صحيفة القدس العربي تجرد الحياة الثقافية السورية لعام 2010

 

اقامت مديرية المسارح والموسيقا مهرجان الشباب المسرحي الخامس في حلب وبسوية تنظيمية تفوقت كثيرا على السوية الفنية للعروض ألـ 12 المشاركة فيه.

 


وكان ختام نشاطاتها مع مهرجان دمشق المسرحي الذي انطلقت دورته ألـ 15 بمشاركة 13 عرضا من سورية و19 عرضا عربيا ودوليا بعد أن تغيب عرض فرنسي من أصل خمسة عروض أجنبية مشاركة، وكان واضحا اهتمام وزير الثقافة الجديد الدكتور رياض عصمت بهذا المهرجان إذ ما زال يعتبر نفسه مسرحيا قبل أن يصبح وزيرا.

 


الملفت لللإنتباه أن المديرية استضافت عرض 'آخر خمسة عشر ثانية' لندى الحمصي الذي أنتجه التجمع المسرحي 'فضاء الثقافات' في كندا قبيل المهرجان بأيام فقط، كذلك استضافت دار الأوبرا بدمشق عرض ' قدام باب السفارة..كان الليل طويل' للمخرجة اللبنانية نضال الأشقر قبيل أربعة أيام فقط على انطلاق المهرجان، وعرض وليد قوتلي مسرحيته 'في انتظار البرابرة' في مرسم مصطفى علي في دمشق القديمة، وهو العرض الذي شارك أيضا قبل حوالي شهر فقط في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي، بينما أضيف إلى برنامج المهرجان وفي اللحظات الأخيرة عرض تخرج السنة الرابعة لطلاب المعهد العالي للمسرح 'سليكون' بإشراف عبد المنعم عمايري، كذلك أضيف عرض هدى الخطيب العائدة من فرنسا 'حب بلا جناحات' إلى البرنامج، بينما أخذ على المهرجان وجود عروض سورية لا ترقى لسوية أن تشارك في المهرجان، وكذلك بعض العروض العربية التي شاركت لأهمية المشاركة العربية فقط، بغض النظر عن سوية هذه المشاركات.

 


وباستثناء المهرجانات المسرحية التي تشرف عليها مديرية المسارح والموسيقا، لا يبدو أن كثيرا من المياه قد جرت تحت جسر المسرح السوري، الذي يعاني من غفوة طالت بعض الشيء، وهذا ما سعت بعض الندوات الفكرية لمقاربته من خلال عناوين 'المسرح والشباب' أو 'العلاقة بين المؤسسة الرسمية ومسارح الهواة'، وصولا إلى تأسيس عدد من المسارح القومية في أكثر من محافظة، لكنها فشلت حتى تاريخه باستنبات القمح من حقول أصابها الجفاف والبيروقراطية.

 


من جهة أخرى يتابع اتحاد شبيبة الثورة مهرجانه الذي أقيم هذا العام في مدينة درعا جنوب سورية تحت تسمية جديدة 'المهرجان الوطني لمسرح الشباب' ما بين 12 و19 من كانون الأول / ديسمبر 2010 متضمنا العروض الخمسة الفائزة في تصفيات الفروع، إضافة لعرضين ضمن تظاهرة عروض الكبار للصغار، وهذه الدورة 24 في سجل هذا المهرجان الذي يعتبر من أقدم المهرجانات المسرحية التي ما زالت مستمرة دون انقطاع، وقد استطاع عبر مسيرته الطويلة رفد الحركة الفنية في سورية بأسماء وخبرات متميزة.

 



السينما السورية والصالات المنتظرة في المولات

يبدو أن السينما السورية ما زالت تغفو على وعود إطلاق المزيد من صالات العرض في المولات التي أنشئت أو تلك المزمع إنشاؤها، إذ بات واضحا للجميع أنه لن تدور عجلة الإنتاج السينمائي بالمعنى الربحي ما لم توجد تلك الصالات، وهذه مسألة لا تتعلق بالمؤسسة العامة للسينما التي أعلنت عجزها في هذا المستوى، فلا أفلام المؤسسة أو القطاع العام ولا أفلام القطاع الخاص استطاعت أن تخلق حراكا مسرحيا في سورية، ولا هي استطاعت أن تستعيد الطقس السينمائي المفتقد في حياتنا اليومية والثقافية معا.

