عندما يظهر شبح الشيخوخة ...كيف نجعل الحياة تبدأ من جديد؟

 

يوشك على المرحلة الأخيرة من حياته ويقف على مفترق الطرق عندما يمسك بيديه ورقة تقاعده من وظيفته ولا يجد أمامه سوى الحدائق ليكمل بقية حياته إنه المقبل على حياة ومرحلة جديدة تسمى الشيخوخة وهذه المرحلة التي لابد وأن يمر بها الإنسان تختلف من كائن بشري إلى آخر. 

البعض من الشيوخ ( كبار السن ) يحافظون على صحتهم ويعتمدون على أنفسهم في معيشتهم حتى يحين الأجل أما البعض الآخر فنجدهم عرضة للأمراض والحاجة للآخرين وخاصة الأبناء ليكملوا دورة الحياة ومراحلها حتى النهاية فئة تتداعى رويداً رويداً وتسقط كأوراق الخريف بعد أن تصفر من الزمن وفئة يمر عليها الزمن فتذبل آيلة للسقوط بعد أن تكون قد فعلت فعلها في الحياة لذلك فإننا وخاصة الأبناء وحتى العاملين في مجال رعاية المسنين نجد أنفسنا أمام مسؤوليات كبيرة أمام هذه الفئة الضعيفة والمتداعية والهشة عموماً ولذلك يجب أن نحاول رعايتها بكل حنان واعتبارها جزءاً لا يتجزأ من الحياة ومكملة لمراحل الحياة المختلفة.‏

فكثيراً ما نسمع من أمهاتنا وآبائنا مقولة مخيفة تعبر عن خوف من الشيخوخة لأنهم مدركون بحق أن هذه المرحلة الأخيرة من الحياة يفقد فيها الإنسان كل أدواره الاجتماعية والاقتصادية وحتى الإنسانية إنها مرحلة يتحكم فيها الآخرون وخاصة الأبناء بمصير الإنسان ويصبح الشيخ تابعاً لأولاده سواء مادياً وحتى اجتماعياً إنها ببساطة مرحلة تجسد الخوف بكل جوانبه من تداعيات يمكن أن تسيء لهذه المرحلة كأن يجد الشيخ العجوز نفسه خارج دائرة الحياة بكل أشكالها ويفقد أية صلة له بالمجتمع ويجد نفسه قابعاً تحت وطأة صعوبة العيش الذي فرض عليه وسط إهمال الآخرين له.‏

 

مرحلة لبدء الحياة‏

 

إذن كيف يمكن لنا أن نحول مرحلة الشيخوخة إلى مرحلة حيوية وجديدة فتصبح مرحلة لبدء الحياة من جديد رغم كل الصعوبات التي يمكن أن تصادفها هذه المرحلة وخاصة أن الفرد المقبل على الشيخوخة يفقد الكثير من طاقاته الجسدية والنفسية والصحية والاجتماعية وحتى الأحاسيس الكثيرة التي تربطه بالمجتمع فيجد نفسه ضمن دائرة العزلة والوحدة وهنا لا بد من تفعيل دور الآخرين المحيطين بالكهل ومحاولة إعادته للدائرة الاجتماعية وتحقيق التواصل بينه وبين الآخرين وتأمين مشاركته في المناسبات الاجتماعية وعلى الرغم من أننا مؤمنون بحقيقة أن الشيخوخة تخفض من قدرات الإنسان وخاصة التأقلم لأن الكثير من العوامل تحد من جذوة الحياة وتتلاشى لمعانها ولذلك يجب أن يسعى المقبل على هذه المرحلة من المحافظة قدر الإمكان على قدراته التي تؤهله إلى الاعتماد على القدرة المتبقية لديه كفرد مستقبل حتى يضمن عدم اعتماده على الآخرين وبالتالي يؤمن لنفسه فسحة للتحرك ومجاراة الحياة.‏

 

حياة جديدة‏

 

لسنا معصومين عن الشيخوخة رغم أننا الآن في مقتبل العمر وتغمرنا روح الشباب إلا أن المهم أن في يوم ما سنجد أنفسنا أمام هذا المشروع المهم أن نتعامل مع هذه المرحلة كما أسلفنا إنها بداية لمرحلة حياة جديدة وأن نهيئ أنفسنا لها وأن نؤمن أننا أمام جسد يتداعى فيجب أن يحاول الفرد في بداية المرحلة أن يشفى من أمراض الجسد ومحاولة الاحتفاظ بالطاقة وغرس الاطمئنان والأمان في نفسه ليشعر بالطمأنينة ليكون مؤشراً وفعالاً وهنا لا بد للآخرين من إعطائه الأهمية وشعوراً بالوجود وحبه ليحتفظ بكرامته وذاته معاً.‏

 

إيمان راسخ‏

 

ويبدو في النهاية أن كل شيء لدى الشيخ الكهل معرض ليشيخ عقله وتفكيره وجسده إلا أنه يبقى على إيمان أنه سيثمر في حياته وسيبقى سليماً معافى وسيعمل وذلك لا بد من مراعاتهم وعدم إجبارهم على ترك منازلهم إلى مؤسسات رعاية قد تقدم كل الخدمات ولكن ضمن جدران باردة وخشنة تختلف عن جدران بيت الكهل التي مهما كانت بالية إلا أنها تذكره بأمجاده وحياته التي بناها منذ صغره .. فهل سنساهم بحق في جعل مرحلة الشيخوخة بدءاً لحياة جديدة ؟.‏

 

جريدة الجماهير