في ظل حمّى التواصل الاجتماعي.. الأسواق الافتراضية «تتربّع» على عرش التسوق بحلب

في ظل حمّى التواصل الاجتماعي.. الأسواق الافتراضية «تتربّع» على عرش التسوق بحلب

خاص - زاهر طحان

طغت الأسواق الافتراضية «الالكترونية» التي انتشرت كالنار في الهشيم خلال السنوات الماضية على صفحات موقع التواصل الاجتماعي، على الأسواق «الحيّة» التي تشتهر بها المدينة ما شكّل فضاءً واسعاً أغنى الحلبيين عن طريقة التسوق التقليدية وأقصاها عن مكانتها.

أسواق افتراضية تناسب مختلف الطبقات 
ومع انتشار هذه الظاهرة في المجتمع السوري بشكل عام، وبين أبناء حلب خاصة، ظهرت على موقع التواصل الاجتماعي عشرات الصفحات التي حملت مسميات مختلفة لأسواق افتراضية متنوعة الاختصاصات تعرض مختلف المنتجات والبضائع والسلع عبر الشبكة العنكبوتية، فمن أسواق اختصت بعرض السيارات المستعملة، إلى أخرى أُنشأت لتلبي متطلبات المواطنين المتعلقة بالمجال العقاري، أما الحصة الأكبر من صفحات الأسواق فتنوعت معروضاتها من حيث الألبسة والهواتف النقالة والحيوانات الأليفة وعروض المطاعم والأجهزة "الالكترونية" على اختلاف أنواعها، والقائمة تطول من حيث أسواق عروض العمل وأسواق الخدمات المنزلية.
والمفارقة أن عدداً من تلك الأسواق لم تقتصر في اختصاصها على نوعية المعروضات فقط، وإنما أخذت على عاتقها مراعاة الأوضاع المادية لمختلف طبقات المجتمع الحلبي، واختصت بعرض المنتجات والمقتنيات التي تتوافق أسعارها مع المدخول المالي المتنوع للأسر الحلبية وفق تسميات تدل على نوع الطبقة المستهدفة كسوقي «الظاظات» و«الأكابر»، وسوق «مستعمل مدينة حلب»، وصولاً لأسواق المنتجات رخيصة الثمن، الأمر الذي جعل من الأسواق الافتراضية تختصر الطريق على أبناء حلب للحصول على مستلزماتهم وفق إمكاناتهم المادية.

اختصار للوقت
 واختصر عبد الحميد، طالب جامعي، لـ «شام إف إم» أسباب اعتماده على الأسواق الافتراضية بالقول: "منذ انتشار الأسواق الالكترونية على (فيسبوك) لم أعد مضطراً إلى النزول للأسواق وقضاء أوقات طويلة في البحث ومناقشة الأسعار مع الباعة كما في السابق، وبتُّ أختصر الطريق على نفسي بالبحث عما أحتاجه بما يناسب إمكاناتي المادية وأنا جالس في منزلي، وبعد العثور على مبتغاي لا يتطلب مني الأمر سوى زيارة سريعة إلى مكان محدد للشراء".

«الفيسبوك» بديل عن الإعلانات 
وانعكس انتشار هذه الأسواق بشكل إيجابي واضح على أصحاب المحال والمنشآت التجارية والسياحية التي تعتمد النشر فيها من حيث إقبال المواطنين ونشاط الحركة في محلاتهم، وحول ذلك يقول نشأت صاحب محل لبيع الألبسة لـ «شام إف أم»: "منذ اعتمادنا الترويج ونشر صور معروضاتنا ومنتجاتنا والترويج في الأسواق الافتراضية، لاحظنا نشاط الحركة التجارية في محلنا وارتفاع نسبة الإقبال من الزبائن، لذلك بتنا نعتمد هذه الطريقة في الترويج وخاصة أنها خفّفت عنّا أعباء التكلفة المالية المرتفعة للإعلانات".

معروضات خيالية
ولم تقتصر مهمة الأسواق الافتراضية على الأغراض التجارية، بل أصبحت تعتبر حيزاً للترفيه وتبادل الطرائف التي قد لا تبتعد كثيراً عن مواضيع البيع والشراء، من خلال طرح بعض المعروضات «التخيلية» الطريفة للبيع في الصفحات، كالتنانين والديناصورات والأطباق الطائرة، الأمر الذي لاقى تفاعلاً كبيراً من قبل أعضاء ومشتركي هذه الصفحات.
وتجاوز الاشتراك والتفاعل والنشر في أسواق حلب الافتراضية أصحاب الفعاليات التجارية والصناعية والسياحية الموجودة في محافظة حلب، حيث لوحظ في الآونة الأخيرة نشر أنواع مختلفة من سلع ومعروضات الأسواق والمحال الحقيقية الموجودة في عدد من باقي المحافظات السورية كدمشق وحمص وحماة.

حالات نصب واحتيال 
ورغم اكتسابها مصداقية كبيرة في أوساط الشارع الحلبي، إلا أنه سُجّل بعض حالات الاحتيال على متسوقين نفّذها بعض المشتغلين، خاصة فيما يتعلق بمستحضرات التجميل و«حبوب التنحيف» التي تستقطب عدداً لا بأس به من الفتيات الباحثات عن الرشاقة، كما حدث مع لمى، موظفة في إحدى الشركات الخاصة، والتي تحدثت لـ «شام إف إم» بالقول: "شاهدت عرضاً لنوع من حبوب التنحيف والرشاقة على إحدى الصفحات التجارية الافتراضية، وأغرتني طريقة الترويج لهذه الحبوب من حيث الصور والمحادثات التي نقلتها صاحبة المنشور، وفق زعمها، عن فتيات قمن بتجربة هذه الحبوب (الفعالة)، إلا أنني انصدمت بعد تجربتها في ظل عدم استفادتي منها بشكل نهائي، بل وعلى العكس فإنها تسببت لي بوعكة صحية، ورغم محاولتي استعادة المال الذي دفعته للبائعة إلا أن المحاولة باءت بالفشل كوني لم أستطع الوصول إليها مجدداً لا على أرض الواقع أو حتى عبر (الفيسبوك)". 
وتحظى الأسواق الافتراضية على «الفيسبوك» في حلب، بمتابعة شعبية واسعة من معظم أهالي المدينة الذين اعتادوا الدخول بشكل يومي إلى الصفحات للاطلاع على المنتجات الجديدة ومراقبة عن كل سوق جديد يتم إنشاؤه للاشتراك فيه، الأمر الذي انعكس على عدد من تلك الأسواق والذي ارتفع بشكل هائل خلال الأشهر الستة الفائتة ليبلغ ما يزيد عن /75/ سوقاً متنوع الاختصاصات.