"فتاوى" البيروقراطية السورية

زياد غصن-شام إف إم
ليست هناك مشكلة قانونية أو إدارية أو إجرائية في هذه البلاد، إلا ولها فتوى عند أصحاب الشأن والخبرة والعلم.
وإذا كانت الفتوى في الدين هي بيانٌ للحكم الشرعي حيال مسألة معينة وتُعطى لكلّ سائل أو مستفت، فإنها في عمل مؤسسات الدولة عبارة عن "تخريجة" قانونية وإدارية لمعالجة قضيةٍ ما، ولا تستخدم إلا في حالات خاصة واستثنائية مرتبطة بعوامل معينة.
وفي ظل عجز البلاد عن تبسيط تشريعاتها وأنظمتها وتنقيتها من الغموض والعمومية والاستثناءات، فإن الفتوى تحولت إلى مقصد للمؤسسات والأفراد الباحثين عن حلٍّ لمشكلاتهم مع القوانين والأنظمة، أو للتهرب من المحاسبة، أو لتغطية وتبرير الفساد الممارس، أي كلٌّ حسب غايته وهدفه يبحث عن الفتوى التي تناسبه.
لكن فتاوى البيروقراطية السورية إذا صحّت التسمية ليست متاحة لعموم المواطنين والمحتاجين لها، وإنما هي أشبه بخدمة خاصة تعطى كرمال المحسوبيات، والنفوذ، والمال، والسلطة.
ومع ذلك لنعتبر أن جزءاً من هذه الفتاوى نتجت بفعل التجربة والتطبيق لهذا القانون أو ذاك الإجراء وبنية حسنة، فإن ذلك يجعلنا نسأل ما يلي:
هل قامت الجهات العامة بجمع تلك الفتاوى بحالاتها المختلفة، ودراسة سبل الإستفادة منها في تبسيط معاملات المواطنين وتسريع حصولهم على حقوقهم وخدماتهم؟
حتى نمنع الفتاوى من أن تكون استثنائية وباباً جديداً للفساد لتعمم وتطبق على جميع الحالات المتشابهة، ومن دون أن يضطر المواطن إلى الإستعانة بصديق نافذ، أو أن يعمل بالمثل الشعبي القائل: هين فلوسك ولا تهين نفوسك.