فارس الخوري و"الحماية الدولية"

جمعة بعد جمعة... تتوالى الأسماء... أسماء تعزز الانقسام وتبث الفتن... أسماء لها دلالات كثيرة بعد تصويتات مزورة تختار "صفحة الثورة" منها ما يخدم مصالحها... لكن هذا الأسبوع لم يكن هناك تصويت ليخرج اسم الجمعة "الحماية الدولية"... ليعبر عما يراد من هذا اليوم بكل وضوح...

الذاكرة القصيرة للسوريين أنستهم العراق.. وكانت اقصر عندما أنستهم ليبيا.. ليخرج البعض منهم يحمل لوحات كتب عليها نطالب بحظر جوي أو تدخل دولي... كل هذا يبرر بأنه خرج من أفراد غير واعين لما يحدث. لكن الموقف الأبرز كان من بعض رموز المعارضة.. التي شدت على أيدي من نادى بالتدخل الأجنبي.. لتبرر اسم الجمعة بأنه دعوة للإعلام الحر والمراقبة الدولية من قبل المنظمات الدولية فقط لا الدول الغربية وكأن الناتو لا يسيطر عليه دول معروفة.. أو أن قرارات الأمم المتحدة تأخذ بمنأى عن إرادة أميركا وأوروبا... وكأن التبشيريات التي دخلت بلدنا منذ زمن لأغراض غير سياسية كانت وسيلة للتدخل في شؤوننا كغيرها من المؤسسات التي تحمل عناوين تستر بها رغبتها بالتلاعب في مصائرنا..

هؤلاء "المثقفون" كما يدعون كان همهم الحفاظ على ماء وجههم أمام الشارع.. كانوا يريدون الحفاظ على شرعيتهم التي لا يعلمون ممن يستمدونها ولو كان ذلك على حساب سوريا...

اليوم وبحسب كثير من المراقبين فإن أعداد التظاهرات قد تراجعت... ربما لم يصل السوريون إلى تحقيق جميع مطالبهم... لكنهم ضد التدخل الخارجي الذي كان من المفترض أن يخرجوا إلى الشوارع لندائه.. لذلك قلت أعداد المتظاهرين.. الكثير من السوريين كانوا أوعى من ترديد شعارات كالببغاوات... الأمر الذي عملت بعض المحطات على تأجيجه عبر اختراع قصف جوي.. وتحليق طيران فوق المدن السورية من اجل الدعوة لفرض حظر جوي على سوريا...

ان اتفقنا أو اختلفنا علينا ألا ننسى أننا سوريون وأننا قادرون على حل مشاكلنا بأنفسنا وبمجرد التفكير بالدعوة لحماية دولية هذا اعتراف منا على عدم قدرتنا على حماية أنفسنا وعدم قدرتنا على التوصل إلى حل بمفردنا... لأن أي حماية كانت هي نوع من التدخل الأجنبي شئنا أم أبينا... فهل ننتظر مصيرا مثل ليبيا والعراق وبأسوء الاحتمالات لبنان يتلاعب فينا سفراء الدول معيدين عصر المندوب السامي...

ويبقى التاريخ السوري مذكرا للسورين فذات مرة وقف الزعيم فارس الخوري على المنبر وألقى خطبة تردد صداها في أنحاء سورية فقال "ليس من شك في أن دفع خطر الاستعمار يتوقف على وعينا لكل ما يُدس بيننا ويعمل على تفرقتنا... وإذا كانت فرنسا تتحجّج بأنها في بلادنا لحماية الأقليات، فأنا من هذا المنبر أعلن أننا في غنى عن هذه الحماية.. وأما إذا أصرت فرنسا...فأنا من هذا المنبر أشهد ألا إله إلا الله..."