عيونٌ شابّة تنظر بحب إلى القارّة العجوز

عيونٌ شابّة تنظر بحب إلى القارّة العجوز

ساهرة صالح. شام نيوز

 

هكذا وكما الحال في كل مرّة , انتقلت هذه التسمية إلينا كالعدوى لتصبح الحقيقة المطلقة للقارّة الأوربيّة , ولا أقصد ب( العدوى والحقيقة المطلقة ) فقط هذه التسمية طبعاً , بل كلّ المعتقدات القائلة بأن أوروبا هي القارة الأقدم من حيث الحضارة .

فربما من الأصّح أن تسمى  أوروبا بالقارة الشابة كونها امتلكت ما يدعى ( حضارة ) حديثاً, ولكي لا يكون هذا مجرد كلام حزين يستدعي الماضي العربي بأمجاده وينكر على الآخرين حقّهم , لا بدّ من استثناء الإغريق و الرومان من هذا الحديث...

فإذا اتفقنا على تسميتها بالقارة الشابّة كان من الطبيعي و المبرر أن نرى الشباب السوري ينظرون لها بهذا الشغف , ويتطلعون للسفر إليها وكأنها حلم جميل ليس من السهل تحويله إلى حقيقة

حسام طالب حقوق ما  زال في السنة الثانية بعد عدة رسوبات , قال: (( أهتمُّ بالذهاب إلى ألمانيا أكثر من اهتمامي بدراسة الحقوق , وكان لي عدة محاولات فاشلة بهذا الخصوص , ولكني لن أتراجع أبدا عن هدفي , ودراسة الحقوق بالنسبة لي مجرد حل بديل و مؤقت ))

 

 

 

 

وفي أحد المقاهي الدمشقية القديمة التقينا لؤي و صديقته زينة 

,

 

 وقال : (( إذا أردتم الصدق فأنا أتمنى الذهاب إلى إيطاليا الغنية عن التعريف , للعيش فيها والعمل , حتى أنني من مشجعي الفريق الإيطالي , ولكني أرى فكرة سفري إليها كالحلم , فأنتم تعلمون جيدا كم هو صعب الحصول على الفيزا و خصوصاً للشباب )) 

أما صديقته زينة فقد كان لها رأي أخر, عندما قالت : (( لست أفهم لما يريد السفر ويتكلم عنه باستمرار . أما أنا فلا أريده لا لنفسي ولا له )) 
ثم تداركت قائلة : (( ربما للسياحة أو لشهر العسل فقط ))

 

   

أحمد مغترب استقر في هولندا بعد أن جاب معظم دول أوروبا , وكان لنا معه الحوار الأطول .

- منذ متى وأنت مغترب ؟
- منذ ما يزيد عن ال 15 عاما.

- هل حققت بهذا الوقت أهدافك ؟
- الكثير منها 
- ألا تفكر بالعودة ؟
- ليس في الوقت الحاضر على ما يبدو, رغم محاولاتي التي باءت بالفشل للعودة 
- أين تشعر بالغربة حالياً هنا أم هناك ؟ ( ضحك قبل أن يجيب )
- في الحقيقة أشعر بالغربة هنا , فبعد كل هذا الوقت أصبح بيتي وأصدقائي و عملي هناك في أمستردام , وهنا أنا مجرد سائح 
- هل وجدت في أوروبا الحلم الذي كنت تطارده ؟ 
- نعم بكل تأكيد رغم الصعوبات التي واجهتها , فمن السخف القول بأن ما تحصلين عليه في بعض الدول الأوربية يمكنك الحصول عليه هنا 
- هل ساعدت أحد الأصدقاء أو الأقرباء بالسفر إلى هولندا ؟
- أبدا رغم محاولتي مرة لمساعدة ابن أخي , ولكن الغريب أنه ما من أحد من الأصدقاء إلا و يسألني بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريقة السفر وكيفية العيش هناك وإذا كان بإمكاني المساعدة .
- وما الغريب في الموضوع , ألم تكن يوماً واحداً من الذين يلحون على السفر ؟ ( ليبتسم مرة أخرى قبل أن يجيب ) 
- نعم كنت كذلك

 

وهكذا بشيء من الصراحة و الود كانت بعض الآراء من شباب سوري يملك حق الحلم بالسفر وحق تحقيقه , على الأقل من وجهة نظره . وشباب آخر اغترب سنين طويلة ليراوده بعدها حلم مختلف بالعودة إلى أرض الوطن . فمنهم من حالفه الحظ  كصديقنا أحمد ومنهم من خاب ظنهم و فعلهم و بقوا في بلاد المغترب أو عادوا أدراجهم محملين بهمّ الفشل و الاغتراب معاً .. 
فبين هنا وهناك تأتي الأحلام وتذهب , منها ما يبقى في إطار الحلم ومنها ما يتحقق , فهل لنا أن نحلم نحن أيضا بأن يصبح وطننا الأم يوماً ما حلم ليس فقط لشبابنا المغترب وإنما أيضاً للأوربيين أنفسهم....

 

 

وعندما سألناه إن كان يعرف ألمانيا جيدا , قال : (( لم أرها يوما إلا عن طريق الصور, ولكنني سمعت عنها الكثير من الأقارب و الأصدقاء اللذين عاشوا فيها ))