غادة شعاع ... حكاية ذهبية .. من سوريا

غادة شعاع ... حكاية ذهبية .. من سوريا

 

سهير الذهبي – شام نيوز

 


في بلدة محردة بمحافظة حماه وفي العاشر من ايلول عام 1972ولدت غادة شعاع, لتكون اول بطلة سورية تسجل اسم سوريا بأحرف من ذهب في سجل الاولمبياد, عندما حازت ذهبية العاب القوى في اتلانتا بالولايات المتحدة عام 1996, ولتتحلى وعن جدارة بلقب رياضية القرن في سوريا.. لقب أتى نتيجة طبيعية للانجازات الرياضية غير المسبوقة التي حققتها لسوريا في ميادين ام الالعاب عربيا وقاريا ودوليا والتي قفزت بالرياضة السورية إلى العالمية.

 

الطفولة والبدايات:

اظهرت غادة موهبة فطرية من خلال ممارستها لكرة السلة في مدرستها وفي النادي الذي يحمل اسم بلدتها محردة، ونظرا لموهبتها وقوتها البدنية دفعها مدرس الرياضة الى المشاركة خارج منطقتها وبعدها في بطولة سوريا لسباق الضاحية للمدارس الابتدائية, فانتزعت المركز الأول بسهولة وكانت في الثانية عشرة من عمرها.

استمرت غادة في ممارسة العاب القوى وتحديدا سباقات الضاحية حتى عام 1989 قبل أن تتحول إلى ممارسة كرة السلة الى جانب ألعاب القوى, وأصبحت خلال فترة قصيرة أبرز لاعبات المنتخب السوري لكرة السلة، واستعان بها ناديا الثورة الدمشقي والجلاء الحلبي في مشاركاتهما الخارجية, واختيرت مرات عدة كأفضل لاعبة عربية في بطولات إقليمية, لتتلقى بعد ذلك عروض احتراف من أندية خارج سوريا, إلا أنها فضلت العودة الى حبها الأول والتفرغ لألعاب القوى, هذه الرياضة الفردية التي ساعدتها فيها طبيعة بلدتها البسيطة على الـتألق, فكان السهل والجبل والشجرة أدواتها في التدريب الطويل أثناء فترة الطفولة, دون أن تحتاج الى أدوات ونواد عادة ما يحتاجها الرياضيون ويدفعون لقاءها الكثير من الأموال.

قصة الأرنب:

تقول غادة : "كنت في الثانية عشرة من عمري وانا في طريقي ذات يوم إلى المدرسة، وكان يفصلني نحو عشر دقائق عن قرع جرس بداية الدرس الأول عندما صادفت رجلا طاعنا في السن يحمل ارنبا، وفجأة سقط الارنب منه وفر هاربا وحاول الرجل يائسا الامساك به دون جدوى فجلس حزينا يضرب كفا بكف، فما كان مني إلا أن جريت وراءه وسبقته وامسكت به... ووجدت نفسي بعيدة جدا عن المدرسة فضاعفت السرعة واودعت الارنب في منزلي وتابعت ركضي إلى المدرسة التي وصلتها مع رنين جرس الدخول إلى الصف، وبعد انصرافي اكملت مهمتي وسلمت الارنب إلى صاحبه الذي لم يصدق ما حدث".

 

شعاع أضاء تسعينات سوريا:

بداية الرحلة كانت عام 1991 خلال بطولة سوريا عندما سجلت رقما سوريا جديدا قدره 4493 نقطة في المسابقة السباعية.

وفي أول تجربة دولية لها احتلت مركزا متقدما في بطولة العالم لالعاب القوى في طوكيو عام 1991 مسجلة 5066 نقطة، وفي العام ذاته حسنت رقمها في بطولة اسيا في ماليزيا وحلت في المركز الثاني عالميا مسجلة 5425 نقطة.

تابعت غادة صعودها في دورة الالعاب العربية السابعة عام 1992 في دمشق واحتلت المركز الأول مسجلة 5528 نقطة، كما احرزت لسوريا في الدورة ذاتها ذهبيتي الوثب الطويل ورمي الرمح, وفضيتي الوثب العالي وسباق التتابع 4 مرات 100 م.

