في الاحتمال الديمقراطي

يقول الفيلسوف الليبرالي جون ستيوارت ميل في القرن التاسع عشر، بأن تأسيس السلطة الديموقراطية يتطلب مستوى متقدماً من الحضارة، واعتبر أن البلدان غير الغربية (كبلادنا) ليست مؤهلة للحكم الذاتي وتحتاج إلى سلطة مطلقة رشيدة لكي تحكمها، ومن الأفضل أن تكون السلطة فيها بإدارة الغرب. ولم يكن ميل وحده في هذا الموقف العرقي، بل تشارك فيه معظم المفكرين في تلك الفترة!
وتشير الدراسات التاريخية إلى أنه قل أن توطّد نظام ديموقراطي من دون ممارسة الجماهير لدورها في النضال والتحرك على نطاق واسع، ولفترات طويلة أحياناً.
يجب إقناع الجماهير أو المواطنين العاديين بضرورة وجود السلطة الديمقراطية من أجل تحقيق طموحاتهم الأساسية، وتنظيم المطالبة بها.
بمعنى آخر لا تأتي الديموقراطية على شكل منح من الأعلى. فالحكام التقليديون والديكتاتوريون والمتنفذون والحكام المتسلطون والمتمسكون بالسلطة مدى الحياة ليس بينهم من يتخلى عن السلطة مختاراً. بل يتخلى فقط عندما يفتقد النظام اعتباره على نطاق واسع، ويقنعه التحرك الشعبي، أو الانقلاب، بأن استمراريته في السلطة لن تستمر بعد اليوم.
ثمة أنظمة عربية كثيرة مرت بهذه المرحلة، وقليلة جداً تلك التي انتقلت إلى ديمقراطية فعلية وتمسكت بها. في حين لا يزال بعضها بل كثيراً منها متمسكاً باللاديمقراطية، بل بما هو أكثر من ذلك كالرجعية الارستقراطية والديكتاتورية العسكرية أو الفاشية.
هل الأنظمة العربية، أو معظمها، تستعصي على الديموقراطية وتظل مستمسكة بأنظمة لاديموقراطية أو دكتاتورية أو متخلفة استبدادية؟ّ ... ولأطول زمن ممكن يكاد يكون مدى الحياة؟!
هشام الدجاني - القدس