فضيحة الفساد تأجج الخلاف الصامت بين غل وأردوغان

ساهمت الفضيحة السياسية والمالية التي تعصف بحكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا في تأجيج الخلاف الصامت والمستعر بين الرئيس عبد الله غل ورئيس الحكومة رجب طيب أردوغان.

وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها اليوم أن غل اغتنم الفضيحة التي تهز الحكومة ليبرز ما يميزه عن أردوغان إلى حد بات يظهر في موقع المنافس له قبل ثمانية اشهر من الانتخابات الرئاسية.

ورأى التقرير أنه في الوقت الذي بات فيه أردوغان يحمل بإسهاب في خطب طويلة على جميع أعدائه ويتهمهم بمحاولة الإطاحة به وبزعزعة استقرار البلاد فإن غل يلزم الصمت ولا يخرج عنه إلا للدعوة إلى التهدئة والجمع بين الأتراك.

وأوضحت الوكالة في تقريرها أن غل يتخذ منهجيا الموقف المعاكس لأردوغان حيث قال "إنه لن يتم غض النظر ولا يمكن غض النظر عن الفساد "مشيرة إلى أنه مع انتخاب غل رئيسا في عام 2007 بدأ مسار الاثنين يتباعد تدريجيا وان الخلاف بينهما بات واضحا خلال انتفاضة حزيران ضد الحكومة حيث قال غل وقتها " ان على قادة البلاد أن يبذلوا مزيدا من الجهود للاصغاء إلى مختلف الآراء والمخاوف "في الوقت الذي كانت فيه الحكومة تنعت المتظاهرين بالمخربين واللصوص.

ونقل التقرير عن معلقين قولهم "إنه رغم ان الرجلين تجنبا حتى الآن أي مواجهة مباشرة إلا ان الأزمة الحالية عمقت الهوة التي تفصل بينهما ".

ولفت الأستاذ يوكسل سيزجين من الجامعة الأميركية في سرقوسة إلى تفاقم العلاقة بين غل وأردوغان إلى ابعد حد عندما عارض الرئيس سبعة من الوزراء العشرة الذين اقترحهم أردوغان خلال التعديل الوزاري الأخير الذي سرعت به الفضيحة.

بدوره رأى نهات علي أوكان من جامعة توب الخاصة بأنقرة أن هناك الآن منافسة شخصية بين الرئيس التركي ورئيس وزرائه مؤكدا أن هذا الوضع الجديد أصبح فرصة بالنسبة لـ غل وبإمكانه أن يحقق من خلاله تقدما حقيقيا إذا تفاقمت المشاكل التي تهدد أردوغان الذي يرغمه قانون داخلي في حزب العدالة والتنمية على التنحي عن منصبه بعد ولايته الثالثة في عام 2015 رغم طموحاته الرئاسية.

واعتبر دبلوماسي غربي أن العديد من أعضاء حزب العدالة والتنمية غير راضين عن تصرف أردوغان منذ بداية القضية وانه إذا أصبحت أغلبية منهم تعتبره خطرا فسيصعب عليه البقاء.

بدوره أشار جنجيس اكتر أستاذ العلوم السياسية في جامعة سبانجي في اسطنبول إلى أن الغموض يخيم في الوقت الراهن على الوضع معربا عن اعتقاده بان الانتخابات القادمة ستتحول إلى استفتاء حول شرعية أردوغان.

يشار إلى أن الفضيحة السياسية والمالية التي تواجه الحكومة الحالية في تركيا دفعت ببعض الوزراء والنواب إلى الاستقالة كما ان الاتهامات طالت نجل أردوغان نفسه وسط حملة تصفية تقودها الحكومة ضد منافسيها حيث يتوقع الكثيرون ان تؤدي التصفيات إلى تسعير الخلافات بين الحكومة ومنافسيها.

المجلس الأعلى للقضاة الأتراك: مشروع حكومة أردوغان لإصلاح القضاء غير دستوري

في سياق آخر أكد المجلس الأعلى للقضاة في تركيا أن مشروع إصلاح القضاء الذي قدمته حكومة رجب طيب أردوغان الهادف إلى تعزيز رقابة الحكومة على القضاء غير دستوري.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مجلس القضاة وهو أحد أبرز المؤسسات القضائية في تركيا قوله في بيان له اليوم: "إن الاقتراح يخالف مبدأ دولة القانون.. والتعديل مخالف للدستور" منددا برغبة حكومة أردوغان التي تشهد فضيحة سياسة مالية بالمساس باستقلاليته.

ومن المقرر أن تبدأ اللجنة البرلمانية المكلفة المسائل القضائية اعتبارا من بعد ظهر اليوم بدراسة مشروع قانون قدمه حزب العدالة والتنمية الحاكم بحجة إصلاح المجلس الأعلى للقضاة والمدعين عبر تعزيز ثقل الحكومة فيه.

ويوسع هذا المشروع تشكيلة الهيئة ويمنح وزارة العدل الكلمة الفصل بخصوص تعيين القضاة في مؤسسات قضائية مهمة مثل المحكمة الدستورية.

يذكر أن حكومة أردوغان بدأت منذ تفجر فضيحة الفساد المالي والسياسي خلال شهر تشرين الثاني الماضي إثر حملة توقيفات طالت أبناء وزراء بينهم نجل أردوغان حملة تعسفية لمعاقبة عناصر الشرطة والقضاء لكشفهم فضائحها وتورط مسؤوليها بالفساد المالي الذي ترتكبه أعتى الديكتاتوريات في العالم وهددت مدعى عام اسطنبول إذا لم يوقف التحقيق بفضائح الفساد قبل إكما وضعت ثماني قنوات تلفزيونية تركية على لائحة عقوباتها.

وشملت حملات التسريح حتى الآن أكثر من سبعمئة من كبار الضباط وأصحاب الرتب الذين أقيلوا من مهامهم منذ منتصف كانون الاول الماضي.