السابقان فارس سعيد وسمير فرنجية، إضافة إلى ميشال الخوري الذي سبق أن التقى المسؤول الأميركي ليل أول من أمس.
بعض من التقوا نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية نقلوا عنه بعض الملاحظات والمواقف في مجالسه المختلفة، ومنها إظهاره بعض الإعجاب بأداء رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، مشدداً على ضرورة تعزيز العلاقة والتعاون معه. كذلك نقلوا عنه انتقاده لفريق 14 آذار وسلوك الرئيس سعد الحريري حيال عدد من القضايا، وردّد أكثر من مرة مجموعة من التساؤلات حيال هذا الأمر، أهمّها: «ما الذي يفعله هؤلاء؟ ولماذا يتصرفون هكذا بعشوائية؟»، معرباً عن اهتمامه بترتيب أمور 14 آذار. وهاجم فيلتمان النظام في سوريا مباشرة، إلا أنه قارب موضوع إسقاط النظام بكثير من الواقعية، إذ أشار إلى أنّ هذا الأمر لن يتمّ قريباً، مشدداً على أنّ هذا المشروع «يحتاج إلى وقت وجهود». وانتقد حالة الفوضى في صفوف المعارضة السورية، لافتاً إلى أن حكومته «لم تعترف بالمجلس الوطني، وإلى أن السفراء الأميركي والفرنسي والألماني عادوا إلى دمشق تحت ضغط المعارضة، وخصوصاً الخارجية، علماً بأن هناك معارضين في الداخل يريدون وجود السفراء».
من جهتها أصدرت السفارة الأميركية بياناً أشارت فيه إلى أن فيلتمان أنهى زيارته للبنان حيث اجتمع بكبار المسؤولين لمناقشة الوضع السياسي والأمني في لبنان، إضافة الى التطورات في سوريا وقضايا إقليمية أخرى. وبحسب بيان السفارة، اجتمع فيلتمان والسفيرة الأميركية «برئيس مجلس النواب نبيه بري والبطريرك الماروني مار بشارة الراعي والبطريرك الماروني السابق نصر الله صفير ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط وقائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي ووزير الدفاع السابق الياس المر». وتابع البيان أن فيلتمان جدّد خلال اجتماعاته «التزام الولايات المتحدة بلبنان مستقر، وسيّد، ومستقل، وشدّد على دعم الإدارة الأميركية تعزيز لبنان ومؤسساته بما فيها الجيش اللبناني، مدركاً أهمية الجيش في القيام بمهماته كقوة لبنان الشرعية الدفاعية الوحيدة القادرة على تأمين الحدود وعلى الدفاع عن سيادة دولة لبنان واستقلالها». كذلك أشار إلى «أهمية تعاون لبنان المستمر مع المحكمة ودوام الوفاء بالتزاماته الدولية تجاه قراري مجلس الأمن الدولي 1559 و1701». ولفت إلى تأكيد فيلتمان، خلال لقائه البطريرك الراعي، دعم بلاده لحقوق الإنسان العالمية في جميع المجتمعات ومن جميع الأديان، «كما حثّ البطريرك على دعم الجهود الدولية والإقليمية لوضع حدّ لوحشية النظام السوري ضد الشعب السوري، وجدّد التأكيد على وجهة نظر الولايات المتحدة الراسخة بأن الرئيس السوري بشار الأسد فقد شرعيته للقيادة، وبأن أفضل وسيلة لوضع حد للوحشية هي تنحّيه عن الحكم».

