صحيفة السفير: اقتراحات روسية سياسية توقف الهستيريا الغربية والانحياز العربي

دافع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، عشية وصوله ورئيس الاستخبارات الخارجية الروسية ميخائيل فرادكوف إلى دمشق اليوم للاجتماع مع الرئيس السوري بشار الأسد، دافع عن استخدام موسكو حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار عربي - غربي يدعم المبادرة العربية التي تدعو الأسد إلى تسليم سلطاته لنائبه، معتبرا أن الفيتو منع مجلس الأمن من الانحياز إلى جانب دون آخر في حرب أهلية، واوضح أن روسيا تضغط على الحكومة السورية لتنفيذ إصلاحات بوتيرة أسرع لكن بعض المعارضين يستغلون الحركة الاحتجاجية السلمية المطالبة بالإصلاح لمحاولة «تغيير النظام».
في هذا الوقت، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما، امس، أن «الحل التفاوضي مع سوريا ما زال ممكنا»، مشيرا إلى إمكان «حل هذه الأزمة من دون تدخل عسكري خارجي». وأعربت واشنطن عن أملها في أن يقوم لافروف «بإفهام نظام» الأسد مدى «العزلة» التي يواجهها، محذرة حلفاء النظام السوري بأن دعمهم للرئيس السوري هو «رهان خاسر».
وأعلن الأمين العام المساعد للجامعة العربية احمد بن حلي من القاهرة إرجاء موعد اجتماع وزراء الخارجية العرب إلى الأحد المقبل بناء على طلب من دول مجلس التعاون الخليجي، التي يعقد وزراء خارجيتها اجتماعا السبت في الرياض لبحث الملف السوري، فيما اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أن «استخدام الأسلحة الثقيلة ضد المدنيين يمثل تصعيدا يقترب من الانزلاق بالبلاد إلى حرب أهلية».
وقال لافروف، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البحريني خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة في موسكو، «تعليق البعض في الغرب على التصويت في الأمم المتحدة مشين وشبه هستيري». وأضاف «يقول المثل: من يغضب فإنه نادرا ما يكون على حق. إن التصريحات الهستيرية تهدف إلى التستر على ما حصل، أي أن هناك مصادر عدة للعنف في سوريا»، متحدثاً عن «جماعات متشددة مسلحة» مقربة من المعارضة.
وتابع لافروف «لهذا السبب دعمنا بفعالية مبادرة الجامعة العربية حول ضرورة وقف العنف مهما كان مصدره». وذكر بأن هذه النقطة كانت مذكورة في مشروع القرار الغربي ـ العربي لكنه لم يشمل «إجراءات ملموسة لتطبيقها».
وقال لافروف إن مسودة القرار لم تمارس ضغطا يذكر على المعارضة و«المتطرفين المسلحين». وأضاف «هذا القرار كان سيعني أن مجلس الأمن يتحيز لطرف في حرب أهلية». وتابع «تمت التوصية بإجراءات مفصلة لطرف واحد فحسب هو الحكومة»، موضحا أن موسكو تصر على ضرورة أن «تنأى (المعارضة) بنفسها عن المتشددين المسلحين».
وأدان لافروف، الذي يزور دمشق اليوم يرافقه رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية ميخائيل فرادكوف، عرض مشروع القرار على التصويت قبل زيارته إلى سوريا. ورفض الإفصاح عن رسالة الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف التي سيسلمها إلى الأسد.
وأعلن لافروف أن «اللاعبين الخارجيين يستهدفون تغيير النظام في سوريا، وهذا سيزيد عدد الضحايا في البلد». وقال «أقنعنا دمشق مرات بتسريع الإصلاحات، ونواصل القيام بهذا حتى الوقت الحاضر. ولكن ليس بوسعنا عدم مشاهدة من يسعى إلى أهداف أخرى. إنهم يحاولون استغلال هذا الحراك لتغيير النظام». وأعلن أنه «يجري تلقين المعارضة من الخارج بإصرار، بعدم القبول بحل وسط مع النظام. ويجري لهذا الغرض تعزيز المجموعات المسلحة. وهذا يزيد عدد الضحايا».
