صفوان داحول يرسم أمام الجمهور مباشرة


في تجربة جديدة على الجمهور التشكيلي السوري قرر الفنان صفوان داحول إقامة مرسمه في صالة أيام للفنون لاتاحة الفرصة أمام الجمهور للاطلاع على طريقة رسم اللوحة "الداحولية".
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن داحول قوله: "كانت التجربة مقلقة في البداية بالنسبة لي، ففي مرسمي عادة لا يزورني أحد، لأجد نفسي الآن محاطا بهذا الكم من الزوار".
وأضاف: "خشيت أيضا أن يبدو الأمر وكأنه استعراض، لكنني سرعان ما أحسست بالأمان".
وتابع "الآن توحدت مع الغاليري ومع الناس، إلى حد صرت أرى أن كلا من المحيطين بي له حصة في هذه اللوحات"، مؤكدا انه "في نهاية عملي سأدعو موظفي الغاليري جميعا للتوقيع على اللوحات".
وقال "إن حضور الناس شكل لي طاقة إيجابية".
وفي ما يتعلق بعزلة الفنان وخصوصية طقوسه قال داحول "لم أكن أتوقع أنني سأقدر على الرسم أمام أحد، أما الآن فقد كسرت هذه السرية، سرية الرسام الذي لا يرسم أمام أحد، وتأكدت أن سرية الفنان بقلبه لا بمداده".
ورأى أن "لا شيء سريا لدى الفنان، وبالنسبة لي هذه موادي وتكنيكي أمام الجميع"، مضيفا "تبددت الآن صورة الوحي والإلهام الذي لا يأتيك إلا في حالة العزلة، هكذا يجد الفنان نفسه عاريا".

على مرأى زوار الصالة، يرسم داحول اللوحات، من دون مُسوّدات مسبقة (كروكيات)، أي أنه يُؤثّث كعادته أرضيةَ اللوحة المملوءة بالمربعات المتضادة (رقعة الشطرنج)، أو اللون، ثم يرتجل كائناته ذات الانحناءات الطيبة، المستغرقة في حزنها وعالمها المعزول، من دون أن تكون هناك أي سرية للحذف والإضافة في الهيكل الهندسي الصعب للوحة، والذي حرص الفنان على تكراره الدائم كثيمة تدل على رتابة الحياة اليومية (كل يوم يشبه الآخر)، ويكرره اليوم أمام الجمهور بلا إشاعات عن كيفية الرسم.

الأمر كله مزحة، وأراد داحول تتمّتها إلى نهايتها، واعداً ذاته يوماً بأن يرسم في شهر، مئة لوحة، باستمتاع وبلا منة لتعبه كفنان تشكيلي على أحد، يقول: «أليست مزحة حين لوّن وزيّن مايكل أنجلو قُبّة كنيسة سيكستين في الفاتيكان»، هذا المنتج اللونيّ المُتاحةُ صناعتُه أمام من يريد، لا يتضح اختلافه عمّا يرسمه الفنان عادةً، لكن إرباك وجود الآخرين في أفكار المبدع الباطنية، هو تَحدّ في حد ذاته، لا سيما أن عملية الرسم طالما ارتبطت عند الإنتلجنسيا السورية بشيء من الكتمان والاختفاء، أو الحالة العبثية، وصولاً إلى جعْل الفنان التشكيليّ أسطورةً، لا يَمسّها أحد، ببساطة وحساسية يتابع داحول الرسم متجاوزاً خسارته الإنسانية لشريكة حياته الفنّانة نوار ناصر قبل بضعة أعوام، ما زاد الثيمة الملائكية لكائنه التشكيلي، بأجنحته وصفائه.

شام نيوز - وكالات