 


ومع أن الناقد محمد الأحمد مدير المؤسسة العامة للسينما أعلن 'أن وزارة المالية ضاعفت ميزانية الإنتاج في المؤسسة للعام القادم 2011 ثلاثة أضعاف، من 45 مليونا إلى 135 مليون ليرة سورية، وهذا يعني أنه أصبح بالإمكان أن ننتج أربعة أفلام سنويا'. غير أن هذا الرقم في حال تحققه يبقى قليلا للحديث عن صناعة سينمائية حقيقية، ولا يستطيع أي منتج أن يغامر بصناعة فيلم سينمائي لن يراه الناس، كما حصل مع العديد من التجارب والمغامرات التي حصلت في هذا المجال.

 


يبقى أن المؤسسة التي حرصت على إقامة العديد من الأسابيع السينمائية في دمشق، نجحت في إقامة مهرجانها السنوي الثامن عشر الذي عرض فيه 222 فيلما روائيا طويلا من 46 دولة، توزعت على 14 تظاهرة سينمائية إضافة للمسابقة الرسمية التي ضمت 24 فيلما عربيا وأجنبيا، غير الأفلام القصيرة التي بلغت 93 فيلما مشاركا في مسابقة الأفلام القصيرة. واعتبر التقرير الثاني للتنمية الثقافية في الوطن العربي أنه بقدر ما يكون بلد عربي ما خاليا من الإنتاج، يزداد اهتمامه بالمهرجانات وتمويله لها من دون اهتمام جدي بتمويل حركة إنتاجية أو تدعيم ما يريد المبدعون تحقيقه. ويشير إلى أن المهرجانات الفنية في دبي وأبو ظبي وغيرها تبدو الأكثر قدرة على استقطاب الجديد والجيد من السينمائيين.

 


لكن وبغض النظر عن اللغط الذي أثير حول فوز الفيلم الجزائري 'خارجون على القانون' للمخرج رشيد بوشارب بالجائزة الذهبية لأفضل فيلم في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة إضافة لذهبية أفضل فيلم عربي أيضا في هذا المهرجان، نجد في قراءة الجوائز الأخرى أن الفضية ذهبت للفيلم الإيراني 'يرجى عدم الإزعاج' من إخراج محسن عبد الوهاب، كما ذهبت البرونزية للفيلم السوري 'مطر أيلول' للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد، حتى جائزة المخرج السوري الراحل مصطفى العقاد لأفضل إخراج، و الخاصة بهذا المهرجان منحت للمخرج التركي ريها إيردم عن فيلمه 'كوزموس'، فقط جائزة لجنة التحكيم الخاصة نالها الفيلم الإيطالي 'حياتنا' للمخرج دانييل لوشيتي، مما يعني أن هذا المهرجان رغم الحديث عن دوليته أو تدويله، ما زال يدور في الإطار الذي انبثق منه بداية كمهرجان لسينما العالم الثالث، أو سينما القارات الثلاث آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية.

 