ونفت بكين الاتهامات التي وجهتها إليها واشنطن بحماية نظام الأسد، بعدما استخدمت الفيتو. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ليو ويمين «إننا لا نحمي أحدا، بل ندافع عن الحق في القضية السورية». وأضاف «إننا ندعم جهود الجامعة العربية من أجل حل سياسي للقضية السورية».
وقال أوباما، في مقابلة مع قناة «ان بي سي» الأميركية، « سنواصل ممارسة المزيد والمزيد من الضغوط إلى أن يتحقق أملنا في حدوث انتقال (للسلطة)». وأضاف «لن يسمح كل وضع بالحل العسكري نفسه الذي رأيناه (في ليبيا). من المهم جدا أن نحاول حل هذا الأمر من دون اللجوء إلى تدخل عسكري خارجي، وأنا أعتقد أن ذلك ممكن». ودافع عن تعاطي إدارته مع الازمة معتبراً أن بلاده تطالب بتنحي الاسد «بلا كلل».
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني ان واشنطن «تريد أن توضح للجميع أن عليهم ألا يراهنوا على نظام الاسد لان ذلك رهان خاسر». وأضاف «انه رهان خاسر من الناحية السياسية، وايضا رهان خاسر من ناحية الوقوف الى جانب الشعب السوري».
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند «نأمل أن ينتهز لافروف هذه الفرصة ليفهم نظام الاسد جيدا مدى عزلته». كما أملت أن يشجع لافروف «الاسد وحلفاءه على تنفيذ خطة الجامعة العربية والبدء بمرحلة انتقالية والتنحي».
وقال المتحدث باسم البنتاغون جورج ليتل «نلاحظ عددا كبيرا من الانشقاقات في صفوف الضباط الكبار الذين ينضمون الى المعارضة».
وأعلنت نولاند انه تم إغلاق السفارة الاميركية في دمشق وأجلت واشنطن آخر موظفيها الموجودين في سوريا «نظرا لاستمرار العنف وتدهور الظروف الامنية». وقالت ان السفير روبرت فورد سيحتفظ بمنصبه سفيرا للولايات المتحدة لدى سوريا وسيعمل هو وفريقه من واشنطن.
وأعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، أمام مجلس العموم، ان لندن استدعت سفيرها في دمشق للتشاور، واستدعي السفير السوري في لندن الى وزارة الخارجية احتجاجا على الوضع في سوريا. وقال «سنستخدم جميع القنوات المتبقية لدينا مع النظام السوري لنوضح لهم اشمئزازنا من العنف الذي نعتبره غير مقبول مطلقا بالنسبة للعالم المتحضر».
وأعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، في مؤتمر صحافي مع المستشارة الألمانية انجيلا ميركل في باريس، «ان ألمانيا وفرنسا لن تخذلا الشعب السوري. ان ما يحصل فضيحة. ونحن لسنا مستعدين لقبول التردد في اتخاذ قرار أو عرقلة عمل المجتمع الدولي».
وتابع ساركوزي «سقط 200 قتيل إضافي في نهاية الاسبوع الاخيرة، كم من الوقت سنقبل ذلك؟ من المفاجئ جدا ان يقوم الروس الذين لطالما كانوا تاريخيا مقربين من مواقف الجامعة العربية بالنأي عنها، ونتساءل اليوم لماذا». وأعلن قصر الاليزيه ان ساركوزي سيبحث «في الساعات الـ48 المقبلة» مع ميدفيديف الوضع في سوريا.
وقالت مصادر دبلوماسية ان وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه استقبل رئيس «المجلس الوطني السوري» المعارض برهان غليون وتشاور هاتفيا مع العربي ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم آل ثاني. وأضافت ان جوبيه أجرى مع حمد «مشاورات مكثفة» في شأن تشكيل «مجموعة أصدقاء سوريا».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو «نعتبر المجلس الوطني السوري محاورا شرعيا وندعم جهود المعارضة السورية للتوحد حول منصة ديموقراطية». وأوضح ان «المجلس الوطني السوري أحرز تقدماً بهدف التشجيع على دينامية داخل المعارضة السورية ولتلتف حوله مختلف مكونات هذه المعارضة».
