الصفحة الأخيرة

في عزاء عادل محمود

اقتصادية

الأربعاء,١٦ تشرين الثاني ٢٠٢٢

زياد غصن - شام إف إم



سلامات

في عزاءِ الشاعر الكبير عادل محمود أمس، لم تكن هناك سياراتٌ سوداء، ولا قطعُ طرقاتٍ، ولا مرافقةٌ، ولا أكاليلُ وردٍ باسم المسؤولين، ولا دورياتُ شرطةِ مرورٍ.

كان هناك فقط كثيرٌ من محبي الشاعر، أصدقاؤه، ومعارفُه

هذا الفرق بين عزاء المسؤولين وأقارِبهم، وبين عزاء النخبِ الثقافية والفكرية في المجتمع السوري.

الأول استعراضي، اجتماعي مليء بالمجاملات الخالية في معظمها من المشاعر الصادقة، وفي الثاني طيفٌ واسع من العواطف النبيلة، الألفةِ غير المصطنعة، والإحساسِ بحجم الخسارة والوجع

ومع أنني كنت أتوقع في كل مرة، أن أجد مسؤولين رسميين، على الأقل بصفتهم الشخصية، في عزاء مفكرين وشعراء بحكم أن بعض هؤلاء المسؤولين يدَّعون الثقافة، القراءة، ومجالسة المثقفين والمتنورين

لكن إذا كانوا لا يعرفون مثلاً قمر الزمان علوش، فهل هم فعلاً لا يعرفون أيضاً عادل محمود، وقبله الكثير من الأدباء والمثقفين الذين رحلوا بصمت عن عالمنا؟

أخطر ما يصيب المجتمعات، هو أن يتراجعَ الاهتمامُ بالمثقفين والمفكرين إلى مراتبَ متأخرةٍ لصالحِ نخبِ المال والسلطة، حتى في حالة الموت.

عندئذ من الطبيعي ألا يحضرَ هؤلاء في صناعة المشهد الثقافي الرسمي، ولا في جهود نشر الوعي والتعليم، ولا في إغناء وتدعيم كفاءات مؤسسات الدولة والمجتمع.

يكفي أن جلّ نتاجهم الثقافي والفكري يصدر في الخارج، لدرجة أن البعض بات يسأل أحياناً... هل الكاتب الفلاني هو سوري الجنسية فعلاً؟

وجميعنا يعلم ماذا يعني ذلك؟ وإلى ماذا يمكن أن يؤدي؟

رحم الله شاعرنا الطيب عادل محمود، وألهم ذويه الصبر والسلوان.


زياد غصن