صحيفة مصرية تنشر شهادتي ضابطي أمن مركزي حول «ثورة يناير»

نشرت صحيفة المصري اليوم شهادة ضابطي شرطة من قوات الأمن المركزي حول «جمعة الغضب» يوم ٢٨ كانون الثاني الماضي والأيام التي سبقتها منذ الاستعداد لمظاهرات الثلاثاء ٢٥ كانون الثاني. الضابطان برتبتي عقيد ومقدم.. أحدهما كان في الشارع يوم الجمعة وبالتحديد في ميدان التحرير، والثاني كان في غرفة العمليات، التي يتولى من داخلها توجيه الضباط والتحدث معهم ومعرفة أماكنهم. واحتفظت الصحيفة باسم الضابطين، اللذين قال أحدهما إن الحديث الذي دار بينه وبين زملائه يوم جمعة الغضب وما قبلها تضمن عبارات مثل: «دى مش مظاهرة عادية زى كل مرة والعيال مش هتضرب وتمشي وشوية غاز يمشوهم.. لا .. دي انتفاضة ومش هترجع». وقال الضابط الأول وهو برتبة مقدم كان في غرفة العمليات: «كان الاستعداد عادياً قبل يوم ٢٥ بيومين، وكانت التعليمات في البداية بلاش ضرب.. وده حصل لحد الساعة ٤ العصر، لكن حدث استفزاز بين المتظاهرين والضباط والمجندين وحصلت اشتباكات ومطاردات من الساعة ٤ إلى ٩ مساء». وأضاف: «المتظاهرون دخلوا التحرير، والتعليمات وصلت الساعة ١٢ بأن الميدان لازم (ينضف) ومحدش يبات فيه نهائي وده اللى حصل.. كميات كبيرة من القنابل اترمت بغزارة في الميدان والتفريق حصل الساعة واحدة ونص».. وأوضح: «إحنا معندناش مشكلة نشتغل يومين تلاتة من غير نوم ونكون واقفين على رجلينا، اتعودنا على كده، وحصلت الدعوة ليوم جمعة الغضب، بصراحة كان الحوار بينا كضباط بيدور إن دي مش مظاهرة وهتعدي، مش كام عيل ولا معارض هياخدوا كام عصاية وخرزانة ويخلعوا.. لا.. اللي شفناه يوم الثلاثاء كان بيقول إن دي انتفاضة، مش مظاهرة.. شاب يقف قدام مدرعة ويقفز فوقها ويضرب ويرجع تاني.. بصراحة مكنش فيه خوف.. واستعدينا ليوم الجمعة.. القوات نزلت من الفجر.. العساكر كانت جاهزة.. يومها.. والأمور مشيت شد وجذب وضرب وإطلاق قنابل مسيلة للدموع لحد الساعة ٣ العصر.. وكمان تم القبض على متظاهرين». وتابع: «في حوالي الساعة ٣ و٥٠ دقيقة.. وصلني إخطار بأن قسم من الأقسام تم حرقه وبعد دقيقة جالي إخطار تاني.. بأن فيه ٤ أقسام ولعوا.. وقبل الساعة ٥ العصر كان في القاهرة والجيزة وأكتوبر حوالي ١٨ قسم ومركز اتعرضوا للحرق والسرقة والضباط مشيوا، لكن فيه ضباط تانيين وقفوا على باب أقسام وأطلقوا رصاص على الأهالي اللي هجموا على الأقسام دي.. وفيه ناس ماتت.. والبعض من دول زي ما عرفت ليهم محتجزين جوه وناس تانية كانت عايزة تنتقم من الشرطة.. وناس خرجت ودول ملهمش علاقة بشباب التحرير».. وأضاف: «احتقان سنين خرج في اليوم ده والشرطة دفعت التمن، الأحداث جريت بسرعة، وكان بتجيلي استغاثات من ضباط: (نعمل إيه).. إحنا بننضرب وناس بتهاجمنا.. المهم حوالي الساعة ٦ بدأ الحريق في سيارات الأمن المركزي.. وبعض المجندين تعرضوا للضرب والقتل.. والبعض خلع هدومه علشان ميتعرفش.. وصدرت تعليمات إننا نجيب شحنات قنابل مسيلة للدموع لأن القنابل خلصت.. والعربية وهي محملة قنابل وأسلحة تعرضت للهجوم عليها من قبل غاضبين واتسرقت واتولع فيها». وقال: «اللي طلع على الفضائيات مجموعة من الشباب ماسكين قنابل مسيلة.. دي كلها كانت مسروقة، إحنا استخدمنا (لغة الفيران) في التعامل مع الموقف.. يعني إيه.. يعنى كنا بنوجه ضباط عبر (اللاسلكي) روح المكان الفلاني هتلاقي ضباط وعساكر.. أقف معاهم.. وكان هدفنا التجمع في أماكن مهمة زى مباني المحافظات والسفارات والمديريات.. ولغة الفيران تعني: (إن لو شخص خايف ووقف جنب مجموعة خايفة هيقووا بعض). واستطرد الضابط الأول: «كانت المجموعات دي ماشية في الشارع والضابط يكلمني: (يا باشا.. إحنا في الشارع متجمعين لكن فيه ناس جاية في سكتنا وواضح إنهم هيهجموا علينا).. أقوله روح الرصيف التاني.. وبعد دقيقتين.. يكلمني.. يا باشا.. الناس داخلة علينا.. أقوله ممكن تأمر القوة اللي معاك إنها تدى ضهرها للناس علشان تقولوا لهم إحنا مش هنتعامل معاكم.. وده يحصل وبعد دقيقة يجي الرد.. إحنا بننضرب دلوقتي بسلاح وسكاكين.. وهنا أكون مضطرا لأقول لهم اتعاملوا مع الناس».. وأضاف: «الوضع استمر مطاردات وضرب.. وقتل وحرق لأقسام وعربيات، والضباط البعض منهم اختفى والبعض التاني هرب والبعض قعد في مكتبه أو في المديرية التابع لها.. وجوده في الشارع يعني قتله.. وبالليل جه خبر إن فيه مساجين هربوا من وادي النطرون.. وكان لازم نتصرف فشكلنا كمينين على طريق مصر ـ إسكندرية الصحراوي.. الفرق بين الأول والتاني حوالى ٢ كيلومتر.. والمساجين هربوا بعد هجوم بـ(اللوادر) على السجن.. وكان معاهم سلاح خرجوا بيه من هناك.. وده خارج للحياة رافع شعار واحد (يا قاتل.. يا مقتول).. المهم ظهروا وبدأ التعامل بين المساجين الهربانين والضباط.. لدرجة أن أحد الضباط قتل حوالي ٢٠ واحد وقلت له كفاية.. فصرخ في وشتمني وقال: يا ابن (....) دول لو عدوا هيخربوا البلد.. الستات اللي في الشارع واللي فى شققها (.....) يعني أمي وأمك ومراتي ومراتك وأختي وأختك.. هيكونوا من ضحاياهم»..
أنا كنت في ميدان التحرير .. هكذا تحدث الضابط الثاني وقال: «أنا أعمل في القوات الخاصة.. استدعاني رؤسائي وكنت في الميدان في الساعات الأولى من جمعة الغضب.. واليوم مشي عادي.. شد وجذب.. وضرب وقنابل.. لكن بصراحة أنا كنت واقف مع شباب زي الفل بنهزر ونضحك في الميدان وأقولهم انتوا عايزين إيه.. وحوالي الساعة ٥ صدرت تعليمات.. اسحب القوات على وزارة الداخلية.. وأعطيت أوامري للعساكر اللي معايا واطمنت إنهم ركبوا وحاولت الوصول إلى (بوكس الشرطة) وكان على بعد ١٠٠ متر..
فجأة لقينا مجموعات كبيرة من الناس بتدخل الميدان.. وبتهجم علينا.. ناس تانية غير الشباب.. وبصراحة لقيت الشباب اللي حواليا وكان عددهم قرابة ١٠٠ عملوا حاجز لمنع المجموعات دي من الدخول لكن فشلوا وحصلت اشتباكات انتهت بـ(كسر) في قدمي.. واللي نقلنى إلى مستشفى الشرطة في العجوزة شباب من التحرير.. واللي حيرني إني قعدت في المستشفى لمدة ٣ أيام من غير ما حد يكلمني من القيادات ولا أعرف هم فين ولا إيه اللي حصل.. ولا ليه قالوا انسحبوا من التحرير وتوجهوا ناحية الوزارة.. وليه ده حصل من الساعة ٥ إلى ٦ مساء يوم الجمعة ٢٨ اللي هي جمعة الغضب».