على وجع الورد.. الجزء التاسع

على وجع الورد.. الجزء التاسع

شام إف إم - خاص

الحلقة التاسعة....

يقول الراوي: ضحكتْ باقتضاب، ثم أضافت وقد حلّت الجدية مكان السخرية في نبرات صوتها: "قضبان سجني من الخلايا الشحمية كانت صمّاء، لا تحس ولا تستجيب لأي مؤثر أو محفّز، الإحساس الوحيد الذي كانت تعرفه وتعترف به هو الألم.. ألم كامن، تارة يتحرك متلوياً كالثعبان، وتارة ينغز كالنحلة، وأحيانا يكوي كأسياخ من نار...ألم لا يكل ولا يمل، ألم استفحل في كل الأعضاء وكل الثنايا والزوايا التي كانت مستقراً لعواطفي نحوك.. الشيء الوحيد الذي كان قادراً على مقاومة كل هذه الأوجاع هو تيار حبي لك وولعي بكيانك.. باسترجاع ذاكرتي لشريط لقاءاتنا وعذوبة تلك اللحظات كنت أقاوم، وكثيراً ما كنت أنجح حين كانت تفشل كافة الأدوية والمسكّنات".
واسترسلت بوصف ما مرّت به: "أعراض سن اليأس اجتاحتني مكثفة ومركزة.. نوبات الحر المفاجئة التي تنطلق من نقطة لا محددة داخل الكيان، كمن يولع "بابور" أو "آظان" الحمّام، فينتشر اللهيب الجهنمي في كل الأعضاء وهات يا عرق!!! في ثوانٍ أجدني قد تحولت إلى إسفنجة مشبعة بالماء، خارجياً فقط.. أما داخلياً فالجفاف هو سيد الموقف، إذ أن المطلوب هو جفاف الأغشية الأنثوية وانقطاع الدورة الشهرية كدليل على التخلص من الهورمونات الفائضة التي تسببت في إيقاظ النشاط السرطاني.
كانت الطبيبة المشرفة على علاجي والمتابعة لوضعي الصحي، جسدياً وهورمونياص ونفسياً، قد هيأتني مسبقاً لكل هذه التحولات في جسدي بسبب الأدوية الموصوفة لحالتي والتي يفترض أن أستمر على تناولها خمس سنوات على الأقل.
ثم حدث ما لم يكن في الحسبان... كانت زيارتك الأولى لي بعد طول غياب، لقاؤنا الذي أنعش روحي، وواقعة وضع يدك على جرحي، واستكانتي واستسلامي لحنان كتفك حيث ارتاح رأسي المتعب بعد طول اشتياق، كل هذا كان له تأثير غير متوقع.. فوجئت بعد رحيلك ببضعة أيام بنزيف دموي، ظنته الطبيبة عرضياً واستثنائياً بسبب أحد العقاقير، لكن بعد ثمانية وعشرين يوماً، حدث نزف آخر.. انتظرنا بعدها دورة قمرية فإذا بالنزف يعود...

يتبع....