فيروز.. سفيرتنا إلى النجوم والقضايا العربية

عروب حمود | شام إف إم
فيروز.. صوت قضيتنا
في كل قضاياك هناك دائماً من يناصرك بطريقة ما، وإن كنت تناضل أو تجلس وحيداً، يوجد دوماً صوت يذكرك بأنك لست وحدك، حتّى تظن بأن هذه الأغاني خلقت لقضيتك، هي "فيروز " التي غنّت للشعوب وللقضايا والمبادئ، فغالبية مجتمعنا يستطيع نسب فيروز لقضيته على اختلافها، ولا أحد يستطيع الحكم عليها بالانحياز لأحد.
في عيد ميلاد صاحبة الصوت الملائكي "فيروز" الثامن والثمانين، تعود أغانيها علينا في كلّ مناسبة لترفع همّة الشعوب وتذكّرهم بقضاياهم، حتى نتأكد بأن فيروز تختصر القدس والشام وبيروت ومكّة في أغانيها، لينسبها الجميع له كما هي للبنان.
هي صوت يذكرنا منذ عقود بحقوق فلسطين علينا، وبسلام بيروت، وجمال الاسكندرية، وكبرياء الشام، وعيون بغداد، ومن كل ما غنته فيروز، تبقى للجميع وجه السلام الذي لا يمكن لأحد استخدام أغانيها لغرض واحد فقط.
في الشام، تؤنسك فيروز أينما كنت، في طريقك إلى المدرسة أو العمل، وقبل الاستماع للأخبار، وحتّى في المساء، سواءً كنت في حلب أو دمشق، أو طرابلس في شمالي لبنان أو الضاحية، فجميعنا نحبّ صوتها، صوت الشعوب الذي ناصر كلّ ما نريد، ولم يناصر شخصاً ما وحده.
ياما غنت "في ظلام الليل" لبلاد الشام
نشرت ريما الرحباني (ابنة السيدة فيروز) يوم أمس مقطعاً نادراً لفيروز عبر صفحتها الشخصية، في أحد الاستديوهات بنيويورك عام 1981، تجلس فيروز مع أعضاء الفرقة الموسيقية وتحرك يدها على وزن الأغنية وتدندن حتى تطلق حنجرتها ذهباً وتغني: "في ظلام الليل.. أناديكم هل تسمعون، مات أهلي وعيونهم محدقة في سواد السماء!".
لم تغنّ السيدة فيروز لقبلة العرب الأولى من خلال القصائد أو الحكايات فقط، بل كانت يوماً تعيش كلّ ما غنته في الأراضي المحتلة منذ زيارتها إلى فلسطين مطلع الستينيات، وبكلمات بسيطة روت عن جمال القدس وشوارعها في أغنية "القدس العتيقة"، لتحكي التفاصيل كما عاشتها، وتخلق من يومها تلك العلاقة الوطيدة بين فيروز والأرض المحتلّة بأغنية تبعتها أغنيات، مثل يافا، زهرة المدائن، سلامي لكم يا أهل الأرض المحتلة، أنا لا أنساك فلسطين، جسر العودة.
من دمشق.. هنا القدس
ومن بُعد 320 كم عن القدس، حيث تقبع دمشق يردد صدى أغنية "سنرجع يوماً" لتبقى فيروز جزءاً من ثقافتنا، وإن نسينا تعود الأغنيات العذبة لتذكرنا نحن ومن بعدنا بحب أوطاننا، والغضب لحقوقنا، وحتى الشوق والحنين وكلّ المشاعر التي ينبغي أن تكون فينا.
من يحب دمشق أكثر.. نحن أم فيروز؟
أحبت فيروز دمشق أكثر ما أحبها السوريون أنفسهم، وغنت لها حتى أصبحت مقيمة في المزاج السوري على نحو يفوق حضورها في بلدها لبنان نفسه.
عام 1956 كانت زيارة فيروز الأولى لسورية، من على خشبة معرض دمشق الدولي عندما كان عمرها 21 سنة رافقت السوريين احتفالاتهم، تلتها زيارات عديدة قدّمت خلالها عدداً كبيراً من أغانيها المميزة مثل: أحبّ دمشق، قرأت مجدك، شام يا ذا السيف، نسمت من صوب سورية، مرّ بي، وسائليني، وغيرها الكثير. لتختم مشاركتها الأخيرة في دمشق عام 2008 في دار الأوبرا، عندما قدّمت مسرحية «صحّ النوم».
يذكر أن آخر أغنيات جارة القمر عن الشام كانت «بالغار كلّلت أم بالنار يا شام» من تأليف وتلحين الرحابنة بعد حرب تشرين التحريرية عام 1973.
بعيدها الـ 88.. تبقى فيروزتنا "على البال"
من كان يدري، بأن من يوحي اسمها بالنقاء والندرة والسلام ستكون محركاً لأجيال تتبعها أجيال، هي فيروز، رفيقة أيامنا، وذاكرتنا عن هويتنا، 88 عاماً ولا تزال فيروز صوت الصباح وصوت قضايانا، كل عام وأنت صوت قضيتنا .. وأنت مؤنسة صباحاتنا وأمسياتنا.