وقال العربي، في بيان، «نتابع بقلق بالغ وانزعاج شديد تطورات الوضع الميداني في سوريا وما تشهده مدينة حمص ومناطق ريف دمشق من تصعيد للعمليات العسكرية واستخدام القوات السورية الأسلحة الثقيلة ضد المدنيين». وطالب «بالوقف الفوري لجميع أعمال العنف أيا كان مصدرها»، محذرا من «مخاطر تصاعدها على مجمل الجهود العربية والدولية المبذولة لمعالجة الأزمة المتفاقمة التي تشهدها سوريا، والتي اتخذت بهذا التصعيد منحنى خطيرا ينذر بأفدح العواقب على أمن المواطنين السوريين ويدفع بالأوضاع إلى الانحدار نحو الحرب الأهلية».
واعتبر العربي، الذي التقى السفيرة الأميركية لدى مصر آن بترسون، أن «لجوء الحكومة السورية إلى تصعيد الأعمال العسكرية والعنف والحملات الأمنية ضد المدنيين لن يؤدي إلا إلى المزيد من الدمار وإراقة الدماء، وهو أمر لا يمكن السكوت عليه من قبل جامعة الدول العربية، إضافة إلى كونه يشكل انتهاكا واضحا لالتزامات الحكومة السورية طبقا لأحكام القانون الدولي الإنساني والميثاق العربي لحقوق الإنسان».
وقال العربي، في مقابلة مع «رويترز»، ان روسيا والصين خسرتا رصيدهما الدبلوماسي لدى العرب وقد تكونان قد بعثتا برسالة الى دمشق تقول ان يدها مطلقة في قمع التظاهرات، مكررا ان «السيناريو الليبي غير مطروح في سوريا». وأشار الى انه تحادث هاتفيا مع لافروف، مشيرا الى ان وزير الخارجية سيقدم مبادرة خلال زيارته الى دمشق. وأوضح، ردا على سؤال عما اذا كان يعتقد انها ستنهي الازمة، «يعتقدون ذلك».
وحول ما اذا كان سيتم إرسال مراقبين إلى سوريا، قال العربي انه يمكن القيام بهذا الامر لكن مع تفويض جديد وعدد يتعدى الـ200 مراقب.
وذكرت وزارة الخارجية الروسية أن العربي ولافروف «ناقشا بصورة مفصلة الأوضاع في سوريا وحولها، حيث أعير اهتمام خاص للبحث عن سبل سريعة لوقف العنف واجتياز المواجهة بالاستناد إلى إمكانيات مجلس الأمن الدولي». وأضاف «أجمع الطرفان على دعمهما لاستئناف بعثة جامعة الدول العربية مهامها في سوريا، وكذلك بذل الجهود من أجل انطلاق حوار سوري داخلي». وأكد لافروف «ضرورة الالتزام بمداخل متوازنة وموضوعية، وتجنب محاولات فرض حلول خارجية لتسوية مشاكل سوريا الداخلية».
وقال السفير السوري لدى مصر يوسف أحمد، ردا على العربي، إن «الأمين العام للجامعة ما زال يمعن في سياسة الكيل بمكيالين والنظر إلى الأوضاع في سوريا بعين واحدة فرضتها عليه الأجندة التي تقودها بعض الأطراف العربية التي تستميت اليوم لاستدعاء جميع أشكال التدخل الخارجي في شؤون سوريا وفرض العقوبات على شعبها ومحاصرته».
وتساءل أحمد «عن الأسباب والدوافع الخفية التي تقف وراء التوجهات المعدة سلفا للامين العام في التعامل مع الأزمة في سوريا»، معتبرا انه «لم يعد مقبولا بحق جامعة الدول العربية والدول الأعضاء فيها أن تتفرد أطراف بعينها بآلية اتخاذ القرارات داخل الجامعة، ولا أن يخرج أمينها العام عن إطار مهامه وصلاحياته خدمة لغايات وأجندات تفرضها مصالح وتوجهات بعض القوى الدولية المهيمنة في استهداف سوريا بغرض تأجيج الأوضاع فيها وتصعيدها على حساب دماء السوريين الأبرياء وأمن سوريا واستقرارها وسيادتها الوطنية».
