على إسرائيل أن تنضم الى صفوف المجتمع الدولي وان تعترف بالدولة الفلسطينية

الانتظار والتوقعات تدمر الأعصاب. في كل يوم تتمزق صفحة جديدة من التقويم السنوي، وأجهزة الرصد السياسية تتحرك بجنون. وعلى عكس التسونامي في اليابان، فإن التوقعات المتعلقة بشؤوننا (الاسرائيلية) الخاصة معروفة مسبقا.
"من المتوقع حدوث تسونامي سياسي"، هذا ما أعلنه وزير الدفاع. لكنه مجرد متنبئ لا يضع الخطط. وكأي متنبئ، فقد اصدر وزير الدفاع ببساطة تقريرا وهو لا يملك أي سيطرة على الأحداث. وهو لا يحبس نفسه في مكتبه لكتابة مسودة سياسية لوزارة الدفاع. ولا خطة دبلوماسية أو استراتيجية؟ او مبادرة سلام؟ فالامر ليس مع باراك - لكنه بعد خمسة أشهر، سوف يصرخ "لقد أخبرتكم"، وسيكون على حق. فبعد كل شيء، لقد تحدث عن تسونامي سياسي.
وليس باراك العضو الوحيد في الحكومة الذي يصدر تحذيرات. فالقائد الثرثار الذي يرأس الحكومة، وذلك الشخص الذي يطلق عليه لقب وزيرا للخارجية، يرفعان قبضاتهما مهددين ومحذرين من أن "إسرائيل ستتخذ خطوات أحادية الجانب إذا أعلن الفلسطينيون دولة".
من المشكوك فيه أن تثير هذه البيانات إعجاب أي شخص. وبينما يتحدث أولئك السياسيون بلا منطق، يقول خبراء في الأمم المتحدة إن 130 أو ربما 150 دولة ستعترف بالدولة الفلسطينية، ولا يمكن حتى التنبؤ بموقف الولايات المتحدة مسبقا.
وحين أصدرت الولايات المتحدة "فيتو" ضد مشروع قرار إدانة المستوطنات، جعلت من الواضح أن هذا سيكون آخر "فيتو" حول هذا الموضوع، لكن أي شيء آخر ممكن. هل ستكون الولايات المتحدة اللبنة الأخيرة في جدار المعارضة المنهار، أم ستنضم إلى مؤيدي إعلان الدولة؟ لا يبدو أن أوباما يملك خطة بديلة، وقد تعلم أن الوعود الإسرائيلية لا يرافقها جدول زمني للتنفيذ.
وبدلا من انتظار معجزة، وهي مبادرة إسرائيلية أو أميركية جديدة، من المنطقي أن نتقبل احتمال أن تفوز الدولة الفلسطينية بالاعتراف الكاتب الاسرائيلي تسفي بارئيل في أيلول ، وأنه في الفترة التي تلي ذلك الاعتراف ستمتلئ رام الله بالطواقم الرسمية الدبلوماسية لمعظم دول العالم.
لكن هذا سيشكل جانبا رمزيا فقط من الاعتراف – سيكون بمثابة عقاب تاريخي للقيادة الإسرائيلية التي رفضت الأمم المتحدة وقراراتها بسخرية.
ماذا ستفعل إسرائيل؟ هل ستقاطع الدول التي ترسل سفراءها إلى فلسطين؟ ام انها لن تسمح لهم بدخول فلسطين من خلال مطار بن غوريون؟
وسيكون لفلسطين، كدولة عضو في الأمم المتحدة، وضع قانوني ودولي جديد، وضع يسمح لها بتقديم مطالبات ضد اسرائيل في محكمة الجنايات الدولية، أو إقامة مطار دون موافقة اسرائيل. وسيسمح وضعها بالمطالبة بعمل دولي ضد الاحتلال الاسرائيلي- ليس مجرد استنكارات على الورق وإنما عقوبات حقيقية، وربما حتى نشر قوات دولية لحماية أمن المواطنين الفلسطينيين.
ولن يحتاج الفلسطينيون حتى لإطلاق انتفاضة عنيفة أو غير عنيفة. وقد وصل الغضب الدولي من اسرائيل الحد الذي سيؤدي تدويل النزاع إلى حل كل مشكلات الفلسطينيين. لكن هناك احتمال آخر. ففي هذا السيناريو يمكن لاسرائيل أن تنضم للمجتمع الدولي، فتعترف بالدولة الفلسطينية، وتتوقف عن اعتبارها تهديدا معاديا ووجوديا، بل وتشارك في اجتماعات الدول المانحة التي سيرتبها الفلسطينيون بالتاكيد بعد حصول دولتهم على الاعتراف.
ولن يكون أيلول تهديدا، وليس من الضروري أن يكون حلبة مصارعة يظل فيها منافس واحد على قيد الحياة. ويمكن أن يتحول الرعب من أيلول إلى منصة إطلاق بناءة إذا اعلنت اسرائيل أن المفاوضات التي طُلب منها الدخول فيها، من أجل الانسحاب من الأراضي المحتلة، ستجرى مع دولة معترف بها دوليا وليس مع سلطة فلسطينية.
المفاوضات لن تتمخض عن دولة فلسطينية، وربما يحدث العكس. وستتحول الى نقطة بداية المحادثات تلك القاعدة الثابتة التي عرقلت عمليات التفاوض- وهي الفكرة المتمثلة في اعتراف اسرائيل بدولة فلسطينية ستأتي في نهاية العملية.
وعلى الدولة الفلسطينية أيضا ان تقدم تنازلات. وقد لا تكون قادرة على إصدار تهديدات بترك مائدة التفاوض، أو تغيير قواعد اللعبة. وبمجرد إقامة الدولة فلن يكون هناك تراجع، ولن تترسم حدودها إلا بعد أن تُقام الدولة ذاتها.
وقد تكون هذه فرصة لبناء تحالف جديد يشمل مصر والأردن وفلسطين واسرائيل، وإعطاء مضمون حقيقي للمقترح العربي حول سلام إقليمي. ويجب أن يطمئن الذين يخشون الاعتراف الدولي الذي سيمنح للثورة الفلسطينية من خلال الاعتراف بالدولة الفلسطينية- فالقضية الفلسطينية حاصلة بالفعل على شرعية دولية. ولهذا يجب ببساطة أن يبدأ التحرك الفعلي نحو أيلول .
تسفي بارئيل - HAARETZ