وكانت دورة العاب البحر المتوسط الثانية عشرة في كاب داغد بفرنسا عام 1993 بداية دخولها العالمية, عندما تخلت عن المشي خطوة خطوة وقفزت برقمها 890 نقطة فسجلت 6168 نقطة ونالت الميدالية الفضية.

سطرت غادة اسمها في سجل العالمية في دورة النوايا الحسنة في مدينة سان بطرسبورغ الروسية عام 1994 بميدالية برونزية مسجلة 6361 نقطة، وفي نفس العام 1994 احرزت ذهبية الالعاب الاسيوية في هيروشيما باليابان مسجلة 6260 نقطة.

وكان بطولة غوتسيش النمساوي الدولية عام 1995 تمهيدا للفوز في البطولة العالمية منتزعة المركز الاول, بعد أن ابعدت كبرى بطلات العالم وسجلت 6760 نقطة، وهو أفضل رقم عالمي سجل في ذلك العام في المسابقة السباعية الدولية.

وتوجهت الانظار نحو البطلة السورية غادة شعاع في بطولة العالم لالعاب القوى في غوتنبرغ بالسويد عام 1995، وهناك انتزعت اللقب العالمي مسجلة 6651 نقطة بعد أن قهرت عملاقات العالم, وحققت فوزا كبيرا للرياضة السورية وتوجت بطلة العالم بألعاب القوى.

بعد ذلك سجلت رقما شخصيا مقداره 6942 نقطة في لقاء غوتسيش النمساوي في 26 مايو 1996، وهو أفضل رقم عالمي سجل وقتها منذ خمس سنوات.

لم تخيب البطلة السورية العالمية امال بلادها في دورة الالعاب الاولمبية في اطلنطا عام 1996 وتفوقت على كل المشاركات لتنال الميدالية الذهبية الأولى لسوريا في تاريخ الالعاب الأولمبية, بعدما سجلت 6780 نقطة وبفارق كبير عن وصيفتها البيلاروسية ناتاشا سازانوفيتش (6563 نقطة) والبريطانية دينيز لويس (6489 نقطة).

وكانت ذهبية غادة الميدالية الأولمبية الثانية لسوريا بعد فضية المصارع البطل السوري جوزيف عطية في اولمبياد لوس انجلس عام 1984 والتي حقق فيها ثاني بطولة العالم بالمصارعة.

في الموسم التالي، تعرضت شعاع لإصابة بالغة غيّبتها عن الساحة الرياضية حتى عام 1999، حينما شاركت في بطولة العالم لألعاب القوى وحلّت في المركز الثالث. منعتها الإصابة من الدفاع عن لقبها في دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في سيدني بأستراليا عام 2000.

 

 


واليوم:

اليوم تقول غادة شعاع انها ترفض التوجه الى التدريب على الارجح, مؤكدة انها تلقت عروضا مغرية للهكل كمدربة العاب قوى في دول عربية واجنبية ليست سوريا من بينها.

بطلة العاب القوى تعشق الان لعبة الغولف وتمارسها في ألمانيا التي تقيم فيها بعد ان حصلت على جنسيتها, وهي تعمل هناك مديرة تسويق ومبيعات لمنطقة الشرق الاوسط في شركة كبرى لانتاج مواد العناية بالبشرة والتجميل.

" أعيش الآن في ألمانيا, مرتاحة وسعيدة جداً فيها وبعملي. أتمنى أن أحصل على عرض من القنوات العربية الرياضية, فأنا أحزن عندما أرى معظم اللذين شاركوا معي في المسابقات والبطولات على شاشات التلفاز, ليس هذا فقط, ولهم وجودهم أيضاً في اللجنة الأولمبية..... للأسف, في بلادنا لا يفخرون بأبطالهم. أتمنى أن أرى أسماء جديدة لامعة في عالم اللعبة , ولكن أتمنى ايضا أن يتم الاهتمام أكثر بالأبطال السابقين".