وفي الرياض، قال وزير الإعلام بالنيابة يوسف بن أحمد العثيمين، بعد اجتماع الحكومة برئاسة الملك عبد الله، ان «مجلس الوزراء شدد على أن إخفاق مجلس الأمن في استصدار قرار لدعم المبادرة العربية يجب ألا يحول دون اتخاذ إجراءات حاسمة لحماية أرواح الأبرياء ووقف نزيف الدم وجميع أعمال العنف التي تنذر بعواقب وخيمة على الشعب السوري واستقرار المنطقة»، مناشدا «المجتمع الدولي عدم التوقف عن بذل الجهود المخلصة وإيجاد حل لهذه الأزمة التي حصدت المئات من أبناء الشعب السوري ويهدد استمرارها بكارثة إنسانية».
وأعلن وزير خارجية سلطنة عمان يوسف بن علوي لوكالة «فرانس برس» ان وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي سيعقدون السبت المقبل في الرياض اجتماعا مخصصا لبحث الوضع في سوريا، مشددا على عدم وجود «وسيلة اخرى للحل إلا الحوار»، مشيرا الى ان الحل في سوريا قد «لا يكون بالضرورة على نمط ما حصل في اليمن لكن الحوار تحت أي مخطط يؤدي الى إزالة هذه الازمة».
وقال ان الاجتماع الخليجي «سيبحث ما انتهى اليه الامر بعد إخفاق مجلس الامن في استصدار قرار لدعم المبادرة العربية لحل الازمة السورية وتبادل وجهات النظر حول إمكانية ان يوجد وضع جديد لحل هذه الازمة أو يؤسس على مسيرة اخرى أو منظور آخر».
وأعرب الرئيس التركي عبد الله غول، في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغ باك في انقرة، عن خيبة أمله من الفيتو الروسي - الصيني، مكررا دعوة الأسد إلى قبول التغيير. وقال «نشعر بالحزن من القرار في الأمم المتحدة. على الجميع أن يتذكر أن حقبة الحرب الباردة انتهت، وانتهاكات حقوق الإنسان واستخدام القوة العسكرية ضد المدنيين، ليس لها أي مكان في العالم». وأضاف ان «سوريا على طريق اللاعودة، لذا أفضل ما يقوم به الأسد لهذه البلاد وللشعب هو التوقف عن التمسك بسياسته وتقبل التغيير».
ميدانيا اعلن إنشاء «المجلس العسكري السوري الأعلى» برئاسة العميد الركن المنشق مصطفى أحمد الشيخ ليكون بمثابة «هيكل تنظيمي» للمنشقين، وبهدف «تحرير سوريا»، فيما نأى «الجيش السوري الحر» في بيان عن «المجلس العسكري الثوري»، معتبرا أن توقيت إعلانه يصب في «خدمة النظام» السوري.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان، «قتل 69 شخصا في اعمال عنف، واقتحمت قوات تابعة للنظام مدينة الزبداني في ريف دمشق». وأوضح «قتل 42 مدنيا خلال قصف وإطلاق نار في أحياء بابا عمرو وكرم الزيتون وكرم الشامي والخالدية والانشاءات وباب السباع في حمص». وأضاف «قتل الباقون في الرستن في محافظة حمص والزبداني وريف دمشق وحلب وادلب».
وذكرت «سانا» ان «ثلاثة ضباط استشهدوا بنيران مجموعة ارهابية مسلحة هاجمت حاجزا عسكريا في بلدة البارة في جبل الزاوية في ادلب وخطفت عددا من العسكريين». ونسبت اعمال العنف في حمص الى «مجموعات إرهابية مسلحة»، مشيرة الى ان «الجهات المختصة تلاحق الارهابيين وتشتبك معهم». وقالت وسائل إعلام حكومية إن «مجموعات إرهابية مسلحة تطلق قذائف الهاون في المدينة وتضرم النار في الإطارات وتفجر المباني الخالية لإعطاء الانطباع بأن حمص تتعرض لهجوم». واتهمت السلطات «المجموعات الارهابية» بتفجير خط لنقل النفط في منطقة بابا عمرو في حمص وخط لنقل الغاز شمال تلبيسة في حمص.
صحيفة السفير - سانا - وكالات