الملاحظة الثانية تتجلى بضعف المشاركة السورية حيث اكتفى عبد اللطيف عبد الحميد بالبرونزية فيما نوهت لجنة التحكيم بالفيلم السوري الآخر المشارك في المسابقة 'حراس الصمت' للمخرج سمير ذكرى، ولكن حتى هذا النصيب كان محل اعتراض اثنين من أعضاء لجنة التحكيم: المخرج السوري نجدت أنزور والمخرجة المصرية ساندرا نشأت، حيث امتنعا عن التوقيع على النتائج، كما أعلن أنزور فور انسحابه من لجنة التحكيم اعتراضه على فوز الفيلم السوري 'مطر أيلول' بالجائزة البرونزية، قائلا: 'إن الفيلمين السوريين لا يستحقان جائزة، وكنت أفضل أن نظهر بصورة حضارية، ولا نستجدي الجوائز، ولا يعني إذا كان المهرجان عندنا أن نحصل بالضرورة على جائزة'.
حتى مسابقة الأفلام القصيرة في المهرجان والتي تضمنت 93 فيلما يمثلون 39 بلدا عربيا وأجنبيا، لاحظنا أن حصة سورية منها كانت 11 فيلما قصيرا أو وثائقيا، لكن الجوائز ذهبت لبلجيكا وسلوفانيا وأخيرا تونس، أي أننا خرجنا من مولد هذه المسابقة بلا حمّص. مع أننا نلاحظ اتجاها متناميا لدى العديد من الشباب والسينمائيين في سورية للاشتغال على السينما التسجيلية والأفلام القصيرة، مقابل عجز السينما السورية عن إنتاج أفلام روائية طويلة، وهو ما عززه وجود مهرجان سينما الواقع الذي أقيمت دورته الثالثة هذا العام، لكن حتى في هذا المهرجان ذهبت جائزة أفضل فيلم لزينة دكاش من لبنان عن فيلمها '12 لبنانيا غاضبا'، ولم يكن حظ الأفلام السورية أفضل من حظها في المسابقات الرسمية.

 


المحترف التشكيلي وسوق الفن

الطفرة التي بدأت في عام 2006 في سوق الفن التشكيلي في سورية مع دخول صالتي 'الأيام' و'الآرت هاوس' هذا السوق لم تنته بعد، ولا زالت أصداؤها تتردد سلبا وإيجابا، وما حدث في هذا العام من خروج بعض الفنانين والأسماء الهامة من تلك اللعبة أمثال يوسف عبدلكي ومنير شعراني وعبد الله مراد وسواهم أحد هذه المؤشرات الهامة باعتقادي، والمؤشر الآخر الذي يمكن رصده في هذا الصدد هو الندوات التشكيلية التي أقيمت لمناقشة ودراسة هذه الظاهرة بدءا من ندوة 'لمحة عن سوق الفن العالمية' التي قدمتها الاختصاصية هالة خياط في غاليري 'رفيا' إلى 'ندوة كاتب وموقف' التي أقامها الناقد عبد الرحمن الحلبي في المركز الثقافي العربي في أبو رمانة، تحت عنوان 'قيمة العمل التشكيلي بين الفن والتجارة' وشارك فيها كل من ممدوح قشلان، غسان السباعي، وعز الدين شموط. وفي المحصلة هنالك من يقاتل ضد تسليع الفن السوري على حساب قيمته الإبداعية، وهناك من يرى باستمرار أنه لا يمكن فصل القيمة الفنية لأي عمل عن قيمته المادية أو التجارية.

 


يمكننا أن نشير إلى أهم النشاطات التشكيلية الأخرى التي شهدتها العاصمة السورية، وتحديدا ندوة "الفن العربي في عالم متغير" التي أقامتها غاليري "رفيا" في المتحف الوطني بدمشق وتحت رعاية الدكتورة نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية لشؤون الثقافة، وشارك فيها لفيف من الفنانين والنقاد العرب والسوريين أمثال: فاروق يوسف وعادل السيوي وسعد القاسم والياس زيات وحسان عنتابي ويوسف عبد لكي ومحمد بن حمودة وناصر حسين وياسر صافي، وكذلك ندوة "الفكر والفن التشكيلي" التي أقامتها غاليري "رفيا" على هامش معرض الفنانين سليمان منصور وتيسير بركات اللذين التحمت تجربتهما الفنية بشرطهما الإنساني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقد شارك في هذه الندوة إلى جانبهما كل من الفنانين السوريين غياث الأخرس ويوسف عبد لكي.

 


إضافة لذلك شهدنا معرضا متميزا بقيمته الفنية ودلالته الحضارية والإنسانية لسجناء سوريين عرضوا أعمالهم في سجن "عدرا" المركزي شمال دمشق، بحضور وزير الداخلية والسيدة نبال بكفلوني مديرة الفنون الجميلة في وزارة الثقافة، التي وعدت بتطوير هذه التجربة بهدف تعميق الجوانب الإنسانية عند السجناء والكشف عن مواهب إبداعية في أعماقهم قد تساعدهم على شق طرق جديدة في الحياة.

