"فيروزتي دمشق .. بين الحلم والكابوس سبعة أيام"

صفاء مكنا - شام نيوز
قبل سبعة أيام فقط .. وفي يوم جمعة أسميتها "جمعة الحلم الفيروزي"، حملت وجعي السوري وكنتِ أنت الوجهة .. فيروزتي التي أحب وأريد أن أسمع دون وسيط، صدقيني ما فكرت لحظة أن بمقدوري الإفلات من وجعي السوري ،هو معي يحاول إقناع نفسه بإمكانية الشفاء لمجرد النظر إلى تلك الهالة المحيطة بحضورك العجائبي ..
قبل الوصول إلى مكان تجمّع عشاق الفيروز السوريين في دمشق، بانتظار انطلاق البولمانات المخصصة لنقلنا إلى بيروت.. "عاهدير البوسطة " طبعاً ، مررت بشارع كفرسوسة، تأملت مبانيه المتفاوتة بوظائفها ولا يربط بينها سوى الشارع الحاضن لموزاييكها بزهو وحنو، أعرف مهامها عن ظهر قلب، هنا المركز الأمني الذي يثير في النفوس مشاعر متناقضة مابين الرهبة والرغبة في الإحساس بالأمان، يهمس العابر العليم لرفيق دربه الزائر:
"...هذا مركز أمن الدولة !!!.." ينظر المار إلى حرس المبنى وفي قلبه ما يشبه التحية .. يتمنى أن يقول لهم " يعطيكم العافية شباب " ثم يعدل عن فكرته وهو يفكر " إنهم من طين مثلنا، يضحكون مثلنا ويحزنون.. يلبسون ثياباً دافئة تقيهم برد الطرقات لكنهم يحملون بنادق.. ثم يتوجه بالنظر إلى الميتم القريب حيث الأطفال يرسمون أحلامهم على جدران الباحة مطمئنين إلى أنهم بقرب المركز المجاور سينامون بأمان وسلام ..
وافيروزتي ..
لماذا أكتب عنك الآن .. ؟
كان لابد لي من سبعة أيام حتى أستيقظ منك .. أنتِ الحلم ..
كان لابد لي من سبعة أيام حتى أنزل من القمر الذي اصطحبتنا إليه .. ونسيتنا عنده، في تلك الليلة المسماة "جارة القمر".. وكيف لحالمة مثلي أن تفكر ولو للحظة بأنها ستستيقظ على كابوس غاب فيه القمر وبكت الشمس ..
بعد سبعة أيام فقط .. وكان يوم جمعة أيضاً لكنها"جمعة الكابوس" عدت لأمرّ بشارع كفرسوسة ولم يعد يشبه حاله ..
أين الحرس..المارة .. الأطفال..الشارع والأبنية.. أين الحياة.. !
هنا أشلاء مكان .. هنا يقف رجال كثيرون يرتدون الثياب العسكرية..فضولي الصحفي دفعني لسؤال أحد العابرين: ألا يوجد أحد هنا تعرفه كان قريباً ليحكي لنا ماجرى ..؟
اقتصر الرد على ابتسامة حزينة : ماجرى ..؟ كل الذين كانوا هنا ماتوا.. أو بالأحرى تمزقوا..
وافيروزتي..
قبل سبعة أيام فقط .. وكان يوم جمعة ، كنا مئات من السوريين نقف مصطفين بالدور أمام المسرح الكبير في بيروت بانتظار الدخول، لنستمد من الصوت المعشوق نفساً جديداً وأملاً كبيراً ..
بعد سبعة أيام من جمعة الحلم ..هانحن مئات من السوريين أيضاً نقف بالدور أمام مركز التبرع بالدم "المركز الصغير" في دمشق بانتظار الدخول، للتبرع بالدم النادر وغير النادر علنا ننقذ ماتبقى من حياة لأحد الجرحى..
وافيروزتي ..
قبل سبعة أيام فقط سهرنا ببيروت طرباً وفرحاًوأنتِ تعديننا بمنتهى البساطة: " إن ماسهرنا ببيروت منسهر بالشام " .. وبعد سبعة أيام سهرنا بالشام .. لكن هذه المرة من شدة الوجع .. ولم تكوني معنا.. سهرنا وسهرت الشام لأنها لم تستطع أن تنام ..
استطراد:
كدت أنسى.. سائق التاكسي الحزين الذي أوصلني صباح جمعة الكابوس إلى مكان الانفجار، في الشارع الموزاييكي قال لي: "جبت ولادي ومرتي مبارح من عين ترما إلى بيت أهلي بكفرسوسة على أساس أمان.. صحينا الصبح.. الولاد عالأرض واقعين من تخوتهم من قوة الانفجار ".