فول السوق الاجتماعي!

عمار ابوعايد - تشرين
انخفض سعر الدولار، وتفاءل الناس خيراً، ومازالوا ينتظرون قوى العرض والطلب ونظريات اقتصاد السوق الاجتماعي لتخفض أسعار البقدونس والفجل على مؤشر سوق الهال للخضر والحشائش الموسمية، وبعضهم مازال يراهن على إجراءات وزارة الاقتصاد والتجارة الداخلية.
أما جارنا أبو لبيب، فلا يحب الانتظار، وقد بلغ به الغيظ ما بلغ، فقرر أن يقص العقدة، ولا يضيع وقته في فكها. فقاطع أسواق الحشائش، واستجاب لما يدعو إليه أعداء الرأسمالية والإمبريالية العالمية، فطبق تجربة (التنمية الاقتصادية) على السطح، بعد أن نقل الضيعة إليه، وحقق الاكتفاء الذاتي بضربة واحدة!
الفكرة تفتقت في ذهنه خلال زيارته الأخيرة لضيعته، فهناك تنبت الحشائش الدولارية الثمينة، على عواهنها، وتغدق النعم على الجميع، فلماذا يحرم نفسه منها، بينما يتبخر نصف راتبه في المدينة بزيارة واحدة لسوق الخضر؟!. وبعد تأمل وتفكير صرخ كما فعل أرخميدس في الحمام: وجدتها .. وجدتها!.
ملأ الصندوق الخلفي للسيارة بتراب زراعي خصب، ومر على البقرات، فاستعار بعض السماد الطبيعي أيضاً. وعلى سطح منزله بدمشق، قام برصف عشرات الصناديق الكرتونية، و زرع فيها البقدونس والنعنع والباذنجان والفليفلة والفول، حتى أصبح لديه حقل كامل من الخضر، يتباهى بها أمام الجميع، كأنه نبوخذ نصّر يتباهى بحدائق بابل المعلقة!.
لم يكن جارنا أبو لبيب بحاجة لنظريات سمير أمين الاقتصادية حول المراكز والأطراف، ونصائحه بفك الارتباط، والاعتماد على الذات لتحقيق التنمية الاقتصادية، وربما لم يقرأ عن نظريات التبادل اللامتكافئ، وكيف تنهب الدول الغنية ثروات البلدان الفقيرة، وكيف يسرق الرأسماليون العمال والفلاحين والموظفين بقوة القانون.
هو ليس بحاجة إلى كل ذلك. اعتمد على فطرته السليمة، واكتشفها وحده. زرع الفول على السطح وفك الارتباط مع فول السوق الاجتماعي!.