ضغوط أمريكية على دول خليجية لتقطع علاقاتها بطهران

لطالما لف الغموض العلاقات بين الامارات العربية المتحدة وايران جارتها القوية.

وهناك نزاع طويل الامد على جزر بين ابوظبي وايران لكن هذا نادرا ما عطل نشاط التجارة الايرانية مع دبي.

وبات استمرار هذه التناقضات اكثر صعوبة في الوقت الذي تفرض فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها الاوروبيون عقوبات أحادية الجانب بسبب سياسة ايران النووية وهي عقوبات تتجاوز العقوبات الجديدة التي فرضها مجلس الامن الدولي على طهران في التاسع من يونيو حزيران.

وبدأت الامارات تقيد دور دبي الذي يتسم بحرية الحركة كشريان تجاري ومالي لايران وهي سياسة قد تكون مكلفة للجمهورية الاسلامية ولاقتصاد دبي الذي يعاني بالفعل من مشكلات الديون وانفجار فقاعة عقارية.

وذكر مصدر بقطاع البنوك في أبوظبي يوم الاثنين أن مصرف الامارات المركزي طلب من المؤسسات المالية تجميد حسابات 40 كيانا وفردا أدرجتهم الامم المتحدة على قائمة سوداء بسبب مساعدتهم لبرنامجي ايران النووي او الصاروخي.

وربما يكون تزايد الضغط من الولايات المتحدة الحليف العسكري ومصدر الحماية الرئيسي للامارات سببا لتلك الخطوة.

وقال تريتا بارسي خبير الشؤون الايرانية والباحث في مجال السياسة العامة بمركز وودرو ويلسون "الان بعد اقرار العقوبات تحول تركيز الولايات المتحدة نحو تنفيذها مع التركيز بشكل خاص على تجارة الاتحاد الاوروبي والامارات مع ايران."

وأضاف "في حين حقق لي الذراع بعض النتائج .. الا أن هناك ايضا مخاطر من أن تزيد التوترات بين الولايات المتحدة وحلفائها في هذه المرحلة بالذات بشأن السياسة تجاه ايران."

وربما تكون واشنطن قد هدأت خلافا محتملا مع الامارات حين باركت الخطط الوليدة للدولة الخليجية بشأن الطاقة النووية.

كما يبرز الغضب من احتلال ايران لثلاث جزر بالخليج - تزعم ابوظبي أحقيتها بها - تشديد الموقف الاماراتي.

وقال محمد شاكيل الاقتصادي المقيم في ابوظبي "كانت ابوظبي تضغط على دبي لتقليص حجم علاقاتها التجارية مع ايران كاجراء في مواجهة هذه المشكلة المستمرة منذ فترة طويلة."

وأضاف "تجد دبي نفسها محصورة في المنتصف غير قادرة على مقاومة التبادل التجاري مع ايران لكنها ايضا غير قادرة على تجنب الضغط من جارتها الاماراتية الاكثر قوة اقتصاديا."

ويعيش عشرات الالاف من الايرانيين في دبي ويعمل كثير منهم في تجارة اعادة التصدير الى ايران التي نمت الى 5.8 مليار دولار العام الماضي بعد أن توقفت بنوك الاتحاد الاوروبي عن اصدار خطابات الائتمان.

وقال شاكيل "اي تباطؤ في التجارة بين الجانبين سيضر ايران لا محالة .. لكنه سيلحق ضررا كبيرا ايضا بدبي."

ولم تكشف الامارات عن اي تفاصيل بشأن كيف ستطبق أحدث عقوبات من الامم المتحدة بل ان الحكومات العربية التي تخشى ايران أيضا حذرة من اظهار اي حماس لاجراءات تدافع عنها الولايات المتحدة الحليفة الرئيسية لاسرائيل.

وتواجه دول الخليج التي يحكمها السنة معضلة مستمرة منذ فترة طويلة بسبب ايران التي يغلب على سكانها الشيعة والتي حصل نفوذها الاقليمي على دعم غير مقصود بسبب الحرب التي قادتها الولايات المتحدة عام 2003 ضد العراق عدوها السابق.

وقال شاكيل "السعوديون على وجه الخصوص سيرغبون بشدة في تقليل نفوذ ايران في أنحاء المنطقة" مشيرا الى الشعبية التي يحظى بها تعصب طهران ضد الولايات المتحدة وتحدي الجمهورية الاسلامية الضمني لمسوغات السعودية كحامية للاسلام.

وأضاف "من ناحية أخرى لا أحد .. وأكرر لا أحد .. يريد حربا أخرى بالمنطقة" وقال ان العداء السياسي والدبلوماسي تجاه ايران لم يترجم الى اي طلب من دول الخليج للامريكيين بأن يهاجموا جارتهم.

وكان وزير الخارجية السعودي قد قال ان العقوبات لن تنجح في تقليص الانشطة النووية الايرانية التي يعتقد الغرب أن لها أهدافا عسكرية وليس مجرد الاهداف السلمية التي تعلنها طهران.

وقال محجوب الزويري المحلل المقيم في قطر "يساور السعوديين القلق من أنه اذا مورس مزيد من الضغط على الايرانيين فانهم سيلعبون دورا اكثر سلبية - من وجهة النظر السعودية - في المنطقة بالعراق ولبنان ومع الفلسطينيين."

وبدلا من ذلك تؤكد السعودية على الصورة الاكبر وتحث الولايات المتحدة على بذل مزيد من الجهد لتحقيق السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين لخفض التوتر بالمنطقة والتشدد الاسلامي وجاذبية ايران بوصفها المدافعة عن المقهورين من العرب والمسلمين.

وقال كيفان هاريس المحلل المتخصص في الشؤون الايرانية بجامعة جونز هوبكنز ان مثل هذه الحجج السعودية ليس لها تأثير يذكر في واشنطن.

وأضاف "ما يبدو واضحا لمعظم من يعيشون في الشرق الاوسط .. وهو أن اي نوع من التسوية السلمية في الاراضي الفلسطينية سيغير الحسابات في المنطقة .. لم يعد ينظر اليه كاستراتيجية جادة في واشنطن."

ولم يتطرق الرئيس الامريكي باراك أوباما والعاهل السعودي الملك عبد الله بالذكر لايران عقب محادثاتهما في واشنطن هذا الاسبوع وركزا فقط على ضرورة تحقيق السلام بالشرق الاوسط.

وربما تعترف ادارة أوباما بنوع من الارتباط بين ايران والصراع الاسرائيلي الفلسطيني لكن ليست لديها خيارات جيدة لتحقيق هدفها على اي من الصعيدين.

ويجب أن تتكيف دول الخليج العربية التي تدرك حدود القوة الامريكية في التعامل مع ايران مع الواقع الصعب والمستديم على أعتابها.

وقال شاكيل "هناك قبول على مضض لان ايران ستواصل مسار العداء دون أن تأبه كثيرا بما قد يظنه جيرانها والاخرون."

وأضاف "لا أعتقد أن هناك اي استراتيجية مترابطة من جانب دول الخليج العربية لكبح جماح طموحات ايران."

رويترز