الحكومة تتأرجح

على صعيد آخر، استمرّ أمس السجال الداخلي بين أفرقاء السلطة بشأن وضع الحكومة وآلية اتخاذ القرارات فيها، إلا أنّ الأهم ردّ الرئيس بري على موقف الوزير جبران باسيل من قضية الزهراني، إذ قال إن «البعض يلجأ إلى السياسة لكي يبرر التقصير، والتقصير الحاصل مردّه إلى أدوات الوزارة ومؤسسة الكهرباء، ولا تجوز المزايدة هنا وهناك». وفي حديث مع مجلة «الأفكار »، ينشر اليوم، أكد بري أنّ «المحكمة الدولية كان يفترض أن تأخذ مساراً دستورياً في لبنان، ولكن ذلك لم يحصل، وإلا لما كان أحد ضدها على الإطلاق»، مضيفاً أنها «لا تزال غير دستورية لأنه لم يوقّع عليها رئيس الجمهورية ولا مجلس النواب». وتابع مشيراً إلى أنّ أهم ما في التمويل أنه «لم يرض أحداً في الموالاة والمعارضة»، وموضحاً أن «ابتكار التمويل الذي قمت به، وهذه تهمة لا أنكرها، لا يغيّر من نظرتي إلى المحكمة أبداً» ، مشيراً إلى أن «المعارضة جنّ جنونها منه لأنها فوجئت بحصوله وهي لم تكن تريده، والغاية كانت بالنسبة إلى المعارضة في المقابل ألا يحصل التمويل كي يفرط العقد الحكومي، علماً بأن المحكمة ليست في حاجة إلى تمويل».
من جهة أخرى، رأت كتلة المستقبل النيابية، بعد اجتماعها الأسبوعي أمس، أن خطوة تمويل المحكمة الدولية «جيدة وإيجابية وتأتي تلبية لمطالب فريق 14 آذار ورغبات الشعب اللبناني»، مشيرة إلى أنه «كان بالإمكان منذ البداية الإقدام على هذه الخطوة التي تمت بموافقة كل الأطراف المكونة للحكومة، وتوفير التشنج والتأزم اللذين عاشتهما البلاد نتيجة تعنّت بعض الأطراف ومكابرتهم». ورأت أن توفير التمويل «خطوة يجب أن تتبعها خطوات أخرى، وأبرزها تسليم المتهمين الأربعة، لا أن يتولى حزب أساسي مشارك في الحكومة الإعلان عن رفض التعاون والإعلان عن حماية المتهمين». وهاجمت الكتلة «الحالة الفضائحية والهزلية المتمادية التي تعيشها الحكومة من حيث التباعد والارتباك والمواجهة بين مكوناتها المختلفة»، معتبرة أنّ الحكومة الحالية «ائتلاف لعدة حكومات يسيّرها ويسيطر عليها حزب السلاح والمسلحين الذي ساهم عبر سياسته التسلطية والميليشيوية في تهشيم هيبة المؤسسات»، مستنكرة أداء الحكومة إزاء «فضيحة تعطيل إنتاج معمل الزهراني».
وعلّقت على الكلام الذي صدر أخيراً على لسان الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، بشأن زيادة التدريب العسكري والتسليح والاستعداد للقتال، معتبرة أن هذا الموقف «فاقم حالة الخوف والقلق لدى قطاعات واسعة من المواطنين، وهو استخفاف بالوقائع الموضوعية وبعقول الناس وبمستقبل البلاد ومصير الشعب».
وعكس ما أشارت إليه كتلة المستقبل، رأى أمس النائب عقاب صقر أنّ «حزب الله لا يخيفني، ولست موجوداً في بلجيكا لأني خائف، ولا لأني ركّبت مؤامرة على النظام السوري، بل لأننا نعمل على مشروع بناء الربيع العربي ونقوم باتصالات ونستشرف مستقبل المنطقة ولبنان، ونعدّ لعلاقات مع الاتحاد الأوروبي». وشدد على أنه غير راغب «في الانخراط بصراع سنّي ــــ شيعي»، مشيراً إلى أنّ «السيد حسن نصر الله كان قيمة ثقافية وسياسية ومقاومة في العالم العربي، ولكن مواقفه الأخيرة من الثورات أدّت إلى هبوط حاد في شعبيته». ورأى أنه في حال استمر محور الممانعة بسياسته القائمة «فقد يكون من يطلق شرارة الفتنة في المنطقة»، مضيفاً أنّ «النظام السوري أخذ فرصاً أكثر من غيره، ولكن حتى الآن لم يستفد منها لأنه مصمّم على القول إن ما يحصل ليس ثورة بل مؤامرة».

 

 

جريدة الاخبار