عندما يثور الغيتار ضد القذافي

قبل اندلاع الحرب في ليبيا، كان مسعود ابو عسير يعزف على الغيتار ضمن فرقة موسيقية، لكن عازف الباص الذي كان معه وقع في قبضة قوات العقيد معمر القذافي، أما عازف الدرامز فاختار أن يقاتل على الجبهة، فأصبح مسعود يحمل اغانيه بمفرده الى الخطوط الامامية للقتال.
فمنذ اندلاع الثورة الشعبية في ليبيا في منتصف شباط/فبراير، حمل الاف الشبان الليبيين السلاح والتحقوا بقوات الثوار، غير ان مسعود فضل الغيتار على الكلاشينكوف.
بعد ظهر السبت، وفي منطقة "الباب الغربي"، المدخل الغربي لمدينة اجدابيا المتنازع عليها بضراوة بين الثوار والقوات الموالية للقذافي، وقف رجل مسن يوزع مجانا أحذية رياضية على الشباب الوافدين لمؤازرة الثوار، في الوقت الذي انطلقت فيه عربات محملة بالصواريخ الى خط الجبهة الواقع على مسافة اربعين كيلومترا من المكان.
التحق مسعود بهذه الثورة بالغيتار وبصوته الذي يصدح "نحن لا نخاف، الله معنا" على انغام لحن شعبي، ويردد معه هذه الكلمات كورس مرتجل قوامه مدنيون ومسلحون في صفوف الثورة.
يقول مسعود البالغ من العمر 38 عاما "منذ بدء الثورة، كتبت خمس اغان".
ويضيف "أنا لست صوت الثورة، كلنا معا صوت الثورة".
ويتابع هذا المغني المتأثر ببوب مارلي "انها المرة الاولى التي يكون فيها للشعب صوت، ينغي لهذا الصوت اذا ان يسمع".
يمارس مسعود الغناء منذ الطفولة، لكن انطلاق الثورة في بلده دفعه الى اختيار نصوص أكثر التزاما.
ويقول "حتى يصبح المرء فنانا في ليبيا، كان يتعين عليه ان يغني للقذافي، لذا فضلت أن ابقى هاويا. أما الآن فبات بإمكاني أن أغني للثورة".
على خطوط القتال، يواجه الثوار الليبيون القوات الموالية للقذافي، تساندهم طائرات حلف شمال الاطلسي. وهم يحاولون السيطرة مجددا على ميناء البريقة النفطي الواقع على مسافة 80 كيلومترا غرب اجدابيا، والذي انتقلت السيطرة عليه من طرف الى آخر مرات عدة منذ اندلاع القتال.
يقول مسعود "عادة، أنا أعزف في فرقة، ولكن اليوم، وبسسب الحرب، انا اعزف منفردا. فقد القت قوات القذافي القبض على عازف الباص في البريقة، وعازف الدرامز يقاتل في الجبهة في صفوف الثوار".
عندما يفرغ مسعود من العزف والغناء، يطلق احد الثوار النار في الهواء ابتهاجا، لكن صوت الحرب سرعان ما يعلو على صوت الغيتار، اذ تدخل المكان سيارة اسعاف تحمل جثث ستة من الثوار وعشرين من الجرحى، اصابتهم صواريخ القذافي.