 


وقبل أسابيع قليلة أقيمت في الثامن من كانون الأول "ندوة النحت الدولية الأولى لنحت الحرف العربي" والتي تكتسب أهميتها من أهمية فن التخطيط والتشكيل بواسطة الحروف العربية نحتا وتصويرا في الثقافتين العربية والإسلامية.

 


واستطرادا مع فن النحت نشير إلى الملتقى الدولي الأول للنحت على الخشب ما بين 1/6 و30 /6 في قلعة دمشق، بمشاركة 12 فنانا من سورية ودول عربية وأجنبية أخرى، والملتقى الثالث للنحت على البازلت الذي شهدته مدينة السويداء ما بين 6/ 7 و 5/ 8 بمشاركة تسعة نحاتين سوريين و11 نحاتا عربيا وعالميا، إضافة لملتقى النحت الواقعي الثاني على الرخام الذي أقامه معهد الفنون التطبيقية في دمشق ما بين 19/ 7 ولغاية 10/ 8 بمشاركة عشرة فنانين مختلفي الجنسيات والتجارب و12 من طلاب المعهد كمساعدين لاكتساب الخبرات وطرائق التعامل مع تقنيات فن النحت المعاصرة.

 


بالطبع لن نستطيع الوقوف مع الكثافة التي تشهدها صالات وغاليريات العرض المتنوعة في دمشق وباقي المحافظات لمعارض الرسم والتصوير الفردية والجماعية التي لا توجد أي إحصائيات لها، لكننا سنتوقف مع المعرض السنوي الذي انقسم منذ عام 2007 إلى معرض الربيع لمن هم دون سن الأربعين، ويقام سنويا في النصف الثاني من شهر نيسان/ إبريل، ومعرض الخريف لمن هم فوق سن الأربعين من الفنانين السوريين، ويقام سنويا في شهر كانون الأول/ سبتمبر، والمعرضان بعد مسيرة من التجريب في عدة أمكنة، استقرا أخيرا في خان أسعد باشا من دمشق القديمة.

 


هذا العام ضمّ معرض الربيع أكثر من مئة عمل تنوعت ما بين التصوير والنحت بأنواعه والغرافيك، فيما ضمّ معرض الخريف 135 عملا مشغولة بأساليب وتقنيات مختلفة، ورغم أن معرض الربيع يتسم عادة بميل أكثر نحو التجريب اللوني والبصري، إلا أن إشكالية هذه المعارض السنوية تكمن في سوية المشاركات المتباينة دائما، مما يُثير علامة استفهام حول لجنة التحكيم وشروط قبول بعض المشاركات والآليات المتبعة في اقتناء الأعمال من المعرض، وكل هذا يساهم في تدني سوية هذه المعارض، أو أنه يدفع ببعض الفنانين لتقديم أسوأ ما لديهم من أعمال. المسألة الثانية أن هذا المعرض الذي يشكل بانوراما لمحترف التشكيل السوري يجب أن يقدم مشاركات جديدة تحمل تاريخ عام المشاركة ذاته، ويجب أن تتسم بجدية تناسب أهمية المعرض السنوي، ولكل ذلك نجد سنويا ما يشبه المقاطعة لهذا المعرض من قبل أسماء مهمة في المحترف السوري، ويعقب ذلك غالبا تبادل في الاتهامات ما بين الفنانين أنفسهم، وما بين مديرية الفنون الجميلة ونقابة الفنانين الذين يتقاسمون الإشراف على هذه المعارض السنوية.

 



الدراما السورية وكعب أخيل التوزيع

عرفت الدراما السورية شيئا من النجاح النسبي هذا العام، نجاح في بعض الأعمال التي قاربت موضوعات جديدة أو تجاوزت بعض الخطوط الحمراء هنا أو هناك، إضافة لنجاح آخر في انتشارها على أكثر من ثلاثين فضائية عربية في الدورة الرمضانية الأخيرة، لكن هذه النجاحات ما زالت تخفي وراءها بعض علامات الاستفهام، لذلك قلنا إنها نجاحات نسبية.

