فلسطين ضحية المشاريع الغربية والمصالح الإقليمية

شام إف إم - مواقع
عوامل كثيرة تؤثر في فهم القضية الفلسطينية منذ نشأة كيان الاحتلال الاسرائيلي قبل نحو سبعين عاماً.
لكن في السنوات الاخيرة أخذت هذه العوامل عناوين جديدة ومسارات مختلفة من حيث تأثيرها في سياق الأحداث المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
مشاريع غربية ودولية كثيرة كانت حاضرة في مسار القضية، وربما أبرزها وأكثرها إثارة للجدل الصفقة التي يروج لها الرئيس الاميركي دونالد ترامب وأوكل تنفيذها إلى صهره جاريد كوشنير الصديق الشخصي لعنصرين مهمين في تركيبة هذه الصفقة، والمقصود هنا رئيس وزراء كيان الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
في المقابل هناك مصالح ومقاربات إقليمية وعربية بالتحديد تلعب دوراً في تحديد اتجاه البوصلة على الساحة الفلسطينية، وإذا كانت صفقة ترامب واضحة المعالم والخلفيات والدوافع التي تصب كلها في مصلحة كيان الاحتلال، ويمكن استقراء ذلك من الاستيطان المنتشر بوتيرة أكبر من أي وقت مضى إضافة إلى القوانين التي يصدرها كيان الاحتلال وتستهدف الفلسطينيين بحماية أميركية، فإن البعد الإقليمي له من التعقيدات من يلقي بثقله على القضية الفلسطينية.
يبرز في هذا الإطار فريقان، كل يلعب أوراقه لأخذ الملف الفلسطيني في الاتجاه الذي يخدم رؤيته، الفريق الأول يتمثل بالسعودية والإمارات ومصر والفريق الثاني يضم قطر، رؤية الفريق الأول الذي تقوده وترعاه السعودية مبنية على التقارب مع الاحتلال الاسرائيلي بشكل علني، وأكثر من ذلك تبني صفقة ترامب والعمل على تمريرها من خلال قنوات عدة، منها الرعاية المصرية لملف غزة وما يتضمنه لاسيما المصالحة والتهدئة مع الاحتلال الاسرائيلي.
أما رؤية الفريق الثاني فهي لا تبتعد أيضا عن التطبيع مع الاحتلال لكنها تحاول الى حد ما إظهار نفسها كمتضامن مع حقوق الشعب الفلسطيني «حتى وان كانت هذه الحقوق تسمح بالتعاون مع الاحتلال»، ويبرز ذلك من خلال ادخال قطر ملايين الدولارات إلى قطاع غزة بعد التنسيق مع الاحتلال وعبره، والموضوع شكل مادة دسمة لتجاذب الاتهامات بين قطر وفريق السعودية، وتراشق الاتهامات هذا ليس إلا محاولة من الفريقين لإقناع الشارع الفلسطيني بأنه الراعي لحقوقه، خاصة وأن طريقة كسب رضا الشارع الفلسطيني قائمة على استغلال الوضع الاقتصادي الكارثي في قطاع غزة والحصار المفروض من قبل الاحتلال على أهالي القطاع منذ سنوات.
لكن ما ينتجه واقع الصراعات بين الاقطاب العرب والإقليميين ليس إلا طمسا لثوابت القضية الفلسطينية، بحيث يصبح وصول الأموال إلى غزة حقاً وثابتاً يحل محل الحقوق والثوابت الأصيلة، وبالتالي لم يعد ادخال هذه الأموال عبر الاحتلال يشكل مشكلة «طالما انها تصل الى القطاع».
أما حق العودة والقدس وغيرها فلا داعي للتركيز عليها لأنها باتت كلمات ومصطلحات لا أكثر أو «هكذا يراها اللاعبون الدوليون أو الاقليميون»، وما يعنيه ذلك ليس إلا وضع مصير الفلسطينيين بيد الاحتلال، فالأموال يجب أن تدخل عبره وكل ما يبقي الفلسطيني على قيد الحياة بيد الاحتلال، وقد لا يستغرب هذا اذا ما وجدنا بان أنظمة عربية بقادتها ومنظريها ومنفذي تنظيراتها بيد الاحتلال.
لكن ما لم يفهمه قادة هذه الدول ان الاحتلال لا ينظر إليهم كحلفاء بل أدوات تساعد في تنفيذ رؤية كيان الاحتلال، وأنه في لحظة تاريخية معينة حيث تتقاطع الأبعاد السياسية والأمنية والعسكرية كما يحصل في غزة في اليومين الأخيرين، فإن البوصلة ستعود إلى مسارها الصحيح وأن العلاقة الحقيقية والواقعية بحكم التاريخ والجغرافيا هي بين احتلال يمارس إرهابه بكل الأشكال، وشعب محتل يمارس حقه المشروع بمقاومة هذا الاحتلال بكل الوسائل.