في ذكرى رحيل "الماغوط"

شام إف إم - خاص
"كان" يعيش في غرفة بملايين الجدران، حزينٌ يقص حكايا الليل للقمر، مهرجٌ يدرك أن الفرح ليس مهنته، نبذه السرب لأنه عصفور أحدب، فخرج عنه، وعاش الغربة عن الوطن.
عاش على "الحدود" مع وطنه، وشرب نخبه مرات ومرات، فكر أنه سيخون وطنه ولكنه "ما إن غاب عن هذا الوطن أسبوعاً أو أسبوعين حتى نام والدموع تغطي وسادته حنيناً وشوقاً إليه، لا يستطيع البقاء فيه دقيقة واحدة ولا يستطيع الحياة خارجه دقيقة واحدة".
نشأ في أسرة فقيرة في مدينة السلمية بحماة، وتوجه نحو دمشق لإكمال دراسته فلم تكن دمشق لطيفة معه، إذ تعرض للتنمر من قبل زملائه بعد أن راسل والده إدارة المدرسة طالباً منها "الرأفة بابنه" فقاموا بتعليق الرسالة على جدران المدرسة مما جعله أضحوكة لزملائه.
عاد إلى سلمية والتحق بالحزب السوري القومي الاجتماعي دون أن يقرأ مبادئه، ووهبته مهنة والده وأرض أجداده عينَ شاعر، فنشر قصيدة بعنوان «غادة يافا» في مجلة الآداب البيروتية، بعدها التحق بالخدمة الإلزامية في الجيش حيث كانت أوائل قصائده النثرية قصيدة «لاجئة بين الرمال» التي نُشِرَت في مجلة الجندي، وبعد إنهاء خدمته العسكرية استقر في السلمية.
عمل في الصحافة حيث كان من المؤسسين لجريدة «تشرين»، وعمل رئيساً لتحرير مجلة «الشرطة» حيث نشر فيها العديد من المقالات الناقدة في صفحة خاصة من المجلة تحت عنوان «الورقة الأخيرة»، كما كتب الرواية والشعر، وامتاز في القصيدة النثرية وكان من روادها.
وخلال الوحدة بين سورية ومصر، غادر إلى بيروت، وهناك انضم إلى جماعة مجلة شعر وتعرف على الشاعرة سنية صالح، وتزوجا فيما بعد، وفي أواخر الخمسينات عاد إلى دمشق، وكان أصبح شاعراً كبيراً.
يقول صديق: "لا يمكن اختصار الماغوط ببضع كلمات"، وآخرون يرون أن الاقتباس من أعماله خير ما يكتب، والبعض يفضل أن يكتب لمحة قصيرة عن حياته ليمر منها أولئك الذين لم يقرؤوا عن الماغوط يوماً.
تختلف طرق التعبير في ذكرى رحيل الأديب السوري محمد الماغوط الـ 12، ومهما كان ما كتب، وما قد يكتب، فأولئك الذين لم يرحلوا عن دنياهم إلا بعد ترك أثر حقيقي في نفوس الأجيال اللاحقة، وعلى شاشات التلفاز، وأوراق الكتب "اقترفوا خطيئة الغياب.. أما نحن فنقترف خطيئة الحياة دونهم.. ونظل غارقين في الحنين.. مبللين بدهشة الانتظار".