 


فأغلب مسلسلات الدراما الاجتماعية تقاطعت وتشابهت في موضوعاتها، علاقات دون زواج، خيانات زوجية واستغلال عاطفي، ومشاكل العشوائيات تتكرر أكثر حتى باتت تنافس أعمال البيئة الشامية في التعبير عن هذه المدينة الأثيرة لدى صناع الدراما، مع ميل في بعض الأعمال باتجاه الاستسهال والاستهلاك كما حصل في الجزء الثاني من مسلسل "صبايا" الذي مال باتجاه خانة الكوميديا ظلما. واستطاعت بعض الأعمال أن تكتشف مساحات بكر لمعالجات جريئة كما في مسلسل "وراء الشمس"، أو مسلسل "ما ملكت أيمانكم".

 


من جهة ثانية فقدت الدراما السورية عنصر قوتها حين حذت باتجاه شقيقتها المصرية في صناعة النجم البطل، وهذا على حساب دور المخرج الذي عُرفت به الدراما السورية طويلا، مما همش باقي الممثلين في أدوار ثانوية، حتى أن بعضهم يضطر للعمل في خمس أو ست مسلسلات في العام الواحد، وهذه نقطة ضعف في الدراما السورية خاصة إذا كانت هذه الأعمال تنتمي للدراما المعاصرة حيث تتشابه الموضوعات والأدوار أيضا.

 


بالمقابل نستطيع الحديث عن عناصر قوة امتلكتها الدراما السورية مؤخرا، وفي طليعتها الانطلاقة الجيدة لقناة "سورية دراما" التي أخذت على عاتقها ليس مجرد عرض الأعمال السورية الجديدة، بل واستعادة أعمال هامة في ذاكرة التلفزيون السوري، بالإضافة لعمليات الترويج وبرامج المنوعات التي تتابع الدراما السورية والدراميين السوريين أيضا. لكن الخطوة الأهم جاءت مع إنشاء "المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني" التي حلت مكان مديرية الإنتاج في المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون، وأسندت إدارتها للسيدة ديانا جبور مديرة التلفزيون سابقا، دون أن تتضح آلية عملها حتى الآن ودورها في دعم الدراما السورية التي تقوم بالجزء الرئيسي منها شركات الإنتاج الخاصة بالأصالة عن نفسها أم بالوكالة عن شركات ومؤسسات خارجية.

 


غير أن هذا يقودنا للحديث عن كعب أخيل الدراما السورية التي ما زالت الكثير من شركات الإنتاج المحلية فيها تعمل كمنتج منفذ لصالح شركات وفضائيات خليجية، تتحكم بانتشار هذه الدراما على الأثير العربي كما حصل هذا العام، أو تقاطعه كما حصل في عامي 2007 و2009 مثلا. وما زلنا نفتقد أي آلية أو جهة معنية بالتوزيع سواء كانت أهلية أو رسمية أو تشاركية.

 


وقد نستطيع أن نحلم بهكذا آلية أو جهة في المستقبل القريب أو البعيد، لكن شعر شمشون الذي يشكل نقطة ضعف الدراما السورية هو إشكالية التلقي، فكيف يمكن أن نقتنع أن "أبو جانتي ملك التاكسي" عمل أهم من "ضيعة ضايعة" مثلا، أو أن مسلسل "صبايا" أهم من مسلسل "أنا القدس"! وهذه المقارنات مأخوذة من استبيان صحيفة "الثورة" السورية الذي نشرته بعيد انتهاء الموسم الرمضاني مباشرة، وفي هذا الاستبيان تنوع في العينة أقل من تنوع واقع المشاهدة في مجتمعنا السوري، الذي يردد أغاني أبو جانتي، وتقفيلات أيمن رضا وكأنها نموذج ثقافي يُحتذى، فهذه إشكالية ثقافية تضعنا كل عام في تناقض بين ما يتابعه الجمهور ويعجب به، وبين ما يؤيده النقاد ويهتمون لأمره، ولا أعتقد أننا سنصل إلى حلة مصالحة في الزمن المنظور.